خط أنابيب غاز تابي.. لماذا تعيد باكستان تقييم جدواه الاقتصادية؟ (مقال)
أسامة رزفي* - ترجمة: نوار صبح

- طول خط أنابيب غاز تابي يبلغ 1814 كيلومترًا
- باكستان قد تُؤجل مشروع خط أنابيب غاز تابي حتى عام 2031
- باكستان تتجه نحو استعمال الفحم بدلًا من الغاز المسال
- مستقبل خط أنابيب غاز تابي مُعقّدٌ بسبب الحقائق الجغرافية والسياسية الصعبة
تعيد باكستان تقييم الجدوى الاقتصادية لخط أنابيب غاز تابي (تركمانستان-باكستان-أفغانستان-الهند)، بسبب رسوم العبور وسط توجهات بزيادة الاعتماد على الفحم بدلًا من الغاز المسال لتوليد الكهرباء.
وطُرحت فكرة أنبوب تابي، لأول مرة، في تسعينيات القرن الماضي، وكان الهدف ربط احتياطيات الغاز الضخمة في تركمانستان بجنوب آسيا، وانضمت الهند إلى المشروع عام 2003.
وفي عام 2010، وقّعت الأطراف الـ4 اتفاقية حكومية دولية في مدينة عشق آباد، أكدت فيها عزمها على المضي قدمًا في هذا المشروع رغم الخلافات السياسية والتحديات الأمنية.
وكان التقدم بطيئًا منذ ذلك الحين؛ إذ فرضت الحقائق الاقتصادية والمخاطر الجيوسياسية قيودًا على طموح الربط في هذه المنطقة، ومع دخول عام 2026، يصبح من الضروري إعادة تقييم جدوى هذا المشروع.
لمحة عن خط أنابيب غاز تابي
يبلغ طول خط أنابيب غاز تابي 1814 كيلومترًا، ويمتد من حقل غاز غالكينيش في تركمانستان إلى أفغانستان وباكستان، وصولًا إلى مدينة فاضيلكا الواقعة على الحدود الهندية-الباكستانية.
وتبلغ القدرة التصميمية 33 مليار متر مكعب، إذ ستستهلك أفغانستان حصة صغيرة تبلغ نحو 5 مليارات متر مكعب، في حين من المتوقع أن تستهلك باكستان والهند 14 مليار متر مكعب لكل منهما.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، أنشأ تحالف من الشركات المملوكة للدولة شركة خط أنابيب تابي المحدودة "تي بي سي إل" (TPCL)، لتسهيل تطوير المشروع وتمويله وبنائه.
وقُدّرت التكاليف الأولية بنحو 7.7 مليار دولار، ولكن بسبب التأخير ارتفعت حاليًا إلى 10 مليارات دولار.

تطوير البنية التحتية
حتى أواخر عام 2025، ما يزال خط أنابيب غاز تابي قيد التشغيل -إذ لم يُوقف- لكن التقدم بطيء للغاية، ويتركز معظم تطوير البنية التحتية بين تركمانستان وأفغانستان.
وأنجزت تركمانستان الجزء الخاص بها، إذ جرى مد نحو 14 كيلومترًا من خط الأنابيب جنوب أفغانستان (بولاية هِرات)، وحصلت على موافقة لمدّ 100 كيلومتر أخرى، وتوقف العمل لأكثر من 3 عقود.
وزار رئيس تركمانستان، بردي محمدوف، أفغانستان في أكتوبر/تشرين الأول 2025 والتقى نائب رئيس الوزراء الأفغاني.
وتُشير هذه العلاقة المتنامية والمتطورة بين البلدَين إلى أهمية ترابط أراضي المنطقة الأوراسية في المستقبل.
أما بالنسبة إلى دول مثل أفغانستان، فالفوائد جمة، على سبيل المثال، بمجرد تشغيل المشروع بكامل قدرته، يُمكن أن يُدرّ على البلاد إيرادات تتجاوز مليار دولار أميركي سنويًا.
رغم ذلك، يكاد خط الأنابيب يكون معدومًا بعد مدينة هِرات.

باكستان تنظر في تأجيل المشروع
هناك احتمال أن تُؤجل باكستان المشروع حتى عام 2031، استنادًا إلى تحليل حديث أجرته إحدى الشركات الاستشارية الذي يُشير إلى وجود فائض في الغاز المسال في البلاد.
ويبدو أن هذا التحليل يحمل في طياته بعض الصحة، إذ تُشير البيانات الحديثة إلى أن باكستان تتجه نحو استعمال الفحم بدلًا من الغاز المسال.
وقد أجّلت باكستان ما يصل إلى 26 شحنة من الغاز المسال كانت مُخططًا لها في عام 2026، وانخفض استعمال الغاز مع تزايد الإقبال على البدائل الأرخص، كالفحم.
وتؤدي العوامل الجيوسياسية دورًا في هذا الأمر، وفي حال لم تُحرز الهند تقدمًا مماثلًا لباكستان، أو انسحبت من المشروع، فسيصبح من غير المجدي اقتصاديًا لباكستان المشاركة في خط أنابيب غاز تابي، إذ ستتخلى عن رسوم العبور، في حين تتحمّل تكاليف نقل باهظة إلى أفغانستان.
ووفقًا لتحليل حديث، تبلغ التكلفة الإجمالية لرسوم العبور ما بين 700 و800 مليون دولار سنويًا، ولن يكون الأمر مجديًا لباكستان إلا إذا دفعت الهند هذه الرسوم، ما سيؤدي إلى توفير ما بين 200 و300 مليون دولار سنويًا.
ويوضح الرسم البياني الآتي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- حصة الغاز المسال بمزيج الكهرباء في باكستان خلال عامَي 2024 و2025:

مخاوف الهند
لدى الهند مخاوفها الخاصة، بدءًا من الجوانب اللوجستية وصولًا إلى الأمن.
وقد زادت المناوشات الحدودية الأخيرة بين باكستان والهند من غموض جدوى مشروع خط أنابيب غاز تابي، إذ ما يزال كلا الجانبين متشككًا في الثقة المتبادلة.
ويتمثّل أكبر مخاوف نيودلهي في أنه حال إنشاء خط الأنابيب فإنها ستخاطر بالاعتماد على باكستان في إمدادات الغاز.
وتُظهر المناقشات السابقة أن مستقبل خط أنابيب غاز تابي مُعقّدٌ بسبب الحقائق الجغرافية والسياسية الصعبة، وانعدام الثقة بين الدول المعنية.
وهناك احتمالٌ أن يقتصر تابي على (تركمانستان وأفغانستان) فقط، نظرًا إلى نجاح البلدَين في دفع المشروع قُدمًا -بانتهائها من مساحة تلو الأخرى- ويبدو أنهما حاليًا في تعاون دبلوماسي إيجابي.
أما بالنسبة إلى باكستان، تظل الأولويات الداخلية، مثل التسعير، والقاعدة الصناعية لاستيعاب فائض الغاز (وأي مصدر طاقة آخر)، في حين تشكّل الضبابية السياسية عائقًا عند النظر في مثل هذه المشروعات.
في الوقت الراهن، يبقى مستقبل خط أنابيب غاز تابي غامضًا، إذ يتطلب انخراط باكستان والهند انفراجة دبلوماسية كبيرة على جبهات متعددة.
وتُعد احتمالية حدوث ذلك أقل من احتمالية التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا.
أسامة رزفي، كاتب متخصص في أسواق الطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- خط أنابيب تابي ينطلق الأربعاء.. 33 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا
- تركمانستان تدعو إلى الاستثمار في خط أنابيب غاز تابي الممتد للهند
- إعلان موعد العمل في خط أنابيب تابي لنقل الغاز بين 4 دول (تحديث)
اقرأ أيضًا..
- لماذا تحتاج السعودية إلى الطاقة النووية رغم توافر النفط والغاز؟ أنس الحجي يجيب
- حقول النفط والغاز في سوريا تحت أعين 3 شركات كويتية
- حصة الطاقة المتجددة في المغرب ترتفع.. و12 مليار دولار استثمارات كهرباء





