التقاريرتقارير الغازغاز

جدل حول غموض انبعاثات شركات نقل الغاز في أوروبا.. ما القصة؟

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • خطط تحول الطاقة تهدّد مستقبل شركات نقل الغاز الطبيعي في أوروبا
  • تغير إستراتيجيات الشركات نحو المصادر البديلة للغاز يحمل مخاطر عالية
  • الشركات ما زالت تتجاهل الكشف عن انبعاثات الاستعمال النهائي للغاز المنقول
  • انبعاثات الاستعمال النهائي للغاز في الصناعة والمنازل تُقدّر بـ800 مليون طن سنويًا
  • غموض في الأطر والقواعد المنظمة يسمح بـ3 تفسيرات لانبعاثات الاستعمال النهائي

تواجه شركات نقل الغاز في أوروبا انتقادات متصاعدة، بسبب ضعف إفصاحها عن بيانات انبعاثات أنشطتها المتكاملة، وسط مخاوف من تأثُّرها بمسارات تحول الطاقة.

وأظهر تقرير حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن شركات نقل الغاز الأوروبية ما زالت تتعمّد الغموض في الكشف عن الانبعاثات السنوية الناتجة عن الاستعمال النهائي أو حرق الغاز.

وتعتمد أنشطة شركات نقل الغاز في أوروبا على توزيع كميات هائلة من الغاز الطبيعي عبر شبكاتها للاستعمال النهائي أو الحرق لأغراض التدفئة وتوليد الكهرباء في قطاعَي الصناعة والمنازل.

وبحسب التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، مؤخرًا، فإن الاستعمال النهائي للغاز المنقول عبر هذه الشركات تصدر عنه انبعاثات هائلة من ثاني أكسيد الكربون تُقدّر بنحو 800 مليون طن، أو ما يعادل 29% من إجمالي انبعاثات احتراق الوقود في الاتحاد الأوروبي.

انتقادات شركات نقل الغاز في أوروبا

تتولى شركات نقل الغاز في أوروبا -عبر شبكات خطوط الأنابيب، ومحطات الغاز المسال، ومرافق التخزين- مسؤوليات إعادة تغويز الغاز المسال، وضغطه ونقله، وتخزينه على مستوى القارة.

ويشكّل التحول الجاري في قطاع الطاقة، وما يصاحبه من تراجع في استهلاك الغاز، تهديدًا وجوديًا لهذه الشركات، خاصة أن نموذج أعمالها الذي اجتذب مليارات الدولارات من الاستثمارات والتمويلات طويلة الأجل منخفضة المخاطر، لن يكون مجديًا إذا تواصلت جهود استبعاد الغاز من مزيج الطاقة.

كما قد يؤدي التحول في مرحلة ما إلى عزوف المستثمرين عن تمويل القطاع، وانخفاض تقييمات أسهم الشركات العاملة فيه، بحسب تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي.

متابعة أعمال شركات نقل الغاز في هولندا
متابعة أعمال شركات نقل الغاز في هولندا - الصورة من Gasunie

وإزاء التحول، بدأت شركات نقل الغاز في أوروبا تغيير إستراتيجياتها المعلنة بصورة جذرية، مع إعادة صياغة علاماتها التجارية، عبر الترويج بصورة جماعية لرؤية الحكومات الأوروبية نحو شبكة نقل "متعددة المصادر الغازية" بحلول عام 2050 تحت اسم (multi-molecule transmission grid).

وتستهدف الرؤية التحول إلى مزيج من الغازات منخفضة الكربون مثل الميثان الحيوي، والهيدروجين الأخضر والأزرق، وثاني أكسيد الكربون المحتجز، وإحلالها محل غاز الميثان الأحفوري الذي يُنظر إليه بوصفه ملوثًا للبيئة، وإن كانت انبعاثاته أقل من الفحم والنفط بكثير.

ووافقت الشركات على الرؤية الإستراتيجية، لأنها تضمن الحفاظ على أعمالها في النقل، وتجنّبها الانهيار أو الخسائر الفادحة، لكن تحقيق هذه الرؤية يتطلّب تطوير أنظمة طاقة وسلاسل قيمة جديدة كليًا للهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، وهي أنظمة ذات تكاليف عالية وتواجه تحديات تقنية.

وتروّج شركات نقل الغاز في أوروبا لقدرتها على تشغيل الأنظمة الجديدة من خلال إنشاء خطوط أنابيب ومرافق جديدة، تشمل إعادة توظيف بعض شبكات الغاز الحالية.

وأسهم ذلك الترويج في حصولها على دعم سياسي متزايد، مع نجاحها في تجنّب المناقشات حول التخفيض التدريجي لأصولها من الغاز الطبيعي، ومن ثم الحفاظ على نماذج أعمالها لسنوات عديدة.

انبعاثات شركات نقل الغاز في أوروبا

رغم نجاح شركات نقل الغاز في أوروبا بالترويج لكونها جزءًا من تحول الطاقة، فإن تقدّمها نحو الاستثمار في مصادر الغاز البديلة النظيفة أو منخفضة الكربون ما زال متأخرًا، وينطوي على رهان طموح يتعارض مع التحديات الفيزيائية والكيميائية والاقتصادية لهذه المصادر.

كما لا يمكن تصديق هذه الشركات دون الكشف الكامل عن الانبعاثات السنوية الناتجة عن الاستعمال النهائي للغاز الذي ينقلونه إلى القطاعات الصناعية والسكنية.

وبحسب تحليل معهد اقتصادات الطاقة، فإن هذه الانبعاثات تشكّل أكبر فئة في انبعاثات سلسلة القيمة الخاصة بشركات نقل الغاز الأوروبية، مع تجاوزها إجمالي انبعاثات النطاقات الثلاثة المجمعة أضعافًا مضاعفة.

ورغم ذلك، فما زالت الشركات تستبعد هذه الانبعاثات من تقارير النطاق (3)، مستشهدة بمقولة فنية مفادها أنها لا تملك الغاز أو تبيعه، بل تنقله فقط، وهو ما يتناقض بوضوح مع ترويجها لكونها شريكة في التحول الطاقي وملتزمة بخفض الانبعاثات والتحول إلى شبكات غاز متعددة المصادر منخفضة الكربون.

انبعاثات الوقود الأحفوري
انبعاثات الوقود الأحفوري من القطاع الصناعي - الصورة من معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي

وكانت وكالات التصنيف الائتماني العالمي مثل موديز، وستاندرد آند بورز، قد أشارت إلى هذه المسألة في تقييماتها لأطر التمويل المستدام لشركات نقل الغاز في هولندا وإسبانيا مؤخرًا، بحسب متابعات وحدة أبحاث الطاقة.

ويرجع السبب في هذه الثغرة إلى غموض بعض مواد بروتوكول غازات الاحتباس الحراري، التي تُتيح 3 تفسيرات محتملة ومتناقضة لمعيار انبعاثات النطاق (3)، وأحدها يتيح عدم الإبلاغ عن انبعاثات الغاز ما دام غير مملوك أو مبيع، في حين يميل التفسيران الآخران إلى الإبلاغ عن الانبعاثات حتى في هذه الحالات.

ونظرًا إلى غياب الوضوح في البروتوكولات المنظمة، فما زالت الضغوط التي تُمارس على شركات نقل الغاز في أوروبا لتحسين الشفافية غير كافية لإلزامها، ما يجعلها تبلغ عن انبعاثات أقل بكثير ضمن النطاق (3) الأكثر أهمية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

انبعاثات شركات نقل الغاز في أوروبا، من معهد اقتصادات الطاقة.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق