رئيسيةتقارير النفطنفط

تغيير إداري تاريخي في شركة بي بي البريطانية.. ما القصة؟

دينا قدري

اتخذت شركة بي بي البريطانية (BP) قرارًا بإجراء تغيير إداري يُعدّ تاريخيًا بالنسبة لكبريات شركات النفط العالمية.

ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، قررت شركة بي بي تعيين ميغ أونيل، الرئيسة التنفيذية لشركة وودسايد إنرجي الأسترالية (Woodside Energy)، رئيسةً تنفيذيةً جديدةً لها.

وستتولى أونيل منصبها في أبريل/نيسان المقبل، خلفًا لموراي أوشينكلوس الذي رحل فجأةً، لتصبح بذلك أول رئيسة تنفيذية من خارج الشركة في تاريخ بي بي الممتد لأكثر من قرن، وأول امرأة تقود واحدة من أكبر 5 شركات نفط في العالم.

ويُشير هذا التغيير إلى سعي الشركة البريطانية المتجدد لتعزيز العائدات وزيادة استثماراتها في قطاع النفط والغاز، بعد تراجعها عن إستراتيجية طموحة للطاقة المتجددة.

ويأتي هذا التغيير الجذري بعد 3 سنوات مضطربة لشركة الطاقة العريقة، شهدت خلالها تغييرات في القيادة، وإعادة هيكلة إستراتيجية الطاقة المتجددة الفاشلة، وضغوطًا من المستثمرين الناشطين، وشائعات متداولة حول قرب استحواذ شركة أخرى عليها.

3 خيارات لشركة بي بي البريطانية

يُتيح التعيين المفاجئ لميغ أونيل بصفتها أول رئيسة تنفيذية من خارج الشركة البريطانية -التي يبلغ عمرها 116 عامًا- 3 خيارات إستراتيجية واضحة أمام شركة النفط البريطانية المتعثرة:

  • البناء،
  • أو الاستحواذ،
  • أو أن يُستحوذ عليها.

وأعلنت شركة بي بي، يوم الأربعاء (17 ديسمبر/كانون الأول 2025)، أن الرئيس التنفيذي موراي أوشينكلوس سيستقيل في اليوم التالي، وأن أونيل، الرئيسة التنفيذية الحالية لشركة وودسايد إنرجي الأسترالية، ستخلفه في أبريل/نيسان.

وستتولى كارول هاول، رئيسة قسم التداول في بي بي، منصب الرئيسة التنفيذية المؤقتة حتى ذلك الحين.

ويُعدّ هذا التغيير في قيادات الشركة أكثر إشارة واضحة حتى الآن إلى أن رئيس مجلس إدارة بي بي الجديد، ألبرت مانيفولد، الذي تولى منصبه في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2025، يعتزم إجراء إصلاح جذري للشركة النفطية التي عانت طويلًا، بحسب ما جاء في تقرير نشرته وكالة رويترز.

وقال مانيفولد في بيان له: "لقد تحقق تقدّم في السنوات الأخيرة، ولكن يلزم بذل المزيد من الجهد والدقة لإجراء التغييرات التحويلية اللازمة لتعظيم قيمة أسهمنا".

الرئيس التنفيذي السابق لشركة بي بي البريطانية، موراي أوشينكلوس
الرئيس التنفيذي السابق لشركة بي بي البريطانية، موراي أوشينكلوس - الصورة من منصة "يورو نيوز"

سياسة شركة بي بي البريطانية

لن تصبح ميغ أونيل -وهي مواطنة أميركية- أول رئيسة تنفيذية من خارج الشركة فحسب، بل ستكون -أيضًا- أول امرأة تقود شركة نفط غربية كبرى؛ إذ أشرفت على توسُّع شركة وودسايد في السنوات الأخيرة، لتصبح لاعبًا رئيسًا في قطاع الغاز المسال، إلّا أنّ تولّي قيادة شركة بي بي مهمة من نوع مختلف تمامًا.

فقد تولّى أوشينكلوس منصب الرئيس التنفيذي في يناير/كانون الثاني 2024 بعد الاستقالة المفاجئة لبرنارد لوني في سبتمبر/أيلول 2023 بسبب كذبه على مجلس الإدارة بشأن علاقات شخصية مع موظفين.

وعمل "أوشينكلوس" جذريًا على تغيير إستراتيجية سلفه الطموحة في مجال تحول الطاقة، متخلّيًا عن خطط خفض إنتاج شركة بي بي من النفط والغاز وتوسيع أعمالها في مجال الطاقة المتجددة.

وبعد ضغوط شديدة من شركة إليوت مانجمنت (Elliott Management) -وهي شركة استثمارية ناشطة- تعهَّد "أوشينكلوس" في فبراير/شباط بالتركيز بشكل أكبر على أعمال بي بي التقليدية نظرًا لتراجع عائدات الطاقة المتجددة.

وأعادت "بي بي" تنشيط قسم النفط والغاز لديها من خلال العديد من مشروعات التنقيب والإنتاج الجديدة في خليج المكسيك والعراق وليبيا، بالإضافة إلى اكتشاف نفطي كبير في البرازيل.

وتطمح الشركة -التي بلغ إنتاجها 2.36 مليون برميل من النفط المكافئ يوميًا في عام 2024- إلى رفع هذا الرقم قليلًا إلى ما بين 2.3 و2.5 مليون برميل من النفط المكافئ يوميًا بحلول عام 2030.

كما أطلقت الشركة حملة لخفض التكاليف بقيمة تتراوح بين 4 و5 مليارات دولار بحلول عام 2027، وقلّصت هذا العام 5% من قوّتها العاملة العالمية التي يبلغ قوامها نحو 90 ألف موظف.

ويبدو أن هذه التغييرات لاقت استحسان المستثمرين؛ إذ ارتفعت أسهم شركة بي بي بنسبة 10% حتى الآن هذا العام، متفوقةً على أسهم شركات شل وشيفرون وتوتال إنرجي.

وبذلك، ترث "أونيل" شركةً تسير في الاتجاه الصحيح، لكنها ستُكلَّف الآن بمهمة مواصلة تحسين الأداء التشغيلي والمالي لشركة بي بي تحت إشراف مانيفولد، الذي يبدو أنه أكثر انخراطًا في الإدارة اليومية للشركة من أسلافه.

الرئيسة التنفيذية الجديدة لشركة بي بي البريطانية، ميغ أونيل
الرئيسة التنفيذية الجديدة لشركة بي بي البريطانية، ميغ أونيل - الصورة من وكالة بلومبرغ

مهمة الرئيسة التنفيذية الجديدة لشركة بي بي

لعلّ الخيار الأمثل لـ"أونيل" هو مواصلة تنمية قسم التنقيب والإنتاج في بي بي من خلال توجيه المزيد من السيولة النقدية إلى هذا القطاع لتطوير الإنتاج أو الاستحواذ على أصول جديدة، بحسب التقرير الذي نشرته وكالة رويترز.

وتخطط الشركة حاليًا لإنفاق نحو 10 مليارات دولار على النفط والغاز من إجمالي ميزانية الإنفاق الرأسمالي التي تتراوح بين 13 و15 مليار دولار سنويًا بين عامي 2025 و2027.

ومن المرجّح أيضًا أن تلتزم "أونيل" بخطط سلفها أو تتجاوزها، والتي تنص على بيع أصول بقيمة 20 مليار دولار بين عامي 2025 و2027 بهدف خفض عبء ديون بي بي الثقيل.

ومع ذلك، فإن توقعات انخفاض أسعار النفط العام المقبل وسط زيادة المعروض العالمي ستزيد من تعقيد مهمة "أونيل".

ومن المفارقات، أنه كلما تحسَّن أداء بي بي في العام المقبل، ازداد غموض مستقبلها.

