التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

اتفاق باريس للمناخ.. ماذا حقّق بعد 10 سنوات من توقيعه؟ (تقرير)

نوار صبح

يبدو اتفاق باريس للمناخ، بعد 10 سنوات على توقيعه، مسرحًا تؤدي فيه دول العالم أدوارًا مختلفة، بهدف خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وزيادة الاعتماد على المصادر المتجددة لتوليد الكهرباء النظيفة.

وبعد مرور 10 سنوات على قمة باريس التاريخية للمناخ، التي اختُتمت بأول اتفاق عالمي للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من السهل التركيز على إخفاقاتها، لكن النجاحات لا تحظى بالقدر نفسه من الاهتمام، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وحطّمت الطاقة المتجددة الأرقام القياسية العام الماضي، إذ نمت بنسبة 15% وشكّلت أكثر من 90% من إجمالي قدرة توليد الكهرباء الجديدة، وتخطّت الاستثمارات في الطاقة النظيفة تريليونَي دولار، متجاوزةً الاستثمارات في الوقود الأحفوري بنسبة الضعف.

وتُمثّل المركبات الكهربائية الآن نحو خُمس السيارات الجديدة المبيعة حول العالم، وتُشكّل الكهرباء منخفضة الكربون أكثر من نصف قدرة توليد الكهرباء في الصين والهند، مع استقرار انبعاثات الصين حاليًا، وتراجعها في معظم الدول المتقدمة.

أهمية اتفاق باريس للمناخ

ترى الدبلوماسية الفرنسية السابقة التي كانت من أبرز مهندسي اتفاق باريس للمناخ، الرئيسة التنفيذية الحالية للمؤسسة الأوروبية للمناخ، لورانس توبيانا، أن "هذا يُعدّ إنجازًا بارزًا".

وقالت: "لقد أطلق اتفاق باريس للمناخ شرارة تحوّل نحو الطاقة النظيفة لا يمكن لأي دولة تجاهله الآن".

ويرى الرئيس التنفيذي لمركز أبحاث "كلايمت أناليتكس"، بيل هير، أنه من غير المرجح أن يحدث هذا لولا اتفاق باريس للمناخ.

وقال هير: "لقد أعاد تحديد سقف 1.5 درجة مئوية -لارتفاع درجات الحرارة العالمية- وهدف الوصول إلى الحياد الكربوني تشكيل السياسات والتمويل والتقاضي والقوانين القطاعية، ما أسهم في إعادة صياغة آلية عمل الدول والأسواق والمؤسسات".

توربينات رياح في الصين
توربينات رياح في الصين - الصورة من رويترز

بدوره، قال وزير الطاقة البريطاني، إد ميليباند، إنه "إذا أردنا تقييم أثر قمة باريس فلننظر إلى مسار درجات الحرارة قبل انعقادها؛ إذ كان كوكب الأرض مُتجهًا نحو ارتفاع في درجة الحرارة يتجاوز 4 درجات مئوية، وهو ارتفاع كارثي".

وأضاف: "بعد باريس، انخفض هذا الارتفاع إلى 3 درجات مئوية، ثم بعد قمة المناخ كوب 26 في مدينة غلاسكو عام 2021، التي أكدت مجددًا التعهد بعدم تجاوز 1.5 درجة مئوية، أسهمت التزامات خفض انبعاثات الكربون في زيادة الارتفاع المتوقع في درجة الحرارة إلى نحو 2.8 درجة مئوية".

واليوم، تشير التوقعات إلى نحو 2.5 درجة مئوية، في حال الوفاء بجميع الوعود القائمة، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

الاستجابة المترددة لاتفاق باريس للمناخ

فاقمت الاستجابة المترددة لاتفاق باريس للمناخ من بعض الدول الرئيسة في أعقابه مباشرة، أزمة المناخ التي يواجهها العالم اليوم، كما أن فشل الحكومات الغنية في السنوات الأخيرة في الوفاء بالتزاماتها تجاه الدول الفقيرة يهدّد بتقويض الإجماع العالمي.

والسؤال الآن هو: هل تستطيع الدول التعلّم من أخطاء العقد الماضي، للحفاظ على اتفاق باريس للمناخ ساري المفعول في العقد المقبل؟

ويُعد تاريخ السنوات الـ10 الماضية في سياسات المناخ حافلًا بالتناقضات الصارخة، والقفزات النوعية التي أعقبها تراجع، والتعاون الذي شابه التصدع.

وقد تلقى اتفاق باريس للمناخ الضربة الأولى في غضون عام واحد فقط، مع انتخاب دونالد ترمب رئيسًا للولايات المتحدة عام 2016؛ إذ تعهّد بالانسحاب من الاتفاق، وبدأ عملية الانسحاب عام 2017.

بدا أن هذا النمط سيتكرر هذا العام؛ ففي يناير/كانون الثاني الماضي، لدى عودته إلى البيت الأبيض، بدأ ترمب عملية الانسحاب مجددًا، مُطلقًا بذلك شرارة اضطرابات تجارية عالمية مدمرة بفرضه رسوم جمركية باهظة.

سياسات الحياد الكربوني

ورغم أن انسحاب ترمب الأول لم يُحدث أثرًا متفاقمًا حسبما خشي البعض -إذ لم تنسحب أي دولة أخرى فاعلة منذ ذلك الحين- فإنه قد يتحمّل جزءًا من المسؤولية عن ضربة أخرى، فبعد عام 2016 زادت الصين بصورة كبيرة من معدل انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون.

وعندما سافر الرئيس الصيني، شي جين بينغ، إلى باريس في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، ولبرهة وجيزة بعد ذلك، بدا أن انبعاثات ثاني أكبر اقتصاد في العالم قد بلغت ذروتها عند ما يقارب 10 مليارات طن سنويًا.

في عام 2017، تبدّد هذا الحلم، فقد عاد توليد الكهرباء بالفحم إلى الارتفاع، واستأنفت انبعاثات الكربون في الصين مسارها التصاعدي بوتيرة متسارعة، ليصل إلى 12.3 مليار طن العام الماضي.

وفي الوقت نفسه، لا يزال التفكير الاقتصادي في بكين غامضًا، وتتباين الآراء بشأن أسباب هذه الزيادة الحادة.

ويرى مدير مركز المناخ الصيني في معهد سياسات جمعية آسيا، لي شو، أن الحكومة كانت تسعى لدعم النمو الاقتصادي بالوسائل التقليدية؛ "كان ذلك من خلال سوق العقارات، والمباني، والصلب، والأسمنت"، مشيرًا إلى أن "الوضع مختلف الآن".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق