الغاز في أفريقيا.. مصدر واعد لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء (تقرير)
نوار صبح
- الطلب المحلي على الغاز في أفريقيا مُهيّأ للارتفاع بصورة كبيرة في السنوات المقبلة
- قطاع النفط والغاز في أنغولا شهد انكماشًا في تأثيره الاقتصادي خلال العقد الماضي
- موريتانيا والسنغال دخلتا مجال الغاز المسال وأصبحتا من الدول المُصدّرة في عام 2025
- الغاز الطبيعي يُزوّد حاليًا 40% من كهرباء القارة
يُعدّ الغاز في أفريقيا مصدرًا واعدًا لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء وتشغيل المنشآت الصناعية، وتدرك بلدان القارة أن هذا الوقود، من بين مواردها العديدة، يمثّل مسارًا موثوقًا وسريعًا للنمو الاقتصادي والاستقلال في مجال الطاقة.
وفي تقريرها "حالة الطاقة في أفريقيا.. توقعات 2026"، تُفصّل غرفة الطاقة الأفريقية كيف تتحول هياكل الطاقة في العديد من الدول المنتجة للغاز من احتكاره بوصفه منتجًا تصديريًا رئيسًا إلى بناء أسواق محلية محورها الغاز.
وحسبما أوضح التقرير، فإن الطلب المحلي على الغاز في أفريقيا مُهيّأ للارتفاع بصورة كبيرة في السنوات المقبلة، مدفوعًا في المقام الأول بتزايد احتياجات الكهرباء، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعدّ العديد من الدول الأفريقية أمثلة بارزة على طريقة إسهامات الاستثمارات المستقبلية في إنتاج الغاز في تشغيل قطاعات صناعية بأكملها، وسيُشكّل الغاز الطبيعي، في خضم تحول الطاقة العالمي، وقودًا انتقاليًا يُمهّد الطريق أمام أفريقيا نحو مستقبل مستدام.
نهضة الغاز في أفريقيا.. أنغولا مثالًا
شهد قطاع النفط والغاز في أنغولا انكماشًا في تأثيره الاقتصادي خلال العقد الماضي وسط تراجع الإنتاج.
ورغم ذلك، يدرك صُنّاع القرار الأنغوليون تمامًا القيمة الهائلة غير المستغلّة لاحتياطيات الغاز في البلاد، وتعكس التحركات الأخيرة في هذا القطاع التزامًا بتحقيق إمكاناته.
وبدأت رحلة أنغولا في الساحة العالمية للغاز مع إنشاء محطة أنغولا للغاز المسال عام 2008.
وحوّلت هذه المحطة الغاز المصاحب (الغاز الموجود في الآبار بجانب النفط الخام)، الذي كان يُحرق أو يُعاد حقنه سابقًا، إلى غاز مسال قابل للتصدير، ما أدى إلى خفض انبعاثات قطاع التنقيب والإنتاج بصورة كبيرة، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وكان الغاز الطبيعي الخام (أو المادة الأولية) الذي يُعالج ويُسال لإنتاج الغاز المسال يأتي في البداية من حقول بحرية رئيسة تديرها شركات إكسون موبيل وتوتال وإيني/بي بي، ثم جرى تعزيزه لاحقًا بالغاز من حقول أخرى تديرها شركتا إيني/بي بي وشيفرون.
وعلى الرغم من أن نصف الغاز المصاحب المُنتَج في أنغولا اليوم لا يزال يُعاد حقنه في الآبار، للحفاظ على الضغط وتعزيز استخلاص النفط، فإن التقدم المُحرز مؤخرًا يهدف إلى زيادة كميات الإمداد إلى محطة الغاز المسال.
مُصدّران ناشئان للغاز المسال.. النجاح المشترك لموريتانيا والسنغال
من الأمثلة المتميزة لمشروعات الغاز في أفريقيا، دخلت موريتانيا والسنغال مجال الغاز المسال، وأصبحتا من الدول المُصدّرة في عام 2025 مع مشروع تورتو أحميم الكبير، وهو مشروع مشترك في المياه العميقة.
