تقنية سعودية لبطاريات أيونات الصوديوم.. عمر أطول وتكلفة أقل (فيديو)
دينا قدري
تُعدّ بطاريات أيونات الصوديوم بديلًا جذابًا لتقنيات الليثيوم في سوق التخزين، نظرًا لوفرة الصوديوم وانتشاره الواسع وانخفاض تكلفته.
وعلى الرغم من إمكانياتها الواعدة، ما تزال بطاريات الصوديوم عالية الجهد تُشكّل تحديًا تجاريًا كبيرًا بسبب تحدٍّ جوهري في المواد.
ووفق تفاصيل بحثية حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يجب أن يُثبّت الإلكتروليت كلًا من الأنود المعدني من الصوديوم عالي التفاعل والكاثود عالي الجهد، وهما سطحان يتطلبان عادةً ظروفًا كيميائية مُعاكسة للحفاظ على استقرارهما.
وكشفت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) مادة مضافة جديدة للإلكتروليت تساعد بطاريات الصوديوم على تحقيق أداء مشابه لأداء الليثيوم، ما يوفر مسارًا عمليًا لتخزين الكهرباء القابل للتطوير والخالي من الليثيوم.
تطوير بطاريات أيونات الصوديوم
يقول عالم المواد في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، رئيس مركز التميز للطاقة المتجددة والتخزين (CREST)، حسام الشريف: "تقليديًا، تميل المواد المضافة التي تحمي أحد جانبي البطارية إلى إتلاف الجانب الآخر.. شكّلت هذه المفاضلة عائقًا رئيسًا أمام تطوير بطاريات صوديوم عملية عالية الجهد".
وتمكّنَ الشريف وزملاؤه من مركز التميز للطاقة المتجددة والتخزين (CREST) في جامعة كاوست من تجاوز هذا القيد القائم منذ زمن طويل، بتقديم فئة جديدة من إضافات الإلكتروليت تُعرَف باسم الإضافات غير المذيبة (NSAs).
ويوفر هذا النهج طريقة سهلة ومنخفضة التكلفة لتحقيق استقرار كلا القطبين في آنٍ واحد، ما يُتيح إنتاج بطاريات صوديوم طويلة العمر تعمل بفولتيات تُضاهي أنظمة الليثيوم أيون التجارية.
ويأتي هذا الابتكار في الوقت الذي تزداد فيه أهمية بطاريات الصوديوم لتخزين الطاقة في الشبكات الكهربائية، وأنظمة الطاقة الاحتياطية، والمركبات الكهربائية ذات التكلفة المنخفضة.
ويُمكن لمفهوم الإضافات غير المذيبة تسريع هذا التحول، من خلال تضييق فجوة الأداء بين تقنيات الصوديوم والليثيوم، مع الحفاظ على مزايا الصوديوم من حيث الموارد والتكلفة.

مزايا الإضافات المذيبة
تركّز الدراسة على كيفية تفاعل الإضافة مع الأيونات في الإلكتروليت؛ إذ تُعدّ معظم الإضافات الموجودة حاليًا مذيبة بقوة: فهي ترتبط بقوة بأيونات الصوديوم، وتتبعها إلى الأنود خلال الشحن، وغالبًا ما تتحلل هناك، ما يُزعزع استقرار سطح معدن الصوديوم.
وفي الوقت نفسه، لا توفر هذه الإضافات حماية كافية للكاثود ضد التدهور الناتج عن الفولتية العالية.
ويمثّل الأنود القطب السالب الذي تحدث عنده عملية الأكسدة (فقدان الإلكترونات)، في حين يمثّل الكاثود القطب الموجب الذي تحدث عنده عملية الاختزال (اكتساب الإلكترونات)، ما يسمح بتدفُّق التيار الكهربائي وتحويل الطاقة.
واتّبع فريق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية نهجًا معاكسًا؛ إذ حدَّد الباحثون جزيء "الإيثر المفلور"، الذي يتفاعل بشكل ضعيف مع أيونات الصوديوم، ولكنه يرتبط بشكل تفضيلي بالأنيونات سالبة الشحنة.
*(الأنيون هو ذرة أو مجموعة ذرات اكتسبت إلكترونًا واحدًا أو أكثر، ما يجعل عدد الإلكترونات (السالبة) أكبر من عدد البروتونات (الموجبة)، فتكتسب شحنة كهربائية سالبة صافية).
يقول المؤلف الرئيس للدراسة، دونغ غو: "بما أن هذه الإضافات لا تلتصق بأيونات الصوديوم، فإنها لا تُسحب إلى الأنود، فقد تكون ضارة؛ بل تنتقل مع الأنيونات نحو الكاثود، حيث تشتد الحاجة إلى تأثيرها الوقائي".
ويضيف غو: "يجمع نهجنا بين الجهد العالي، وعمر التشغيل الطويل، والتكلفة المنخفضة.. إنه يفتح المجال لتخزين الطاقة المستدام والخالي من الليثيوم على نطاق واسع".
ويوضح الفيديو التالي -الذي نشرته جامعة كاوست- طريقة تطوير بطاريات أيونات الصوديوم:
بطاريات بعمر أطول وكفاءة أعلى
تُمكّن آلية "مقاومة التذويب" من استعمال كمية ضئيلة من المادة المضافة -3% فقط من الوزن- لتكوين طبقة بينية قوية ومستقرة على الكاثود عالي الجهد.
والنتيجة هي بطارية تتحمل ظروف دورات الشحن والتفريغ القاسية، التي كانت تُعدّ سابقًا غير متوافقة مع كيمياء الصوديوم، بحسب البيان الذي أصدرته جامعة كاوست.
في الاختبارات، احتفظت الخلايا بنسبة 90% من سعتها بعد 1200 دورة شحن وتفريغ، في حين حقق الأنود المعدني من الصوديوم كفاءة عالية استثنائية بلغت 99.92%، ما يدلّ على استقرار قوي للدورات في المدى الطويل.
وتحقّقَ الفريق من صحة هذا النهج في خلايا جيبية ذات سعة أمبير-ساعة، مسجلًا كثافة طاقة تبلغ نحو 180 واط ساعة/كيلوغرام، وهي كثافة مماثلة لتلك الخاصة ببطاريات فوسفات الحديد والليثيوم (LFP)، المستعملة على نطاق واسع في تخزين الكهرباء الثابت والمركبات الكهربائية متوسطة المدى.
ولأن تركيبة الإضافات غير المذيبة تعمل بصفتها مادة مضافة مباشرة إلى محاليل الإلكتروليت الإيثرية القياسية وتعتمد على مواد كيميائية متوفرة تجاريًا، فهي متوافقة تمامًا مع عمليات التصنيع الصناعية.
يقول الشريف: "هذا حل عملي وقابل للتطوير.. من خلال إعادة النظر في كيفية تفاعل المواد المضافة داخل الإلكتروليت، يمكننا تطوير بطاريات صوديوم عالية الجهد دون الاعتماد على تركيبات كيميائية معقّدة أو باهظة الثمن".
موضوعات متعلقة..
- تطوير لبطاريات أيونات الصوديوم يؤمّن 5 آلاف دورة شحن
- مشروع ضخم لبطاريات أيونات الصوديوم يعزز المنافسة مع الليثيوم
- نشر أكبر نظام لبطاريات أيونات الصوديوم في العالم.. إنجاز مهم
اقرأ أيضًا..
- النفط في ليبيا خلال 2025.. عام دون حصار للحقول والمواني ينعش الإيرادات
- 5 حقول غاز عربية تشهد أحداثًا مهمة في 2025
- سوق الهيدروجين النظيف في 2025.. بين شبح الانتكاسة والعودة إلى الواقع
- 2025.. عام تخزين الكهرباء في الوطن العربي بقيادة 3 دول
المصدر:





