الطاقة الخضراء.. فخ تجنبته النرويج ووقعت فيه أوروبا (تقرير)
محمد عبد السند

- تقل وتيرة تحول الطاقة في النرويج مقارنةً بنظيراتها من البلدان الأوروبية
- تحافظ النرويج على استثمارات النفط والغاز عند مستويات مرتفعة
- توقعات بأن يصبح يوهان كاستبرغ حقلًا ضخمًا من حيث القدرة الإنتاجية
- الترويج لفكرة "المدينة الفاضلة الخضراء" ما هو إلا خدعة
- تنعم النرويج بإمدادات طاقة آمنة
تغرد النرويج خارج السرب في سباق الطاقة الخضراء في أوروبا؛ محافظةً على نهضتها في قطاع الهيدروكربونات واعتمادها عليه في تعزيز أمن الطاقة.
وتقل وتيرة تحول الطاقة في النرويج مقارنةً بنظيراتها من البلدان الأوروبية الأخرى التي تسابق الزمن للتخلص من الوقود الأحفوري والاستعاضة عنه بالمصادر المتجددة تحقيقًا للحياد الكربوني.
وفي الوقت الحالي، يلامس إنتاج النفط والغاز في النرويج -وهي أكبر منتِج للنفط والغاز في أوروبا- 4 ملايين برميل من النفط المكافئ يوميًا نصفها تقريبًا من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى النفط الخام والسوائل.
وشكل قطاع النفط والغاز 60% من إيرادات صادرات النرويج في العام الماضي، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة،
أزمة خضراء
في وقت ترتعد فيه أوروبا تحت وطأة سياسات التقشف التي طبقتها دولها بسبب تفويضات الحياد الكربوني، تحافظ النرويج الواقعة في شمال أوروبا على استمرار الكهرباء وامتلاء خزائن البنوك، متجنبةً الأزمات الأيديولوجية "الخضراء" التي تحدد سياسة الطاقة في القارة العجوز، وفق ما كتبه الباحث الهندي فيجاي جاياراج في مقال نشرته مجلة "أمريكان غريتنس".
ورغم الضغوطات الواقعة عليها لإزالة الانبعاثات، كثفت النرويج جهودها الرامية لاستغلال احتياطيات النفط والغاز الطبيعي.
ويُعد حقل يوهان كاستبرغ (Johan Castberg) بمثابة دُرة التاج في نهضة الوقود الأحفوري التي تشهدها النرويج؛ ويقع في بحر بارنتس على بُعد 100 كيلومتر شمال حقل الغاز الطبيعي سنوهيت.
ومن المتوقع أن يصبح يوهان كاستبرغ حقلًا ضخمًا من حيث القدرة الإنتاجية؛ مع توقعات بتراوح إنتاجه بين 450 و650 مليون برميل على مدى عمره التشغيلي الذي يصل إلى 30 عامًا، مع ذروة إنتاج تلامس 220 ألف برميل يوميًا.
ووفق جاياراج، لا تتوقف الاستثمارات عند هذا الحد، موضحًا أن الحكومة النرويجية شرعت في إطلاق خططٍ بشأن جولة تراخيص النفط والغاز الـ26.
وتغطي جولة التراخيص المذكورة مناطق حدودية غير مستغلة استكشافيًا، والتي تتيح عائداتٍ ضخمةً للمطورين.
وقال إنه في الوقت الذي تخنق فيه المملكة المتحدة صناعة النفط والغاز لديها في بحر الشمال عبر ضرائب أرباح الطاقة والإطار التنظيمي الصارم، تطبق النرويج مقولة:"إذا لم تنفذوا أنشطة حفر، فسنفعل نحن".

25 مليار دولار
تخطط الشركات العاملة في الجرف القاري النرويجي لضخ قرابة 25 مليار دولار في مشروعات نفط وغاز طبيعي في عام 2026، حسب المقال.
ويزيد المبلغ المذكور بنحو ملياري دولار على التقديرات السابقة بسبب ارتفاع نفقات التطوير؛ ما يعكس التزام المطورين بمواصلة الإنتاج بمعدلات متزايدة.
ومنذ خريف عام 2024، ارتفعت تكلفة التطوير المستمر بنسبة ١٧٪؛ ما يتوافق مع مسار تصاعدي جعل النرويج تتجاوز روسيا في عام 2023 لتصبح المورد الرئيس للغاز الطبيعي في أوروبا.
ورغم اعتماد النرويج على الوقود الأحفوري، غالبًا ما يشير أنصار حماية البيئة إلى انتشار استعمال السيارات الكهربائية بين النرويجيين إلى أن صارت البلاد نموذجًا يحتذى به من قِبل الدول الأخرى.
خدعة المدينة الفاضلة الخضراء
يرى كاتب المقال أن ترويج الترويج لفكرة "المدينة الفاضلة الخضراء" ما هو إلا خدعة.
فصندوق الثروة السيادية النرويجي المعروف باسم صندوق التقاعد الحكومي العالمي هو الاكبر من نوعه عالميًا.
وبدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ارتفعت قيمة أصول الصندوق المذكور لأكثر من تريليوني دولار؛ بواقع 340 ألف دولار لكل مواطن في البلد الإسكندنافي.
وفي هذا الصدد، يرى الباحث الهندي فيجاي جاياراج أنه من المفارقات العجيبة أن الدولة "النموذجية" المفضلة لدى نشطاء المناخ ممولة من المواد الهيدروكربونية نفسها التي يكرهونها.
وأوضح أنه في كل مرة يشحن فيها النرويجيون سياراتهم الكهربائية، فإنهم في الواقع يقبلون منحةً من الشركات المسوؤلة عن تطوير حقل يوهان كاستبرغ.
وأضاف أن نمط الحياة "الأخضر" رفاهية تُشترى بأموال النفط، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة.

استغلال أوروبا للنرويج
أشار كاتب المقال إلى أن النرويج ليست خالية من المشكلات، مردفًا أن صادرات البلاد من الكهرباء إلى الاتحاد الأوروبي صارت "سامة"، في الوقت الذي تستعمل فيه القارة العجوز النرويج ذريعة لتعويض فشلها في استثمارات طاقة الشمس والرياح.
ولطالما تضررت الأسر النرويجية التي اعتادت لعقود على أسعار كهرباء منخفضة بفضل وفرة الطاقة الكهرومائية، من عقود التسعير المرنة التي تربط تكاليف الكهرباء لديها بالأسعار المرتفعة في الأسواق الأوروبية.
ولطالما استاءت أوسلو -إلى جانب ستوكهولم وهلسنكي- من تعامل أوروبا مع شبكة الكهرباء في بلدان الشمال الأوروبي بوصفها الصخرة التي تتحطم عليها تداعيات علاقة الاتحاد الأوروبي الفاشلة بالطاقة المتجددة، حسب المقال.
ومع ذلك يعتقد كاتب المقال أن النرويج أفضل حالًا من بلدان الاتحاد الأوروبي، موضحًا أن أوسلو -وهي ليست عضوًا في الاتحاد الأوروبي- استطاعت الحفاظ على سيادة الطاقة وتفادي الوقوع في فخ اتفاقية الحياد الكربوني التي سقطت فيها العواصم الأوروبية.
وقال إن التحرر من توجيهات الاتحاد الأوروبي الاستبدادية في مجال الطاقة قد تحول إلى أعظم نعمة تغرق فيها النرويج على الرغم من أنها لم نطلبها قط.
وأوضح أنه في الوقت الذي يعاني فيه الاتحاد الأوروبي تدهورًا بسبب جهود المناخ، تنعم النرويج بثروة نسبية وإمدادات طاقة آمنة، بينما تتابع مشهد قارة فضلت الأيديولوجيا على المنطق.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج النفط والغاز في النرويج يترقب دفعة من نصف مليار برميل
- النفط والغاز في النرويج.. تراجع الإنتاج يهدد بخسائر 1.42 تريليون دولار
- إنتاج النفط والغاز في النرويج يفوق التوقعات
اقرأ أيضًا..
- أدنوك الإماراتية توقع صفقة بقيمة 11 مليار دولار لتطوير مشروعي "الحيل" و"غشا"
- خبراء: منجم السكري محور تطوير قطاع التعدين في مصر
- أسعار المحروقات في المغرب تنخفض.. هل تفوت فرصة النفط الرخيص؟
المصدر:
1.سياسات الطاقة الخضراء في أوروبا والنرويج من مقال منشور في موقع "أميركان غريتنس".





