استثمارات الصين في قطاع الطاقة.. تحولات التمويل والدول المستفيدة (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - مي مجدي

- استثمارات الطاقة العالمية تتجاوز 3.3 تريليون دولار في 2025
- الدول الناشئة والنامية تحصل على 27% من إجمالي الاستثمارات
- الصين من أكبر مزوّدي التمويل العام الدولي لمشروعات الطاقة في هذه الاقتصادات
- التمويل الصيني الرسمي يتّسم بتعدُّد الجهات الفاعلة
دخلت استثمارات الصين في قطاع الطاقة منذ 2022 مرحلة جديدة، إذ يتجه نظام التمويل الرسمي نحو نماذج أكثر تنافسًا مع تركيز أكبر على جدوى المشروعات وتوزيع المخاطر، إلى جانب الجدارة الائتمانية.
ويمكن لهذه الطفرة الحاصلة أن تدعم انتقال الطاقة في الدول النامية والناشئة بعدة طرق، إذ تغطي الاستثمارات الصينية مجموعة واسعة من التقنيات وهياكل التمويل والمؤسسات.
وباتت استثمارات الصين في قطاع الطاقة مهمة، كون البلاد من أهم مزودي التمويل العام العالمي، إذ يعدّ بنك التنمية الصيني (CDB) وبنك التصدير والاستيراد الصيني (CEXIM) من أكبر المؤسسات المالية التنموية، وعزّز إطلاق مبادرة الحزام والطريق في 2013 هذا التوجه.
وإجمالًا، تجاوز إجمالي الاستثمار العالمي في الطاقة 3.3 تريليون دولار خلال 2025، وتذهب الحصة الأكبر إلى الاقتصادات المتقدمة والصين، بينما لا تتجاوز حصة الاقتصادات الناشئة والنامية -باستثناء بكين- نحو 27% من إجمالي الاستثمارات، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
استثمارات الصين في قطاع الطاقة بالخارج
أصبحت استثمارات الصين في قطاع الطاقة محورية لدعم تحول الطاقة في الدول الناشئة والنامية، التي باتت بحاجة إلى مضاعفة الاستثمارات السنوية بحلول 2035، لتقترب من تريليوني دولار.
ويشير قطاع التمويل الرسمي الصيني إلى المؤسسات المملوكة للدولة أو التي تحت إدارتها، والتي تقدّم التمويل أو الاستثمارات في الخارج لدعم الأهداف الاقتصادية والصناعية والدبلوماسية للصين.
وعلى الرغم من اختلاف مهامّها، تشترك هذه المؤسسات في خاصيّتين أساسيتين: الملكية العامة وتوافق السياسات، بما يشمل دعم القدرة التنافسية الصناعية المحلية، وتعزيز أمن الطاقة، وتشجيع مسارات التنمية منخفضة الكربون لدى الدول الشريكة.
ويشمل هذا القطاع 5 مجموعات من المؤسسات الفاعلة في تمويل الطاقة بالخارج:
- الوكالات الحكومية.
- بنوك السياسات المملوكة للدولة.
- الصناديق المملوكة للدولة.
- البنوك التجارية المملوكة للدولة.
- الشركات المملوكة للدولة.
وخلص التقرير الصادر عن وكالة الطاقة الدولية إلى أن اتجاهات استثمارات الصين في قطاع الطاقة بالخارج تشهد انخفاضًا في قروض البنوك التقليدية، مع صعود المؤسسات الرسمية ذات التوجه التجاري.
فقد بلغ حجم التزامات المؤسسات الصينية الرسمية نحو 565 مليار دولار بين 2015 و2024، منها 335 مليار دولار للوقود الأحفوري و230 مليار دولار للطاقة النظيفة والبنية التحتية المرتبطة بها.
وفي منتصف العقد الثاني من الألفية، تجاوزت 115 مليار دولار سنويًا، قبل أن تتراجع تدريجيًا إلى 28 مليارًا بين عامي 2022 و2024.
ورغم أن التمويل الصيني شكّل جزءًا مهمًا من استثمارات الطاقة النظيفة في الدول النامية والناشئة بين 2015 و2024 بنسبة 8%، فإن حصته تقلّصت لتصبح 4% بين 2022 و2024، مع انكماش قروض بنوك السياسات.
وتعكس هذه التغيرات تكيُّف استثمارات الصين في قطاع الطاقة بالخارج مع الظروف، مع تركيز أكبر على اختيار المشروعات، وإدارة المخاطر، والتوافق مع خطط الدول المضيفة.
في الوقت نفسه، عزز القطاع الرسمي الصيني دوره الدولي بما يتماشى مع المنافسة الصناعية وتكامل سلاسل التوريد العالمية ونمو الشركات والمطورين خارج البلاد.

أبرز استثمارات الصين في الطاقة بالخارج
سلّطت وكالة الطاقة الضوء على تنوع استثمارات الصين في الطاقة بالخارج، بدءًا من مشروعات الطاقة المتجددة وتحديث شبكات الكهرباء إلى خفض انبعاثات الصناعات، مشيرةً إلى أن المشاركة الصينية لا تقتصر على استغلال الفرص، بل هي -أيضًا- استجابة لاحتياجات الدول المضيفة وأهدافها.
ومن أبرز هذه الاستثمارات:
- السعودية:
وقّعت شركة باوستيل -أكبر شركة لصناعة الصلب في العالم- اتفاقيات مع شركة أرامكو السعودية وصندوق الاستثمارات العامة السعودي لتأسيس مشروع مشترك لتصنيع ألواح الصلب في رأس الخير بقدرة 1.5 مليون طن سنويًا.
وخصصت شركة باوستيل في البداية 437.5 مليون دولار، ثم رفعت حصتها لاحقًا إلى مليار دولار، في حين خصصت كل من أرامكو وصندوق الاستثمارات العامة نحو 500 مليون دولار.
وتصل التكلفة الإجمالية للمشروع نحو 4 مليارات دولار، ويُتوقع أن يسعى إلى الحصول على تمويل مختلط بين حقوق الملكية والقروض طويلة الأجل، بدعم محتمل من بنك الصين للاستيراد والتصدير وصندوق التنمية الصناعية السعودي.
ويمثّل المشروع علامة فارقة بنقل الخبرة الصينية في الصناعات منخفضة الانبعاثات إلى الأسواق الجديدة، ويعكس تحول الاستثمار الصيني بالخارج من مشروعات كثيفة الانبعاثات إلى أصول صناعية منخفضة الانبعاثات والقائمة على التقنيات المتقدمة.
- جنوب أفريقيا:
من المتوقع أن يوفّر مشروع توباست فيروكروم للطاقة الشمسية -بقدرة 100 ميغاواط- الكهرباء لمصهر قريب وتقليل الاعتماد على الشبكة الوطنية، حيث سيحدّ من أثر انقطاع الكهرباء ويدعم خفض الانبعاثات الصناعية.
ويموّل المشروع هيكل مشترك بين رأس المال والقروض، حيث تتجاوز التكلفة الإجمالية 70 مليون دولار، بإسهامات من مجموعة الصين العامة للطاقة النووية وصندوق التنمية الصيني الأفريقي وشركة كونا هولدينغز.
- غايانا:
يمثّل تطوير حقل ويبتيل الواقع في مربع ستابروك استمرارًا لوجود الصين القوي في قطاع التنقيب والإنتاج بالمنطقة، حيث يحتوي على أكثر من 850 مليون برميل، أي ما يعادل 8% من إجمالي موارده القابلة للاستخراج، وبقدرة إنتاجية تصل إلى 250 ألف برميل يوميًا.
وتتحمل شركة سينوك الصينية نحو 3.18 مليار دولار من التكلفة الإجمالية البالغة 12.7 مليار دولار، بما يتناسب مع حصتها البالغة 25%، ضمن شراكة مع شركتي إكسون موبيل وهيس الأميركيتين.
وتعتمد الشركة إستراتيجية تستهدف الأحواض عالية الجودة ومنخفضة التكلفة، بالشراكة مع شركات عالمية كبرى وعقود تقاسم إنتاج طويلة الأجل، ويعزز ذلك تنويع إمدادات الطاقة للصين، ويرسّخ حضورها في أسواق ناشئة محورية.

- أوزبكستان:
وقّعت شركة إنرجي تشاينا مذكرة تفاهم مع وزارة الطاقة في أوزبكستان لتطوير مشروع للطاقة الشمسية بقدرة 2 غيغاواط، وقدّمت 410 ملايين دولار في شكل حصص ملكية، وجاء تمويل الدين من قرض مشترك بقيمة 3.3 مليار يوان صيني (469 مليون دولار).
وفور تشغيل المشروع سيولّد 2400 غيغاواط/ساعة/سنويًا، ويخفض الانبعاثات 2.4 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، مع تقليص اعتماد البلاد على الغاز الطبيعي بمقدار 520 مليون متر مكعب سنويًا.
- بيرو:
تُجسِّد صفقة استحواذ شركة "تشاينا ساوثرن باور غريد إنترناشيونال" على أكبر موزع كهرباء في بيرو مقابل 2.92 مليار دولار استثمارًا إستراتيجيًا في شبكات التوزيع.
فقد شاركت بنك الصين للتصدير والاستيراد في تمويل الصفقة بقرض قدره 2.3 مليار دولار، بينما أسهمت الشركة بنحو 620 مليون دولار.
وساعدت الصفقة في تحسين موثوقية وتعزيز كفاءة الاستجابة للأعطال بنسبة 40%، وتقليل مدة الانقطاعات وتكرارها، ويعكس ذلك أهمية نقل الخبرة في تسريع تحديث الشبكات ودعم دمج الطاقة النظيفة.
الخلاصة:
شهدت استثمارات الصين في قطاع الطاقة تطورات مهمة خلال السنوات الماضية، مع التحول إلى هياكل أكثر انتقائية تركّز على جدوى المشروع وتوزيع المخاطر، حيث تسهم في دعم تحول الطاقة بالأسواق الناشئة والنامية عبر مجموعة واسعة من المشروعات، بداية من الطاقة النظيفة إلى خفض انبعاثات الصناعات الثقيلة، واستمرار دعم مشروعات الوقود الأحفوري، ويظهر ذلك جليًا في السعودية وجنوب أفريقيا وغايانا وغيرها.
موضوعات متعلقة..
- استثمارات الصين في قطاع الكهرباء بأميركا الجنوبية.. هل يستطيع ترمب محاصرتها؟
- غضب شعبي ضد تعدين النيكل في إندونيسيا.. والاستثمارات الصينية في خطر
اقرأ أيضًا..
- إنتاج قطر من الغاز الطبيعي يرتفع 160 مليون متر مكعب
- تركيبات طاقة الرياح في أميركا ترتفع 36% خلال 2025
- تجارة الفحم في 2025 قد تتراجع 5% بعد سنوات من النمو
المصدر:





