الحياد الكربوني في بريطانيا سيتأخر 3 سنوات.. وتحذيرات جديدة (تقرير)
محمد عبد السند
ما يزال هدف الحياد الكربوني في بريطانيا عصيًا -فيما يبدو- على صُنّاع السياسة في البلد الواقع شمال غرب أوروبا لتكلفته الضخمة تقنيًا، من بين أسباب أخرى.
ويدعم تلك الفرضية تقرير حديث خلصت نتائجه إلى أن المملكة المتحدة ستتخلّف 3 سنوات عن تحقيق مستهدف إزالة الانبعاثات الكربونية نهائيًا؛ ما يمثّل أنباء سيئة لحكومة حزب العمال التي يترأسها كير ستارمر.
وسرعان ما أثار التقرير المنشور يوم الخميس 18 ديسمبر/كانون الأول ردود أفعال لدى الحكومة التي قال ناطق باسمها إنه يقلّل من أهمية التدابير التي اتخذتها لندن على مدار الشهور الـ18 الماضية في هذا المسار، تُوّجت بالموافقة على عدد قياسي من المشروعات الخضراء المطورة محليًا.
وتُسهم المشروعات المذكورة بإتاحة الكهرباء لأكثر من 8.5 مليون منزل، وبالتالي حماية الأسر ضد تقلبات الأسعار في أسواق الوقود الأحفوري، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويُتوقع أن يُسهم التحول إلى استعمال المصادر المتجددة في بريطانيا بخفض فاتورة استيراد النفط والغاز البالغة قيمتها مليارات الدولارات، حسب تقرير منفصل سابق صادر عن مشغل نظام الطاقة الوطني (The National Energy System Operator).
فشل حكومي
حذّر التقرير الصادر عن شركة مونتل (Montel)، المتخصصة في تزويد البيانات، من أن وزير الطاقة، إد ميليباند، سيفشل في تحقيق هدف الحياد الكربوني ببريطانيا في موعده، بسبب فشل البلاد في بناء عدد كافٍ من مزارع الرياح.
وتوقع فشل ميليباند في تحقيق هدف توليد 95% من الكهرباء من مصادر متجددة في بريطانيا بحلول عام 2030، وألا تحقق البلاد هذا الهدف قبل عام 2033.
وتستند نتائج التقرير إلى توقعات بشأن فشل المملكة المتحدة في بناء مزارع رياح كافية بالسرعة المطلوبة، إلى جانب الصعوبات التي تواجهها البلاد في تأمين التمويلات وتوسيع قدرات الشبكة.
في المقابل، توقع التقرير أن تحقّق الحكومة مستهدفها الخاص بالطاقة الشمسية، مشيرًا إلى أن الإخفاق في تحقيق المستهدف الذي كان محورًا رئيسًا في حملة انتخابات حزب العمال، سيجعل ميليباند عرضة لانتقادات التيار اليساري في الحزب، وأنصار الطاقة الخضراء الذين يرون أن المستهدف نفسه ليس طموحًا بالشكل الكافي.
في الوقت ذاته، يرى خبراء في صناعة الطاقة المتجددة أنه من غير المرجح تحقيق هدف الحياد الكربوني في بريطانيا خلال المدة الوجيزة تلك.

تساؤلات مطروحة
من المرجح أن يثير تقرير "مونتل" تساؤلات في أعقاب تصريحات مشغل الطاقة الوطني التي أكد فيها أن هدف الحياد الكربوني في بريطانيا سيكلّف خزينة الحكومة 14 مليار جنيه إسترليني (19 مليار دولار) سنويًا أكثر من الأهداف الأقل طموحًا لخفض الانبعاثات الكربونية.
* (الجنيه الإسترليني = 1.34 دولارًا أميركيًا)
وتوقع التقرير أن تخفق الحكومة في تحقيق مستهدف الطاقة النظيفة 2030 بما لا يقل عن 14 غيغاواط.
وأُلقي باللائمة في ذلك على الصعوبات التي تلقاها لندن في تمويل المشروعات وبنائها وكذلك صعوبة نقل الكهرباء من منشآت توليد الكهرباء الجديدة إلى مراكز الطلب الجديدة؛ ما جعل هدف عام 2030 صعب المنال.
كما يعني الطلب المرتفع من مراكز البيانات القائمة على الذكاء الاصطناعي والسيارات الكهربائية والمضخات الحرارية أن "خط النهاية يباعد أكثر وأكثر بين الحكومة والمستهدف نفسه".
على صعيد متصل، قال التقرير: "في نهاية المطاف، لن يتحقق هدف الحياد الكربوني في بريطانيا، وسيُعد هذا فشلًا، لكن في المدى الطويل، سيكون حشد الصناعة لتحقيق المستهدف نفسه الجائزة الحقيقية".
وتابع: "السؤال في النهاية هو: كم سيتكلّف المستهلكون نظير تحقيق مستهدف الطاقة المتجددة؟".
التزام حكومي
لطالما أكد الوزراء في الحكومة البريطانية قدرتهم على تحقيق أهداف الطاقة المتجددة، مبررين موقفهم بأن مبادرة الطاقة النظيفة ستقلّل فواتير المستهلكين على المدى البعيد، عبر خفض اعتماد بريطانيا على أسعار الغاز.
ومع ذلك، تواجه الشركات ضغوطًا متزايدة بشأن الرسوم البيئية المختلفة ورسوم الشبكة التي تُضاف إلى فواتير المستهلكين لتمويل التحول إلى الطاقة المتجددة.
وسبق أن صرّح وزير الحياد الكربوني في بريطانيا مايكل شانكس، بأن الحكومة ستحقق هدفها "بكل تأكيد"، مضيفًا: "كل خطوة تقرّبنا أكثر من هدف الحياد الكربوني، ولديّ ثقة كبيرة بأننا سننجزه في النهاية".
تحذير آخر
بالإضافة إلى مستهدف الحياد الكربوني في بريطانيا، حذّر تقرير "مونتل" من إمكان هدر كميات كبيرة من الكهرباء المولّدة من طاقة الشمس والرياح في نهاية العقد الحالي.
وقال إنه بحلول ديسمبر/كانون الأول (2029) سيكون ثمة فائض في الكهرباء بنسبة 48%.
وفي أشهر الصيف، سيكون هناك تخمة في الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية؛ ما سيدع الأسعار مؤقتًا إلى المنطقة السلبية، حسب التقرير.
وأوصى، في النهاية، بضرورة تصدير الكهرباء الفائضة إلى الخارج، أو تقليصها عبر دفع مبالغ مالية لمنشآت توليد الكهرباء مثل مزارع الرياح لوقف تشغيلها حتى لا تطغى على الشبكة.
موضوعات متعلقة..
- كشف أثري يهدد أهداف الحياد الكربوني في بريطانيا.. ما القصة؟
- خطة الحياد الكربوني في بريطانيا "تخنق" الصناعة.. "الصلب" نموذجًا
- الحياد الكربوني في بريطانيا.. تقييم حكومي مُسرَّب يكشف مخاطر اقتصادية (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أدنوك الإماراتية توقع صفقة بقيمة 11 مليار دولار لتطوير مشروعي "الحيل" و"غشا"
- خبراء: منجم السكري محور تطوير قطاع التعدين في مصر
- أسعار المحروقات في المغرب تنخفض.. هل تفوت فرصة النفط الرخيص؟
المصدر:
1. تحديات هدف الحياد الكربوني في بريطانيا من ذا تيليغراف.





