مشروعات إنتاج الفحم في أستراليا تواجه تحديات عالمية.. 1.8 مليار طن مهددة
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- مسارات تحول الطاقة العالمية تهدد الدول المنتجة والمصدرة للفحم.
- إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة عالميًا يتجاوز الفحم لأول مرة في التاريخ.
- الطلب على الفحم في قطاع الكهرباء الآسيوي قد يصل إلى ذروته قريبًا.
- الطلب العالمي على الفحم قد يبدأ الانخفاض التدريجي بحلول عام 2030.
- كبار مستوردي الفحم الأسترالي يخططون للتخلص من الفحم.
استندت الجدوى الاقتصادية لمشروعات إنتاج الفحم في أستراليا تاريخيًا إلى الطلب العالمي التقليدي لتوليد الكهرباء، لكن مسارات تحوّل الطاقة الآخذة في النمو أصبحت تهدد مستقبل الدول المنتجة والمصدرة للفحم.
وحذّر تقرير حديث -اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- من تعرض مشروعات أسترالية، تستهدف زيادة الطاقة الإنتاجية في البلاد بمقدار 1.8 مليار طن حتى عام 2050، إلى مخاطر مستقبلية غير مضمونة على مستوى الطلب.
واستند التحذير الموجه لمشروعات إنتاج الفحم في أستراليا إلى التحولات العالمية الآخذة في النمو بقطاع الكهرباء، مع زيادة التوجه إلى مصادر الطاقة المتجددة، والغاز الطبيعي، والطاقة النووية، والابتعاد عن المعدن الأسود الموصوم بيئيًا.
ويخشى التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي من تأثير الالتزامات المناخية التي قطعتها دول كبرى مستوردة للفحم الأسترالي على الطلب والصادرات المستقبلية؛ ما يهدد اقتصادات مشروعات توسعة الطاقة الإنتاجية الحالية في البلاد.
تحوّل الطاقة يهدد الطلب على الفحم عالميًا
شهد مزيج الكهرباء العالمي تحولات غير مسبوقة خلال النصف الأول من 2025، مع تفوق توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة على الفحم لأول مرة في التاريخ، بحسب بيانات مركز أبحاث الطاقة النظيفة "إمبر".
ونجحت تركيبات الطاقة الشمسية والرياح الجديدة في تلبية نمو الطلب العالمي على الكهرباء، وهو ما يتوافق مع توقعات وكالة الطاقة الدولية المرجحة لتضاعف القدرة العالمية للطاقة المتجددة بحلول عام 2030 لتصل إلى 4 آلاف و600 غيغاواط، أي ما يعادل إنتاج الكهرباء المجمع في الصين والاتحاد الأوروبي واليابان -حاليًا-.
وبحسب سيناريو السياسات الحالية لدى وكالة الطاقة الدولية، من المتوقع أن يبدأ الطلب العالمي على الفحم في الانخفاض بحلول عام 2030، ليصل إلى 5.16 مليار طن مكافئ سنويًا بحلول 2035، بانخفاض 8% عن مستواه في عام 2024.
كما يتوقع أن يواصل الطلب العالمي، الانخفاض على المدى الطويل ليصل إلى 4.72 مليار طن مكافئ بحلول عام 2050، بانخفاض 22% عن مستواه عام 2024.

ويشير تقرير حديث صادر عن مركز إمبر، إلى أن الطلب على الفحم في توليد الكهرباء بالصين والهند وإندونيسيا قد يصل إلى ذروته خلال هذا العقد.
ويتوافق التقرير مع دراسة أخرى صادرة عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي تشير إلى أن تحول الطاقة في الصين وصل إلى نقطة تحوّل مهمة، مع تحقيق انخفاض صافٍ في الانبعاثات هذا العام.
ورجّحت الدراسة وصول استعمال الفحم في قطاع الكهرباء الصيني إلى ذروته خلال عام 2025، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، انخفض عدد الدول التي تقترح أو ما زالت تتبنّى خططًا لبناء محطات توليد كهرباء جديدة عاملة بالفحم، في حين زاد عدد الدول التي أعلنت التزامها بالتخلص التدريجي منه.
مخاطر مشروعات إنتاج الفحم في أستراليا
كانت كوريا الجنوبية -أحد أكبر مستوردي الفحم الحراري الأسترالي- من أحدث الدول التي تعهدت بإغلاق جميع محطات التوليد العاملة بالفحم غير المعالج في البلاد بحلول عام 2040، وذلك على هامش قمة المناخ كوب 30 المنعقدة في البرازيل الشهر الماضي.
وصُنّفت كوريا الجنوبية ثالث أكبر مستورد لصادرات الفحم الحراري الأسترالي على مدى العقد الماضي، لكن وارداتها تراجعت خلال السنوات الماضية حتى قبل تعهدها بالتخلص من الفحم الحراري.
وبحسب بيانات معهد اقتصادات الطاقة، صدّرت أستراليا أكثر من 10 ملايين طن من الفحم الحراري إلى كوريا الجنوبية بقيمة 1.7 مليار دولار أسترالي (1.1 مليار دولار أميركي) خلال عام 2024.
وتشير التطورات العالمية والإقليمية الأخيرة إلى أن الطلب على الفحم عالي الجودة من المرجح أن ينخفض بمعدلات أكبر وأسرع مما كان متوقعًا سابقًا؛ ما يشكل تحديًا أمام مشروعات إنتاج الفحم في أستراليا.
الفحم الأسترالي عالي الجودة في مأزق
يبدو مأزق الفحم الأسترالي عالي الجودة أكبر من غيره، إذ لا توجد أسواق بديلة له سوى اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، وكلها تتجه للتخلي التدريجي عن الفحم في قطاع الكهرباء.
ويتوقع أن تتجه دول جنوب شرق آسيا إلى تلبية الطلب عبر استيراد الفحم الحراري الأرخص من موردين آخرين مثل إندونيسيا وجنوب أفريقيا وروسيا وكولومبيا.
وارتفعت حصة الفحم الحراري الروسي والإندونيسي بالفعل في سوق كوريا الجنوبية خلال السنوات الماضية، بسبب انخفاض أسعارهما وموثوقية الشحن.

وعلاوة على التوقعات السلبية للطلب، تواجه مشروعات إنتاج الفحم في أستراليا تحديات أخرى مثل ارتفاع تكاليف التشغيل والمخاطر الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة، فضلًا عن التغييرات التنظيمية المحلية مع تشديد المراقبة والتدقيق في انبعاثات الميثان من مناجم الفحم.
وأثرت التطورات والتحولات بالفعل في بعض شركات التعدين الأسترالية، التي سحبت طلبات توسعة الإنتاج في المناجم مثل شركة وايت هافن كول (Whitehaven Coal)، إذ ألغت طلب التوسع في إنتاج منجم بلاك ووتر نورث (Blackwater North) الذي استحوذت عليه -مؤخرًا-.
وكانت الشركة تخطط لإضافة 220 مليون طن إلى طاقة إنتاج الفحم في أستراليا حتى عام 2085، لكن الهدف أصبح مهددًا بقوة بسبب التحولات العالمية المهددة للطلب والصادرات.
ورغم ذلك، فهناك شركات تعدين أخرى ما زالت تسعى لتوسيع إنتاجها من المناجم في أستراليا، خاصة في ولاية نيو ساوث ويلز، أكبر ولاية منتجة للفحم الحرارية في البلاد.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة المتجددة في أستراليا تحقق تقدمًا بسوق الكهرباء خلال 10 سنوات (تقرير)
- ميناء تصدير الفحم الأسترالي يستعد للعمل بعد هجوم نشطاء المناخ
- هدف الحياد الكربوني في أستراليا بحلول 2050 يعرّض اقتصادها لخسائر (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- مشروعات الطاقة في 7 دول عربية ترفع عقود شركة عالمية 20%
- أول مشروع هيدروجين أخضر في سلطنة عمان.. إعلان موعد التشغيل
- نشاط ملحوظ بسوق ناقلات النفط في 2025.. ودولة عربية ضمن أكبر المشترين
المصدر:





