آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية تربك صادرات الأسمنت.. ما موقف مصر وتركيا؟
هبة مصطفى

تتجه الأنظار إلى تداعيات آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية على صادرات الأسمنت العالمية، خاصةً مع بدء العد التنازلي لتوديع العام الجاري 2025.
وتستعد دول الاتحاد الأوروبي لتطبيق الآلية المحدَّثة، بدءًا من يناير/كانون الثاني 2026، ما يثير المخاوف من تقلبات عنيفة في سوق الأسمنت والكلنكر في ظل حالة عدم اليقين السعري لشهادات الكربون.
ومن شأن ذلك أن ينعكس سلبًا على بعض الأسواق، وفي مقدّمتها شحنات مصر وتركيا بوصفهما أبرز مصدري البحر المتوسط.
ويبدو أن الأمر لن يقف عند هذا الحدّ، فالتسعير الجديد لضريبة الكربون قد يمهّد لمنافسة غير مباشرة بين مصدّري البحر المتوسط والشرق الأوسط وآسيا، حسب تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
مستجدات آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية
يبدأ سريان رسوم تعديل حدود الكربون الأوروبية على الواردات المتجاوزة لمعيار الانبعاثات -ومن بينها الأسمنت والكلنكر- الشهر المقبل.
ويشير ذلك إلى فرض رسوم مرتفعة على غالبية الواردات، بعد إعلان الهيئات المعنية تحديثًا لمعيار الانبعاثات الكربونية بمستوى أقل من المحدد سابقًا.

وارتفع سعر تداول الانبعاثات الأوروبية خلال الأسبوع الجاري إلى أعلى مستوياته منذ عام 2023، ليسجل حاليًا ما يزيد على 85 يورو (ما يزيد على 100 دولار أميركي) لطن ثاني أكسيد الكربون المكافئ.
(اليورو = 1.18 دولارًا أميركيًا).
وفاق هذا التسعير توقعات المستوردين الأوروبيين بموجب نظام تداول الانبعاثات (ETS)، إذ يشير إلى زيادة فوق المستوى "المجاني" للانبعاثات المسموح بإطلاقها، والمقدّرة بنحو 0.666 طنًا من ثاني أكسيد الكربون لكل طن أسمنت.
وتعتزم دول الاتحاد الأوروبي بدء تحصيل الرسوم من المستوردين بحلول 2027، بناءً على واردات العام المقبل.
ويعزز ذلك من قلق المستوردين بتحمُّلهم أعباء إضافية، حال ارتفاع نسبة تسعير الكربون في نظام تجارة وتداول الانبعاثات نتيجة عدم تثبيتها.
صادرات الأسمنت المصرية والتركية
تملك ملامح آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية السابق ذكرها تأثيرًا مباشرًا في سوق الأسمنت، خاصة الصادرات من مصر وتركيا إلى أوروبا.
مصر:
بالنسبة لمصر، لم يخضع الأسمنت البورتلاندي الرمادي المصنَّع بها إلى فحص وتدقيق الاتحاد الأوروبي لمستوى الانبعاثات.
وإثر ذلك أقرّت القارة العجوز قيمة تقديرية لها يبدأ احتسابها على المستوردين من القاهرة العام المقبل، بما يقابل 1.419 طنًا من ثاني أكسيد الكربون المكافئ لكل طن أسمنت.
وهيمن الكلنكر (المادة الخام لتصنيع الأسمنت) على الصادرات من شمال أفريقيا إلى أوروبا، بمعدل 2.14 مليون طن خلال الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري (من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول)، ارتفاعًا من 1.64 مليون طن على أساس سنوي.
وشمل نطاق الشحنات: إيطاليا، وأيرلندا، وكرواتيا، واليونان، وفرنسا، وإسبانيا، وبلجيكا.

تركيا:
بلغت صادرات أسمنت أنقرة إلى دول الاتحاد الأوروبي 2.06 مليون طن خلال المدة محل الرصد، ارتفاعًا من 1.39 مليون طن على أساس سنوي.
وتضمَّن نطاق الشحنات: إسبانيا، رومانيا، إيطاليا، فرنسا، اليونان، بلغاريا.
وقُدِّرت صادرات تركيا من الكلنكر إلى الأسواق ذاتها خلال الأشهر الـ9 بنحو 2.12 مليون طن، بزيادة من 1.55 مليون طن العام الماضي.
متغيرات سوق الأسمنت العالمية
بعد سريان آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية مطلع العام المقبل، تترقب سوق الأسمنت العالمية بعض المتغيرات، التي يُرجَّح أن تؤثّر سلبًا في صادرات مصر وتركيا تحديدًا.
وشمل ذلك 4 تحولات رئيسة: (تغير خريطة التدفقات، وخفض الأسعار، وتعزيز المنافسة، ونمو ظاهرة التخزين الاستباقي)، وفق تحليل نشرته منصة أرغوس ميديا المعنية بشؤون الطاقة.
1) خريطة التصدير
قد تتسبب آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية في إعادة رسم خريطة تدفقات صادرات الأسمنت والكلنكر، خاصةً مع تحول الشحنات المنقولة بحرًا من البحر المتوسط (مصر وتركيا) إلى عبء مالي إضافي على المستوردين.
ويشير ذلك إلى إمكان تحول وجهة صادرات مصر وتركيا باتجاه: غرب أفريقيا، والشرق الأوسط، وبعض دول أميركا الجنوبية.
ومن بين الدول الجديدة المحتمل استقبالها الأسمنت والكلنكر من القاهرة وأنقرة:
- سوريا والعراق، في الشرق الأوسط.
- ليبيا، في شمال أفريقيا.
- غانا والسنغال والكاميرون وتوغو وليبيريا وموريتانيا وغينيا وساحل العاج، في أفريقيا.
- غايانا وبيرو وكولومبيا، في أميركا الجنوبية.
- وهايتي وجامايكا والدومينيكان، في دول الكاريبي.

2) تغير الأسعار
قد يلجأ مصدّرو الأسمنت والكلنكر من منطقة البحر المتوسط إلى خفض أسعار التسليم على ظهر السفينة، لضمان جذب المشترين.
3) تعزيز المنافسة
يدخل بائعو الأسمنت والكلنكر من منطقة البحر المتوسط في منافسة مع المصدرين الآسيويين، ومن بين ذلك: السعودية، باكستان، فيتنام.
فأسعار باكستان وفيتنام دارت في نطاق من 35 إلى 39 دولارًا لطن الأسمنت الفوري للتسليم على ظهر السفينة، مقابل 55 إلى 59 دولارًا للطن من مصر وتركيا.
وانطبق الأمر ذاته على الكلينكر، إذ قُدِّر لدى منتجي آسيا بنحو من 29 إلى 31 دولارًا للطن، مقارنة بما يتراوح بين 44 و45 دولارًا من القاهرة وأنقرة.
4) مستويات التخزين
توقَّع تحليل أرغوس ميديا تسبُّب رسوم ضريبة الكربون الأوروبية في تحويل ملايين الأطنان بعيدًا عن القارة العجوز، ما يفسّر زيادة الإقبال على صادرات الأسمنت المصرية والتركية خلال العام الجاري، لتعزيز مستويات التخزين الاستباقي قبل تطبيق الآلية.
موضوعات متعلقة..
- آلية تعديل حدود الكربون الأوروبية.. كيف تؤثر في الصناعات التركية؟ (مقال)
- هل تشهد صناعة الأسمنت ثورة خضراء عبر احتجاز الكربون وتخزينه؟ (تقرير)
- طفرة صناعة الأسمنت والأسمدة في مصر.. كيف تتحكم بالانبعاثات؟
اقرأ أيضًا..
- قطاع الطاقة السعودي في 2025.. عام استثنائي للكهرباء المتجددة والغاز
- ارتفاع احتياطيات الغاز العالمية في 2025.. وهؤلاء الـ10 الكبار
- اكتشاف حقل نفط في الصين باحتياطيات تتجاوز 700 مليون برميل
المصادر:





