رئيسيةأخبار الغازغاز

رسالة من كلمتين.. رد إيران على العراق بخصوص قطع الغاز

عادت أزمة توقُّف إمدادات الغاز من إيران إلى العراق لتتصدّر مشهد الطاقة في بغداد، بخطوة توصَف بأنها "السيناريو الشتوي المعتاد".

ومع دخول ذروة البرد، وجد العراقيون أنفسهم أمام تراجع حادّ في ساعات تجهيز الكهرباء، ليس بسبب أعطال فنية أو انفصال في الخطوط، بل نتيجة تحرُّك من جانب طهران.

وكشف المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى في تصريحات تلفزيونية تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عن ردّ طهران بشأن أسباب توقُّف الإمدادات وموعد عودتها، قائلًا، إن الردّ جاء مقتضبًا: "سنعلمكم لاحقًا".

ووصف موسى الردّ الإيراني بأنه غير واضح ومفتوح على كل الاحتمالات: هل الظروف الطارئة التي يتحدثون عنها بسبب الطقس البارد، أم أعمال صيانة في الخطوط، أم تأخّر في سداد المستحقات؟.

وأكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أنّ تراجُع ساعات تجهيز الكهرباء لم يكن نتيجة أعطال فنية أو انفصال خطوط نقل أو توقّف محطات التوليد، بل سببه المباشر "قطع إمدادات الغاز الإيراني".

إيران تقطع الغاز عن العراق

أوضح موسى أن الوزارة تلقّت برقية رسمية من شركة الغاز الإيرانية تفيد بوجود "ظروف طارئة" تستدعي توقُّف ضخ الغاز، دون تحديد طبيعة هذه الظروف أو مدّتها.

وأضاف: عند التواصل المباشر من قبل وزارة الكهرباء للاستفسار عن موعد انتهاء هذه "الظروف الطارئة"، جاء الردّ ذاته: "سنعلمكم لاحقًا".

وأضاف أن الجانب الإيراني يُبلّغ العراق بقرار القطع قبل ساعة واحدة فقط من التنفيذ، على الرغم من وجود اتفاق واضح ينص على تزويد العراق بكميات تتراوح شتاءً بين 25 و35 مليون متر مكعب يوميًا، وترتفع صيفًا إلى 55 مليون متر مكعب.

المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسىوبيّن أن العراق لم يكن يتسلّم فعليًا خلال الأسابيع الأخيرة سوى 5 ملايين متر مكعب يوميًا فقط، أي أقل بكثير من الحدّ الأدنى المتفق عليه.

وأدت خطوة إيران تقطع الغاز عن العراق إلى فقدان المنظومة الكهربائية أكثر من 4 آلاف ميغاواط يوميًا، نتيجة توقُّف عدد من الوحدات التوليدية وتخفيض أحمال أخرى، ما انعكس مباشرة على ساعات تجهيز الكهرباء في معظم المحافظات.

وأكد موسى أن الأزمة تسببت بتوقُّف عدد من المحطات كليًا، رغم جاهزيتها الفنية، لافتًا إلى أن الوزارة اضطرت بالتنسيق مع وزارة النفط إلى تشغيل بعض الوحدات على الوقود المحلي حلًا مؤقتًا، رغم كلفته العالية وكفاءته المنخفضة مقارنة بالغاز.

الغاز الإيراني

بحسب بيانات سابقة لمنصة الطاقة المتخصصة، يعتمد العراق على الغاز الإيراني لتشغيل محطات رئيسة في المنطقة الوسطى والجنوبية، ولا سيما محطات الدورة المركبة.

وينصّ الاتفاق الموقّع بين الجانبين على توريد ما يصل إلى 50 مليون متر مكعب يوميًا، ضمن عقد ممتدّ لعدّة سنوات.

غير أن الواقع العملي أظهر فجوة كبيرة بين الاتفاق والتنفيذ، إذ تتكرر الانقطاعات سنويًا، غالبًا مع دخول فصل الشتاء وارتفاع الطلب المحلي داخل إيران، ما يجعل العراق أول المتأثرين بتقليص الصادرات.

وفي وقت تؤكد فيه بغداد توقف الإمدادات بالكامل، كشفت مصادر مطلعة أن طهران استثنت تركيا من إجراء القطع، إذ تواصل أنقرة استلام الغاز ضمن تنسيق فنّي وزمني دقيق، وهو ما يسلّط الضوء على تفاوت إدارة طهران لعقودها الإقليمية.

وتشير بيانات منصة الطاقة إلى أن واردات تركيا من الغاز الإيراني تقترب من 7 مليارات متر مكعب منذ بداية العام حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول، ضمن عقد طويل الأمد أكثر مرونة واستقرارًا.

ويُرجع خبراء ذلك إلى اختلاف البنية الفنية؛ فالعراق يتغذى من "الأنبوب السادس" المرتبط بمناطق غرب إيران الأكثر استهلاكًا في الشتاء، بينما تعتمد تركيا على "الأنبوب التاسع" الأكثر مرونة.

تعثُّر البدائل المؤقتة

زاد من تعقيد الأزمة توقُّف الاتفاق مع تركمانستان، الذي كان يعتمد على آلية مقايضة ومرور الغاز عبر الأراضي الإيرانية، ما جعل العراق دون بديل جاهز لتعويض النقص المفاجئ.

وفي المقابل، تؤكد وزارة الكهرباء أن المنصات العائمة لاستيراد الغاز المسال لن تدخل الخدمة الكاملة قبل يونيو/حزيران المقبل، ما يعني استمرار الاعتماد على الغاز الإيراني خلال الأشهر المقبلة.

ليست هذه المرة الأولى التي تقطع فيها إيران الغاز عن العراق، لكن هذه المرة تحمل طابعًا أكثر وضوحًا من حيث الرسائل غير المباشرة، سواء المتعلقة بأولويات الاستهلاك الداخلي الإيراني، أو بتوازنات السياسة والطاقة في المنطقة.

وبينما تنتظر بغداد إشعارًا لاحقًا من طهران، تبقى المنظومة الكهربائية العراقية رهينة إمدادات غير مستقرة، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تسريع استثمار الغاز المصاحب.

تشير تقارير وزارة النفط العراقية إلى تقدُّم في استثمار الغاز المصاحب، حيث وصلت نسبة الاستثمار إلى 70% في عام 2025، مقارنة بـ 53% في 2022، إذ يهدف العراق للوصول إلى الاكتفاء الذاتي بحلول عام 2027 أو 2028، لتوفير فاتورة سنوية تبلغ 4 مليارات دولار.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق