تغير المناخ يفاقم تداعيات العواصف والأعاصير الكارثية في جنوب شرق آسيا (تقرير)
نوار صبح
- ما لا يقل عن 1750 شخصًا لقوا حتفهم في الفيضانات
- الأعاصير جلبت معها أمطارًا غزيرة غير مسبوقة وخسائر فادحة في الأرواح
- أزمة تغير المناخ تُؤدي إلى زيادة غزارة الأمطار وشدتها في العديد من مناطق العالم
- يمكن لتغير المناخ والتقلبات الطبيعية أن تتضافر لتُنتج هطول أمطار غزيرة استثنائية
أدّت أزمة تغير المناخ إلى تفاقم تداعيات العواصف والأعاصير الكارثية التي ضربت بلدانًا في جنوب شرق آسيا، مؤخرًا، وتسبّبت في أضرار مادية واقتصادية كبيرة وخسائر في الأرواح.
وأفاد علماء بأن أزمة تغير المناخ فاقمت العواصف الكارثية التي أودت بحياة أكثر من 1750 شخصًا في آسيا، وذلك بزيادة شدة الأمطار الغزيرة وتفاقم الفيضانات، وفق أحدث متابعات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.
وعادةً ما تُسبّب أمطار الرياح الموسمية بعض الفيضانات، لكن العلماء أكدوا بوضوح أن هذا "غير طبيعي".
في سريلانكا، وصلت بعض الفيضانات إلى الطابق الثاني من المباني، في حين تفاقمت في سومطرة بإندونيسيا الفيضانات بسبب تدمير الغابات التي كانت تُبطئ في السابق جريان مياه الأمطار من سفوح التلال.
وتضرّر ملايين الأشخاص عندما ضرب إعصار ديتوا سريلانكا، وإعصار سينيار سومطرة وشبه جزيرة ماليزيا في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم، لتصبح هذه الأحداث من بين أعنف الكوارث المرتبطة بالطقس في التاريخ الحديث.
شدة فترات الأمطار الغزيرة
خلص تحليل أجرته مؤسسة "وورلد ويذر أتريبيشون" (World Weather Attribution)"، وهي اتحاد لعلماء المناخ، إلى أن شدة فترات الأمطار الغزيرة التي استمرت 5 أيام قد زادت بنسبة تتراوح بين 28% و160% في المنطقة المتضررة من إعصار سينيار، بسبب الاحتباس الحراري الناجم عن النشاط البشري. وفي سريلانكا، أصبحت فترات الأمطار الغزيرة، حاليًا، أشد بنسبة تتراوح بين 9% و50%.
وعلى الرغم من أن ما لا يقل عن 1750 شخصًا لقوا حتفهم في الفيضانات، ولا يزال المئات في عداد المفقودين، فإن للأعاصير تأثيرًا واسعًا ودائمًا في الصحة.
ووجدت دراسات حديثة أن الوفيات الناجمة عن أمراض مثل السكري وأمراض الكلى تزداد بعد هذه العواصف، إذ فقد الكثير من الناس منازلهم ومصادر رزقهم، وكان الفقراء هم الأكثر تضررًا.
وقالت الأكاديمية لدى المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية المؤلفة الرئيسة للدراسة، الدكتورة سارة كيو: "إن اجتماع أمطار الرياح الموسمية الغزيرة مع تغير المناخ يشكل مزيجًا كارثيًا"، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت: "أمطار الرياح الموسمية أمر طبيعي في هذه المنطقة من العالم، لكن ما ليس طبيعيًا هو تزايد شدة هذه العواصف".

وقال المحاضر بجامعة موراتوا في سريلانكا، البروفيسور لاليث راجاباكسا، الذي شارك في الدراسة: "أصبحت الأعاصير مثل (ديتوا) واقعًا جديدًا مقلقًا لسريلانكا ومنطقة جنوب وجنوب شرق آسيا الأوسع".
وأشار إلى أن "الأعاصير جلبت معها أمطارًا غزيرة غير مسبوقة، وخسائر فادحة في الأرواح، واضطرابات هائلة في الأنشطة الاقتصادية".
وأوضح أن "الفيضانات أمر شائع لدينا سنويًا خلال موسم الرياح الموسمية، فنحن نتوقع حدوثها، ولكن بارتفاع يتراوح بين 30 و60 سنتيمترًا حدًا أقصى. لكن هذه المرة، تجاوز الارتفاع في بعض المناطق 4 إلى 4.5 مترًا. لذا، حتى عدم وصول المياه إلى الطابق الثاني قد ينقذ المتضررين في بعض الأحيان".
تداعيات أزمة تغير المناخ
يتفق العلماء على أن أزمة تغير المناخ، الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري، تُؤدي إلى زيادة غزارة الأمطار وشدتها في العديد من مناطق العالم.
وأشاروا إلى أن الهواء الدافئ قادر على حمل المزيد من الرطوبة، ما يزيد من غزارة الأمطار.
في هذه الدراسة، فحص الباحثون سجلات الطقس لتقييم طريقة تغير فترات الأمطار الغزيرة مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب بمقدار 1.3 درجة مئوية كما هو الحال اليوم، ووجدوا زيادات ملحوظة في شدتها.
ويعود تباين التقديرات من 28% إلى 160% في المنطقة المتضررة من إعصار سينيار، على سبيل المثال، إلى استعمال مجموعة متنوعة من سلاسل البيانات المناخية.
وتُستعمل نماذج المناخ في هذه الدراسات لتقدير مدى زيادة احتمالية حدوث الظواهر الجوية القاسية نتيجة للاحتباس الحراري.
في هذه الحالة، لم تحاكِ النماذج الأحداث بصورة جيدة، حيث كانت التقلبات الطبيعية في درجات حرارة المحيط -ظاهرة لا نينا وثنائي القطب في المحيط الهندي- عوامل معقدة.
من ناحية ثانية، أظهر تحليل بيانات الطقس وقياسات ارتفاع درجات حرارة المحيطات أن الاحتباس الحراري العالمي قد ضاعف من حدة الأمطار الغزيرة المصاحبة للأعاصير.

وقالت الباحثة لدى معهد غرانثام لتغير المناخ والبيئة التابع لكلية إمبريال كوليدج لندن، الدكتورة مريم زكريا: "تُبيّن هذه الأحداث كيف يمكن لتغير المناخ والتقلبات الطبيعية أن تتضافر لتُنتج هطول أمطار غزيرة استثنائية".
وأضافت: "على الرغم من أن التقلبات الطبيعية تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من النظام المناخي، فإن تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري أمرٌ في متناول أيدينا وضروري للحدّ من شدة الظواهر المناخية القاسية في المستقبل".
موضوعات متعلقة..
- تغير المناخ يفاقم شدة فيضانات تحدث كل 240 عامًا في أميركا (دراسة)
- كيف أسهم تغير المناخ بحدوث الفيضانات المدمرة في إسبانيا؟ (تقرير)
- تغير المناخ يضرب أوروبا.. طقس حار وأمطار وحرائق وفيضانات في شهر واحد
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: عقوبات ترمب تؤثر في عقود النفط العالمية.. العراق وفنزويلا نموذجًا
- هل يتحول المغرب إلى تصدير الغاز المسال؟.. القصة الكاملة
- إستراتيجية الطاقة الأميركية.. هيمنة مستقبلية اعتمادًا على النفط والغاز والتقنية النووية (تقرير)
المصدر:





