سلايدر الرئيسيةالتقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الغازعاجلغاز

هل يتحول المغرب إلى تصدير الغاز المسال؟.. القصة الكاملة

ياسر نصر - دينا قدري

أثار التشغيل التجريبي لمشروع الغاز المسال في تندرارة شرق المغرب موجة واسعة من الجدل، خصوصًا بعد تداول تساؤلات حول ما إذا كانت المملكة تتجه إلى أن تُصبح دولة مصدّرة للغاز المسال.

ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن المشروع قد يكون بداية دخول المغرب نادي الدول المُنتجة، ذهب آخرون إلى أبعد من ذلك بالحديث عن إمكان التصدير.

في هذا التقرير الخاص، تكشف منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تفاصيل كاملة، وتصريحات رسمية حصلت عليها، بخصوص مشروع الغاز المسال المغربي.

وتوضح البيانات لدى "الطاقة" صورة مغايرة تمامًا، فالمشروع -رغم أهميته للمملكة- يظل صغيرًا ومخصصًا بالكامل لتلبية احتياجات داخلية محددة، خصوصًا في المناطق الصناعية البعيدة عن خطوط الغاز.

وما حدث خلال الأسبوع الجاري مجرد تشغيل تجريبي لمشروع صغير، أثار لغطًا، بعد أن خلط البعض بين "بدء تشغيل محطة غاز مسال مصغرة" و"دخول المغرب عهد تصدير الغاز المسال".

حقل تندرارة

بدأت شركة ساوند إنرجي البريطانية والشريك المشغّل "مانا إنرجي" التشغيل التجريبي لحقل تندرارة، عبر تدفّق الغاز لأول مرة داخل نظام تجميع الغاز في 8 ديسمبر/كانون الأول 2025.

وتُعدّ الخطوة تمهيدًا للتشغيل الكامل لوحدة الغاز المسال المصغرة المجاورة للحقل، وهو ما أثار تساؤلات حول تصدير الغاز، والجهة التي ستحصل على الإنتاج من تندرارة.

جانب من أنابيب ضخ الغاز من آبار حقل تندرارة- من ساوند إنرجي
جانب من أنابيب ضخ الغاز من آبار حقل تندرارة - من ساوند إنرجي

ورغم أهمية التقدم المحرز من أجل بدء إنتاج الغاز المسال في حقل تندرارة، فإن حجم المشروع وإمكاناته الفعلية لا يعطيان أي مؤشرات، حاليًا أو مستقبلًا، على أن المغرب سيتحول إلى دولة مصدرة.

ولا تتجاوز الطاقة الإنتاجية المتوقعة في المرحلة الأولى نحو 100 مليون متر مكعب سنويًا، وهي كمية ضئيلة مقارنة باحتياجات المغرب الذي يستهلك ما يقارب مليار متر مكعب سنويًا، ويُخطّط لرفع الرقم إلى 12 مليار متر مكعب سنويًا بحلول عام 2030.

مشروع الغاز المسال في حقل تندرارة

يركّز مشروع الغاز المسال في حقل تندرارة على إمداد المناطق الصناعية البعيدة في المغرب التي لا تصل إليها أي خطوط من أنبوب "الغاز المغاربي الأوروبي"، خاصة في شرق المملكة وجنوبها.

ولتحقيق الغرض، يحتضن المشروع "منشأة غاز مسال مصغرة"، مصممة لإنتاج كميات محدودة تُنقل بالصهاريج إلى العملاء الصناعيين، مثل مصانع السيراميك وتجفيف الفوسفات والصناعات التي تعاني ارتفاع تكلفة الوقود التقليدي، وليست محطة ضخمة للتصدير.

وتُعدّ شركة "أفريقيا غاز"، إحدى أكبر الشركات العاملة في قطاع توزيع المحروقات في المغرب، الشريك التجاري الرئيس للمشروع ضمن عقد مدته 10 سنوات، وفق صيغة "خذ أو ادفع"، ما يعكس أن كل الإنتاج مُخصص للسوق المحلية.

ويمثّل العقد طويل الأجل مع شركة "أفريقيا غاز" عنصرًا محوريًا في ضمان استدامة الإيرادات للشركاء في المشروع، وإحدى أهم ركائز التسويق طويل الأمد داخل مشروع الغاز المسال في تندرارة.

وحول آلية توزيع الغاز المسال على العملاء، قال الرئيس التنفيذي لشركة ساوند إنرجي، غراهام ليون، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة، إن الغاز المنتج من حقل تندرارة سيُباع بعد إسالته إلى شركة أفريقيا غاز، التي ستنقله بوساطة الشاحنات إلى عملائها الصناعيين.

وأضاف: "تُقام وحدات التخزين وإعادة التغويز على نطاق صغير في مواقع العملاء، إذ ستوفّر شركة أفريقيا غاز مرافق إعادة تغويز الغاز على نطاق صغير جدًا للمصانع".

ويُعدّ المشروع ركيزة أساسية لتزويد الصناعات المغربية بالغاز المحلي، خاصة الصناعات التي تعتمد على الوقود عالي التكلفة، إذ يوفّر بديلًا اقتصاديًا ونظيفًا في الوقت ذاته.

ومن شأن التشغيل الكامل أن يدعم خطط الدولة لخفض النفقات المرتبطة باستيراد الغاز المسال من الخارج، مع تعزيز الأمن الطاقي الوطني.

الرئيس التنفيذي لشركة ساوند إنرجي غراهام ليون

هل المغرب دولة مصدرة للغاز المسال؟

من خلال ما سبق يمكن الرد حول التساؤل الذي يطرحه البعض هل المغرب دولة مصدرة للغاز المسال؟ بالقول إن المملكة دولة مستهلكة للغاز، وتعتمد اعتمادًا كبيرًا على الاستيراد عبر خط الأنبوب مع إسبانيا، إلى جانب واردات الغاز المسال التي ستتعزّز مستقبلًا بوحدة تخزين وإعادة تغويز عائمة في ميناء الناظور.

ولا توجد لدى المغرب أي خطة حالية أو مستقبلية -سياسية أو اقتصادية أو لوجستية- لدخول سوق تصدير الغاز المسال، والخطط الموضوعة لبدء الإنتاج أو استكشاف الغاز تستهدف في المقام الأول خفض فاتورة الاستيراد.

وفي المرحلة الأولى يعتمد تطوير مشروع تندرارة على البئرَيْن TE-6 وTE-7، بالإضافة إلى بئر جديدة تضمن استقرار الإنتاج لمدة 10 سنوات.

وأكدت "ساوند إنرجي" وصول جهاز التحكم "سكادا" الذي مكّن من بدء الاختبارات الأولية لنظام تجميع الغاز، قبل دخول محطة الإسالة مراحل التشغيل التجاري.

وتستحوذ "مانا إنرجي" على 55% من الامتياز، في حين تمتلك "ساوند إنرجي" 20%، ويملك المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن 25%، وأُوكلت أعمال بناء المحطة وتشغيلها إلى شركة "إيتالفلويد جيوإنرجي" الإيطالية، ضمن ضمانات تشغيلية كاملة.

وتُقدَّر الموارد الغازية في امتياز تندرارة بنحو 10.67 مليار متر مكعب، والإنتاج المبدئي المعلن بـ10 ملايين قدم مكعبة يوميًا، يؤكد أن المشروع موجه لرفع المعروض المحلي فقط.

وعلى الرغم من محدودية قدرته الإنتاجية فإن المشروع يمثّل خطوة محورية ضمن إستراتيجية تحول الطاقة في المغرب، التي تشمل:

  • تقليص الاعتماد على الفحم في إنتاج الكهرباء.
  • خفض واردات الغاز من الخارج.
  • تعزيز أمن الطاقة الوطني.
  • توفير وقود أنظف وأرخص للصناعات المحلية.
  • رفع جاذبية قطاع الغاز للاستثمارات الدولية.

ويُعدّ المشروع نقطة انطلاق لتطوير المرحلة الثانية من الامتياز، التي تشمل مد خط أنبوب بقيمة 400 مليون دولار لربط تندرارة بالأنبوب المغاربي الأوروبي، على أن يُستفاد به مستقبلًا في مشروع أنبوب الغاز الأطلسي الأفريقي مع نيجيريا.

وترى ساوند إنرجي أن التشغيل التجريبي يفتح مرحلة تحول للشركة نحو جني الإيرادات، كما يعزّز ثقة المستثمرين بقطاع الغاز المغربي، الذي شهد في السنوات الأخيرة دخول مستثمرين جدد وحفر آبار إضافية، مع خطط لاستكشاف مناطق جديدة في وسط المملكة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق