السيارات في اليابان لن تتخلى عن البنزين رغم خطط خفض الانبعاثات.. لماذا؟
هبة مصطفى
تُعد سوق السيارات في اليابان "كلمة السر" لرصد واقع وقود البنزين، رغم جهود خفض الانبعاثات ومساعي "الكهربة" التي تتبناها الحكومة وتتماشى مع الأهداف العالمية لتحول الطاقة.
فمعدل انتشار السيارات الكهربائية الخالصة في شوارع الدولة الآسيوية لم يكن مُشجعًا حسب بيانات العام الماضي 2024؛ ما يشير إلى وتيرة تحول بطيئة لقطاع النقل.
ورغم تراجع الاستهلاك؛ فإنه لن يصل إلى معدل صفري؛ إذ تشير توقعات إلى انخفاض بنسبة 2.4% فقط على أساس سنوي، خلال العام المالي المقبل 2026-2027، حسب معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
(العام المالي في اليابان يبدأ مطلع أبريل/نيسان من كل عام، وينتهي نهاية مارس/آذار من العام اللاحق له).
وبإلقاء نظرة على توقعات الطلب حتى عام 2030، نجد أن معدل التخلي عن استهلاك البنزين بطيء، ما يشير إلى أنه لن يختفي بصورة نهائية من خيارات وقود السيارات في اليابان.
سوق البنزين في اليابان
تُشير بيانات قطاع البنزين في اليابان إلى تراجع المبيعات، من 330 مليون برميل عام 2016، إلى 280 مليون برميل خلال العام الماضي.
ويتوقع أن ينخفض الطلب على البنزين بنسبة 2.4% خلال العام المالي المقبل، ليصل إلى 260 مليون برميل (بمعدل 712 ألفًا و300 برميل يوميًا)، حسب توقعات وزارة التجارة والصناعة.

ويستمر معدل الطلب في التراجع خلال السنوات المقبلة حتى العام المالي 2029-2030، بما يتراوح بين 2.1 و2.5% سنويًا.
ويتوافق الخفض التدريجي للطلب على البنزين ومعدل استهلاكه مع أهداف الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات التي تتبناها طوكيو.
فقطاع النقل في البلاد أسهم بنحو 19.2% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مدار العام المالي 2023-2024، واستحوذ البنزين وحده على نصف هذه الكميات، طبقًا لتقديرات وزارة البيئة.
وعزز ذلك من تأكيد الحكومة اليابانية هدف التحول في قطاع النقل، مجددة -في فبراير/شباط الماضي- هدفها بـ"كهربة" السيارات وهيمنتها على المبيعات الجديدة بالكامل، بدءًا من 2035.
علاقة سوق السيارات
قد توحي بيانات استهلاك البنزين وتوقعات تراجع الطلب، بجانب أهداف خفض انبعاثات قطاع النقل، بأن نوع الوقود المذكور في طريقه للاختفاء من الأسواق والإزاحة من الدولة الآسيوية.
ويأتي تعريف اليابان للمركبات النظيفة لينسف هذه الفرضية، ويثبت حقيقة أن البنزين باقٍ.
ويشمل التعريف: السيارات الكهربائية بالكامل، والعاملة بخلايا الوقود، ويغطي أيضًا السيارات الهجينة (سواء العاملة بالبنزين، أو القابلة للشحن).
وكان المزاج العام للمشترين اليابانيين انعكاسًا لهذا التعريف؛ إذ بلغت السيارات المحلية والمستوردة (المسجلة من يناير/كانون الثاني مطلع العام الجاري، حتى نوفمبر/تشرين الثاني) 2.4 مليون وحدة، حسب بيانات رابطة تجار القطاع.
وخلال هذه المدة، سيطرت السيارات الهجينة العاملة بالبنزين (سيارات تعمل بالبطاريات الكهربائية، بجانب محرك احتراق داخلي) على غالبية التسجيلات، بنسبة وصلت إلى 60%.
ومثّلت تسجيلات السيارات العاملة بمحرك احتراق بنزين فقط 32% من تسجيلات الأشهر الـ11 الأولى من العام.
وخلال السنوات الأخيرة، سطع نجم السيارات الهجينة بمعدل نمو تدريجي، إذ قدرت حصتها بنحو 37.1% عام 2020، وقفزت إلى 61.1% العام الماضي.
ومقابل ذلك، تراوحت تسجيلات السيارات الكهربائية الخالصة بين 0.6% و1.7%، خلال هذه المدة.
وتكشف هذه البيانات اتجاه اليابانيين لاستمرار الاعتماد على البنزين رغم تراجع استهلاكه؛ إذ تكمن كلمة السر في السيارات الهجينة.

عوامل مؤثرة
اتخذ دور البنزين بسوق السيارات في اليابان طابعًا رسميًا، بعد تأكيد وزير التجارة والصناعة "ريوسي أكازاوا" استمرار التوجه القوي تجاه المركبات الهجينة.
وأرجع ذلك إلى تباطؤ وتيرة التحول العالمي نحو السيارات الكهربائية، وفق تصريحات نقلتها عنه منصة أرغوس ميديا المعنية بشؤون الطاقة.
وواجهت سوق السيارات في اليابان حربًا جديدة، مع فرض الرئيس الأميركي رسومًا جمركية على الواردات، ما أثر سلبًا في أرباح المنتجين.
وبدأت الرسوم بنحو 27.5%، لكن حتى مع انخفاضها إلى 15% لا تزال تشكل عبئًا على الصناعة، خاصة أنها كانت تقدر بـ2.5% فقط قبل قرارات ترمب.
فبالتوازي مع ضعف مبيعات السيارات الكهربائية العالمية، عولت طوكيو على سيارات محرك الاحتراق الداخلي والهجينة العاملة بالبنزين، وبالفعل صدرت إلى أميركا 15% من سياراتها المنتجة محليًا العام الماضي.
وتسعى الحكومة إلى دعم المصنعين وشركات إنتاج السيارات في اليابان، وتعويض جانب من الخسارة التي تتسبب بها رسوم ترمب، من خلال تجميد (ضريبة بيئية) تتراوح بين 0 و3% على المركبات.
ومن شأن إلغاء هذه الضريبة أن يعيد الزخم للسيارات الهجينة والعاملة بالبنزين مرة أخرى.
موضوعات متعلقة..
- نصف مبيعات السيارات في أميركا ما زال مستوردًا.. واليابان ترسّخ حضورها التاريخي
- السيارات الهجينة والعاملة بالبنزين طوق نجاة المُصنعين من المنافسة الأميركية الصينية
- هبوط مبيعات السيارات الكهربائية في اليابان بنسبة 35%
اقرأ أيضًا..
- سوق الهيدروجين النظيف في 2025.. بين شبح الانتكاسة والعودة إلى الواقع
- النفط في ليبيا خلال 2025.. عام دون حصار للحقول والمواني ينعش الإيرادات
- تفكيك اتفاقية خطوط غاز الشرق.. بين فجوة الإمداد وإعادة رسم السياسة (مقال)
المصدر..