فخلال السنوات القليلة الماضية، كثرت التكهنات حول استحواذ منافس أكبر على بي بي، وفي يونيو/حزيران، استبعدت شركة شل شراء بي بي بعد تقارير إعلامية أشارت إلى نيّتها القيام بذلك.

وأفادت تقارير بأن شركات أخرى، من بينها إكسون موبيل، وشيفرون، وشركة أدنوك الإماراتية، قد فكرت في تقديم عروض للاستحواذ على شركة بي بي.

ومع تزايُد ثقة القطاع بأن الطلب على النفط والغاز سيظل قويًا لعقود رغم التحول في قطاع الطاقة، أصبح الاندماج أكثر جاذبية، إذ يتيح للشركات فرصة لتوسيع نطاق أعمالها وخفض تكاليف التشغيل.

لذا؛ فإن النمو والنجاح الأخيرين لمحفظة بي بي في قطاع التنقيب والإنتاج يجعلها هدفًا جذابًا لمنافس -مثل شل- يسعى إلى زيادة إنتاجه من النفط والغاز على المديين القريب والبعيد.

أحد مواقع الإنتاج التابعة لشركة بي بي البريطانية
أحد مواقع الإنتاج التابعة لشركة بي بي البريطانية - الصورة من موقع الشركة

ماذا يعني اختيار ميغ أونيل؟

رحّب العديد من الخبراء باختيار ميغ أونيل رئيسة تنفيذية جديدة لشركة بي بي البريطانية، إذ رأى المحلل في جيه بي مورغان (JP Morgan) ماثيو لوفتينغ، أنه من المرجّح أن يُنظَر إلى هذا القرار بصفته خطوة جريئة من مجلس الإدارة برئاسة ألبرت مانيفولد.

وقال: "عمومًا، نتوقع أن يتقبل المستثمرون هذا التغيير، وأن يرحّبوا بنظرة جديدة تُلقي الضوء على خطة بي بي الإستراتيجية".

وأشار محللو شركات بايبر ساندلر (PIPER SANDLER) إلى أنه على الرغم من أن الإعلان كان مفاجئًا من حيث التوقيت والسرعة، فإنهم توقعوا أن يكون لهذا التغيير أثر إيجابي في السهم في نهاية المطاف.

وأضافوا: "بينما أبدى المستثمرون عمومًا تفاؤلًا بشأن توجهات أوشينكلوس، بما في ذلك التغييرات الجوهرية في تخصيص رأس المال والتوجه الإستراتيجي، فقد كان من الواضح أيضًا أن السوق تتوق إلى نهج أكثر جرأة من حيث النطاق والسرعة".

كما سلّطوا الضوء على أن هذا القرار يُبرز مستوى من السرعة والتركيز بقيادة رئيس مجلس الإدارة الجديد، ألبرت مانيفولد، وهو ما كان مفقودًا سابقًا، ومن المرجّح أن يلقى ترحيبًا من المستثمرين.

من جانبه، قال محلل بقسم أبحاث الأسهم العالمية في سكوتيا بنك (Scotiabank) بول تشينغ: "نعتقد أن السوق ستنظر إلى تنحّي أوشينكلوس بنظرة إيجابية.. في رأينا، يُشير تعيين رئيس تنفيذي جديد من خارج الشركة إلى نفاد صبر مجلس الإدارة إزاء وتيرة ونطاق جهود إعادة الهيكلة المعلنة سابقًا".

وتابع: "شهدنا في السابق حالات ناجحة نجح فيها الرئيس التنفيذي الجديد من خارج المؤسسة، والذي لا يحمل أيّ أعباء سابقة، في إحداث تغيير جذري أدى إلى رفع مستوى الأداء بشكل ملحوظ في غضون عامين".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. تداعيات اختيار أول رئيسة تنفيذية لشركة بي بي البريطانية من الخارج، من وكالة رويترز
  2. تعليقات المحللين على اختيار رئيسة تنفيذية جديدة لشركة بي بي البريطانية، من وكالة رويترز
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق