
تخلى العديد من شركات الطاقة عن نقل الهيدروجين في خطوط أنابيب الغاز، مع استعدادها للتخلص التدريجي من هذه الشبكات تحقيقًا لمستقبل منخفض الكربون.
ووفق تقرير حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، تخطط معظم شركات الطاقة في ألمانيا والنمسا وسويسرا لخفض استثماراتها في شبكات الغاز.
وأفاد المسح الذي أجرته شركة هورفاث للاستشارات التجارية (Horvath)، ونقلته مجلة دير شبيغل (Der Spiegel)، بأن جميع المشاركين تقريبًا يخططون لزيادة استثماراتهم في بطاريات تخزين الكهرباء.
وذكر المسح أن "الاعتقاد بأن شبكات الغاز لن تؤدي دورًا محوريًا في المستقبل يزداد رسوخًا.. يسود الركود والتراجع قطاع الغاز".
خفض الاستثمارات في شبكات الغاز
أجرت شركة "هورفاث" استطلاعًا لآراء 91 شركة مرافق في الدول الناطقة بالألمانية، حيث أعربت 65% منها عن رغبتها في خفض استثماراتها في شبكات الغاز خلال السنوات المقبلة.
وقال 61% إنهم يتوقعون تقليص 0شبكات الغاز الخاصة بهم بشكل كبير أو حتى إيقاف تشغيلها بحلول عام 2040.
ولا يزال 4% فقط من المشاركين يرون إمكان لتحويل أنابيب الغاز بالكامل إلى الهيدروجين، أي نصف نسبة العام الماضي (2024) في الاستطلاع السنوي.
وفي المقابل، يخطط ثلثا المشاركين في الاستطلاع لمضاعفة إنفاقهم على تخزين الكهرباء على الأقل؛ ويخطط نحو 70% من المشاركين لدخول هذه السوق بحلول عام 2028.
وتُعد النتائج لافتة للنظر؛ حيث حذّرت قطاعات كبيرة من قطاع الطاقة، في خضم النزاع حول ما يسمى بقانون التدفئة، من التسرع في إلغاء مستقبل خطوط أنابيب الغاز والاعتماد بشكل كبير على المضخات الحرارية.
وتكمن دوافع اقتصادية أيضًا وراء هذا: يبلغ طول شبكات الغاز في ألمانيا نحو 600 ألف كيلومتر، وقد وفرت حتى الآن للمشغلين أرباحًا متوقعة.

ولكن هذا القطاع يتعرض لضغوط تدريجية: فارتفاع أسعار ثاني أكسيد الكربون يجعل الغاز الطبيعي أكثر تكلفة؛ ومن المتوقع أن تُلزم الحكومة الألمانية والاتحاد الأوروبي هذا القطاع بتقديم خطط للتخلص التدريجي من إمدادات الغاز الطبيعي.
وإذا تحوّل المزيد من المستهلكين إلى المضخات الحرارية أو التدفئة المركزية، فستُوزع تكاليف تشغيل خطوط أنابيب الغاز على عدد أقل من العملاء؛ ما سيؤدي إلى زيادة رسوم الشبكة، ويصبح الغاز أقل جاذبية.
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، تُعِدّ ألمانيا حاليًا قواعد تُمكّن شركات المرافق المحلية من التخلص التدريجي من شبكات الغاز في إطار خططها لمستقبل محايد مناخيًا، ما يسمح لها بقطع التيار عن المستهلكين دون موافقتهم إذا جرى تحذيرهم مسبقًا بسنوات.
وذكرت جمعية المرافق في يو كيه (VKU) أنه ينبغي تمكين الموردين من إخطار العملاء قبل 5 سنوات من عمليات الفصل المُخطط لها من شبكة الغاز، بدلًا من الحد الأدنى لمدّة الإخطار المُخطط لها حاليًا وهي 10 سنوات.
واستطلعت الجمعية آراء أكثر من 600 شركة، وأفاد خُمسها بأنها ستُوقف شبكات الغاز الخاصة بها تمامًا وتتحول إلى التدفئة المركزية والمضخات الحرارية.
وتعتزم واحدة من كل 4 شركات مرافق بلدية تقريبًا الجمع بين إيقاف التشغيل والتحويل إلى الغازات الخضراء مثل الهيدروجين أو الميثان الحيوي، بحسب ما نقلته منصة "رينيو إيكونومي" (Renew Economy).
تضاؤل فرص نقل الهيدروجين في شبكات الغاز
يُعزى تضاؤل الآمال في مستقبل نقل الهيدروجين في خطوط أنابيب الغاز إلى ارتفاع التكاليف، بحسب تقرير مجلة "دير شبيغل".
وقال مستشار شركة هورفاث، ماتياس ديغ: "في الوضع الراهن، يُباع الهيدروجين بـ3 أضعاف سعر الغاز الطبيعي، وسيظل هذا هو الحال خلال السنوات القليلة المقبلة"؛ مضيفًا: "لذلك، لا يُتوقع وجود عدد كبير من العملاء".
ووفقًا للاستطلاع، يتوقع العديد من موردي الطاقة طلبًا ضعيفًا على الهيدروجين، على الأقل على المدى القصير؛ إذ قال ديغ: "لا ترغب الصناعات الكيميائية والصلب حاليًا في دفع ثمن الهيدروجين الباهظ".
ومع ذلك، تتوقع الشركات التي شملها الاستطلاع تزايد الطلب من المؤسسات الصناعية على المدى المتوسط والطويل، وترى إمكان استعمال الهيدروجين وقودًا للشاحنات والحافلات.
ومع تجدد الاهتمام ببطاريات تخزين الكهرباء، تستجيب الشركات للتوسع السريع في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في السنوات الأخيرة.
ففي بعض الأحيان، تؤدي مصادر الطاقة المتجددة إلى فائض في الكهرباء في ألمانيا؛ إلا أن هناك أيضًا أوقات ارتفاع أسعار الكهرباء خلال انخفاض الرياح وأشعة الشمس، ويُمكن للبطاريات أن تساعد على الأقل في موازنة هذه التقلبات خلال يوم واحد.

والتزم مشغلو الشبكات في ألمانيا بالفعل بتوصيلات لبطاريات جديدة واسعة النطاق بسعة إجمالية تبلغ قدرتها عشرات الغيغاواط؛ وما تزال هناك العديد من الطلبات الأخرى قيد الانتظار.
ويكافح القطاع لمواكبة معالجة الطلبات، ويطالب الآن بلوائح جديدة من الحكومة الفيدرالية لتحديد أولويات المشروعات بفاعلية؛ إذ لا يريد مشغلو الشبكات مجرد ربط مرافق التخزين؛ بل يحتاجون -أيضًا- إلى توفير سعة لاستعمالات أخرى، مثل مراكز البيانات الجديدة أو المضخات الحرارية واسعة النطاق.
ومن المرجح أن يكون للزيادة في الطلب عواقب على المدى المتوسط: إذ يعترف العديد من موردي الطاقة الذين شملهم الاستطلاع بأن ربحية مرافق التخزين من المرجح أن تنخفض من عام 2030 فصاعدًا، نظرًا إلى أن معدل التوسع المرتفع يُشبع السوق بشكل متزايد.
موضوعات متعلقة..
- نقل الهيدروجين في خطوط أنابيب الغاز.. مشروع أوروبي جديد
- نقل الهيدروجين في أنابيب الغاز يواجه تحديات.. والجزائر والمغرب يترقبان التجربة
- نقل الهيدروجين بشبكة الغاز في سلطنة عمان.. خطوة رائدة نحو الحياد الكربوني
اقرأ أيضًا..
- نفط كردستان العراق يتدفق إلى أميركا.. تقرير يكشف تفاصيل مهمة
- 3 اكتشافات نفط وغاز خلال 24 ساعة.. احتياطيات بـ115 مليون برميل
- مصادر الطاقة المتجددة في شتاء 2026 قد تخفض فاتورة الكهرباء للمستهلكين (تقرير)
- مبيعات السيارات الكهربائية الأميركية تثير مخاوف بشأن مستقبل المركبات النظيفة (تقرير)
المصادر:
- شركات الطاقة تتخلى عن نقل الهيدروجين في خطوط أنابيب الغاز، من مجلة دير شبيغل
- معلومات إضافية عن شبكات الغاز في ألمانيا، من منصة "رينيو إيكونومي"