وقد وفّر هذا المشروع العابر للحدود، الذي يضم بنية تحتية تحت سطح البحر، ووحدة إنتاج وتخزين وتفريغ عائمة، ووحدة عائمة للغاز المسال، ما يقارب 3 آلاف فرصة عمل محلية، وشارك فيه نحو 300 شركة محلية.
وفي عام 2015، تغلّب المطورون على عقبات توحيد الوحدات من خلال الحوار، وتوصلوا إلى شروط عادلة، بما في ذلك التزامات الغاز المحلية.
واتخذ المشروع قرار الاستثمار النهائي، واتُّفق على نموذج وحدة الغاز المسال العائمة، مستوحى من عمليات تحويل ناقلات النفط الناجحة التي حافظت على تنافسية التكاليف في مشروعات سابقة رغم تحديات المياه العميقة.
ويمكن أن تُضاعف التوسعات المستقبلية الإنتاج من خلال تحديثات السفن منخفضة التكلفة، ومع ذلك، يُحذّر التقرير من مخاطر فائض العرض في السوق، وتعهدات الحكومة القومية الجديدة في السنغال بمراجعة العقود، التي قد تُضيف مخاطر إضافية.

تسخير تجمعات الكهرباء الإقليمية لتحقيق التكامل القاري
بحلول عام 2025، من المتوقع أن يصل إجمالي إنتاج الغاز في أفريقيا إلى 331 مليار متر مكعب، بقيادة كبار المنتجين: الجزائر ونيجيريا ومصر.
ويُزوّد الغاز الطبيعي حاليًا 40% من كهرباء القارة، إذ تُسهم حصة شمال أفريقيا البالغة 32% في معظم هذا الإنتاج.
وبحلول عام 2050، يُمكن أن ترتفع قدرة توليد الكهرباء بالغاز بأكثر من 77 غيغاواط، وسط توقعات بأن تبقى حصته في مزيج الطاقة الإجمالي عند نحو 40%.
ويُبيّن هذا كيف يُمكن للغاز أن يُشكّل وقودًا انتقاليًا خلال النمو المتوقع في مصادر الطاقة المتجددة، فضلًا عن مرونته في دعم الطاقة الشمسية وطاقة الرياح خلال فترات انخفاض الطلب.
من ناحية ثانية، تتجه دول عديدة نحو التخلص التدريجي من الفحم والنفط، وتُدمج تقنية تحويل الغاز إلى كهرباء في إستراتيجياتها الوطنية، مع التركيز على استيراد الغاز المسال أو الاعتماد على مصادر الطاقة المحلية، ومن ذلك على سبيل المثال- اعتماد نيجيريا تحويل الغاز إلى كهرباء محورًا أساسيًا في خطتها الرئيسة.
موضوعات متعلقة..
- التنقيب البحري عن النفط والغاز في أفريقيا.. 4 دول تحرز تقدمًا ملحوظًا (تقرير)
- إنتاج الغاز في أفريقيا.. دول جنوب الصحراء تقود طفرة النمو بحلول 2035
- قدرة توليد الكهرباء بالغاز في أفريقيا تبلغ 115 غيغاواط.. وهذه أكبر الدول (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- إستراتيجية ترمب للأمن القومي والطاقة.. أنس الحجي يقدم قراءة نقدية
- أمين عام دي-8: سرقة النفط في نيجيريا انتهت.. والمجموعة تواجه تحدي نقص الطاقة (حوار)
- لخفض الانبعاثات الكربونية.. دراسة مصرية تدمج الزراعة دون تربة في المدن الذكية
المصدر:
الغاز الطبيعي والغاز المسال: جسر نحو أمن الطاقة والازدهار في أفريقيا، من غرفة الطاقة الأفريقية.





