أنس الحجي: ترمب يركز على موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي.. ودور مهم للسعودية
أحمد بدر

تفتح الرؤية الأميركية الجديدة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بابًا واسعًا للنقاش حول طبيعة الهيمنة الأميركية في السنوات المقبلة، ولا سيما في ظل التركيز المتزايد على ملفات الطاقة والذكاء الاصطناعي وتأثيرهما في المشهد الجيوسياسي العالمي.
وفي هذا السياق، أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الوثيقة الأميركية الأخيرة تضم فقرات مباشرة حول قطاع الطاقة، إضافة إلى فقرات أخرى تبدو بعيدة عنه لكنها تحمل تأثيرات غير مباشرة في أسواق الطاقة العالمية.
وأكد أن السياسات الأميركية تجاه مناطق حساسة، مثل الشرق الأوسط وروسيا والهند وفنزويلا، تترك انعكاسات واضحة على قطاع الطاقة، حتى لو لم ترد كلمة "الطاقة" في النصوص؛ لأن التشابكات الجيوسياسية تصنع تأثيرات لا يمكن تجاهلها.
وشدد على أن الوثيقة تُظهر فكرة مركزية واحدة، وهي أن الولايات المتحدة -وفق رؤية ترمب أو الدولة العميقة- تسعى إلى تعزيز تفوقها العالمي عبر محورين أساسيين: موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي، مع اعتبار الطاقة الأساس الذي يُمكّن الثاني.
جاءت تلك التصريحات خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة"، الذي يقدمه الدكتور أنس الحجي عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، وجاءت بعنوان: "الطاقة والذكاء الاصطناعي.. رؤية ترمب للهيمنة الأميركية على العالم".
ترمب وهيمنة الطاقة والذكاء الاصطناعي
قال أنس الحجي إن الوثيقة التي تستند إليها رؤية ترمب تحتوي على فقرات متخصصة بقطاع الطاقة بشكل مباشر، إلى جانب فقرات أخرى ذات طابع جيوسياسي، ترتبط بالطاقة بصورة غير مباشرة من حيث التأثير في الأسواق والاستثمارات الدولية.
وأكد أن السياسات الأميركية تجاه الشرق الأوسط وروسيا والهند وفنزويلا تُعد من أبرز العناصر التي تنعكس على قطاع الطاقة؛ لأن هذه المناطق تُعد نقاطًا محورية في تجارة النفط والغاز والمعادن الحيوية المرتبطة بالتحول الطاقي العالمي.
وأضاف أن الإستراتيجية يمكن تلخيصها في فكرة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة تستهدف تعزيز نفوذها العالمي عبر موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي، وهي رؤية تعكس فكر الدولة العميقة أكثر من كونها مجرد منظور شخصي يقتصر على ترمب.

وشرح أنس الحجي أن الذكاء الاصطناعي، على الرغم من أهميته، فلا يمكن أن يستمر أو يتوسع بمعزل عن توافر موارد الطاقة؛ لأن الأنظمة الرقمية ومراكز البيانات والتطبيقات الحديثة تستهلك كميات هائلة من الكهرباء.
وتابع: "الولايات المتحدة تمتلك المقومات التي تجعل رؤيتها قابلة للتحقق، فهي أكبر منتج للنفط، وأكبر مصدر للغاز المسال، وتملك مصادر واسعة من الطاقة المتجددة والمياه الكهرومائية، إلى جانب الفحم والوقود الحيوي والموارد الحرارية".
ومع ذلك، وفق الحجي، فإن الاعتماد الأميركي المستقبلي على الذكاء الاصطناعي يعزز الحاجة إلى موارد طاقة ضخمة، ما يجعل الطاقة الأساس الذي ترتكز عليه الهيمنة الأميركية في حال مضت إدارة ترمب أو غيرها في تنفيذ هذه الرؤية.
وخلص إلى أن هذا الربط بين الطاقة والذكاء الاصطناعي يمثل الفكرة الجوهرية التي ستحدد مسار النقاش المستقبلي حول السياسة الأميركية، خاصة في ظل تسارع التحولات العالمية في مجالات التكنولوجيا والطاقة النظيفة.

الدور السعودي بين موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي
أوضح أنس الحجي أن التركيز الأميركي على الدمج بين موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي ينسجم بشكل لافت مع التوجهات السعودية الحالية، ولا سيما التحول نحو جعل قطاع الطاقة محركًا رئيسًا للطموحات الاقتصادية والتكنولوجية.
وأكد أن السعودية تعمل على تحويل أرامكو من شركة نفط وطنية إلى شركة طاقة عالمية، وهو تحول يعكس إدراكًا مبكرًا لأهمية توسيع مجالات الاستثمار، بما يشمل النفط والغاز والطاقة المتجددة والوقود الحيوي والطاقة النووية.
وأشار إلى أن المملكة تركز بصورة كبيرة على تطوير الطاقات المتجددة، وتحديدًا الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب الاستثمار في الغاز غير التقليدي عبر مشروع الجافورة، وهو ما يعزز مكانتها بوصفها قوة طاقية عالمية.

وأضاف خبير اقتصادات الطاقة أن التوجه السعودي نحو الطاقة النووية يعكس رؤية إستراتيجية بعيدة المدى، ترتبط بتحقيق مزيج طاقة أكثر تنوعًا، وبتلبية الطلب المتنامي على الكهرباء في قطاعات الصناعة والاقتصاد الرقمي ومراكز البيانات.
ولفت إلى أن الرؤية الأميركية التي تتبنى الهيمنة عبر الذكاء الاصطناعي وموارد الطاقة تجد صداها في الرؤية التنموية السعودية، خاصة في ظل سعي المملكة إلى تحويل نفسها إلى مركز عالمي في الذكاء الاصطناعي ومشروعات الحوسبة السحابية.
وقال إن زيارة ترمب إلى السعودية وزيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة، وما رافقهما من اتفاقات واسعة، عززت مكانة التعاون التقني والطاقي بين البلدين، وفتحت المجال أمام شراكات جديدة في الذكاء الاصطناعي والطاقة.
واختتم الدكتور أنس الحجي تصريحاته بالتأكيد على أن إدراك السعودية لأهمية المزج بين موارد الطاقة والذكاء الاصطناعي يجعلها واحدة من أبرز الدول المرشحة لأن تؤدي دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي.
وفسّر ذلك بأن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يتطور دون طاقة، والطاقة وحدها لا تكفي دون التكنولوجيا المتقدمة، وهو المحور الذي يلعب عليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في إستراتيجيته الجديدة للأمن القومي في الولايات المتحدة.
موضوعات متعلقة..
- أنس الحجي: رسوم ترمب الجمركية تفتقر للوضوح.. والرئيس نفسه مصدر الفوضى
- الطاقة والذكاء الاصطناعي سلاحا ترمب لفرض كلمة أميركا في العالم (تقرير)
- أنس الحجي: إنتاج النفط الأميركي يشهد مبالغات.. وهذه حقيقة خوف "لوك أويل" من ترمب
اقرأ أيضًا..
- أوبك+ و9 أعوام على إعلان التعاون.. شراكة صلبة تضبط أسواق النفط
- مصافي النفط في ليبيا.. قدرات كبيرة وإنتاج محدود
- توتال إنرجي تعزز عملياتها في ناميبيا بصفقة جديدة
المصدر..





