مصافي النفط في مصر.. ثاني أكبر قدرة تكريرية بأفريقيا
سامر أبووردة

تواصل مصافي النفط في مصر أداء دور محوري بمنظومة الطاقة الوطنية، فهي العمود الفقري لتأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية وتقليل الاعتماد على الواردات.
ووفقًا لبيانات قطاع النفط في مصر لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، بلغت الطاقة التكريرية الإجمالية في البلاد نحو 893 ألف برميل يوميًا بنهاية عام 2024، موزعة على عدّة مصافٍ رئيسة في محافظات الإسكندرية والسويس والقاهرة وأسيوط والغربية.
وتأتي مصر في المركز الثاني بعد نيجيريا (1.125 مليون برميل يوميًا) من حيث أكثر الدول امتلاكًا لقدرة تكرير النفط في أفريقيا.
ورغم هذا الحجم الكبير من القدرات التكريرية، فإن الإنتاج الفعلي لمصافي النفط في مصر تراجع خلال عام 2024 إلى 512 ألف برميل يوميًا مقابل 530 ألفًا في 2023.
تاريخيًا، شكّل قطاع التكرير أحد أقدم أنشطة الصناعة النفطية في البلاد، إذ بدأ الإنتاج المنظم منذ أوائل القرن العشرين، وتواصلت عمليات التطوير بوتيرة متسارعة خلال العقود الأخيرة لرفع الكفاءة التشغيلية وتحسين نوعية المنتجات.
مصفاة ميدور
تُعدّ مصفاة ميدور بالإسكندرية أكبر مصافي النفط في مصر وأحدثها من الناحية التقنية، إذ تأسّست عام 1994 بنظام المناطق الحرة لتكون ركيزة أساسية في منظومة التكرير الوطنية.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصفاة 160 ألف برميل يوميًا، ارتفاعًا من 100 ألف سابقًا، عقب تنفيذ مشروع توسعة ضخم باستثمارات بلغت 2.7 مليار دولار.
وتُسهم ميدور في تغطية ما بين 17 إلى 20% من احتياجات السوق المحلية من البنزين والسولار، وتصدّر جزءًا من إنتاجها إلى الأسواق الخارجية.

ونجحت "ميدور" خلال 2024 في معالجة 46 مليون برميل، مقابل 29 مليونًا في 2023، أي بنسبة نمو 59%.
وأنتجت المصفاة سنويًا نحو 1.3 مليون طن من السولار، و600 ألف طن من البنزين عالي الأوكتان، و700 ألف طن من وقود النفاثات (أحد أنواع وقود الطائرات)، و145 ألف طن من غاز النفط المسال، و226 ألف طن من الفحم، إضافة إلى 65 ألف طن من الكبريت.
(الطن يعادل 7.3 برميلًا من المنتجات النفطية)
وتعدّ ميدور إحدى ركائز خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتكرير وتصدير النفط والغاز، من خلال رفع كفاءة الوحدات الإنتاجية وتعظيم القيمة المضافة من كل برميل خام.
مصفاة مسطرد
تُمثّل المصفاة المملوكة لشركة "القاهرة لتكرير البترول" بمنطقة مسطرد واحدة من أضخم مصافي النفط في مصر بطاقة 142 ألف برميل يوميًا.
وتضم المصفاة وحدات متكاملة للفصل الفيزيائي والتحويل والمعالجة الهيدروجينية، بما يتيح إنتاج مجموعة واسعة من المشتقات النفطية مثل الغاز المسال والبنزين والمذيبات والكيروسين ووقود الطائرات والديزل وزيت الوقود.
وتتكامل المصفاة مع الشركات المجاورة في منطقة القاهرة الكبرى، وتغذّي مجمع الشركة المصرية للتكرير بالمازوت المستعمل لإنتاج السولار والبنزين عالي الجودة.
مصفاة المصرية للتكرير
الشركة المصرية للتكرير من أبرز مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال التكرير، إذ أُنشئ مجمعها في مسطرد بتكلفة 4.3 مليار دولار وبطاقة إنتاجية 4.7 مليون طن سنويًا (أكثر من 90 ألف برميل يوميًا) من المنتجات النفطية عالية الجودة.
وينتج المجمع نحو 2.2 مليون طن من السولار المطابق للمواصفات الأوروبية Euro V، إضافة إلى غاز النفط المسال والنافثا والبنزين ووقود النفاثات وكوك النفط والكبريت.
ويُغذَّى المشروع بنحو 3.5 مليون طن من المازوت سنويًا من الهيئة المصرية العامة للبترول، بينما تتولى الهيئة شراء المنتجات المكررة السائلة جميعها التي ينتجها المشروع.
ويمثّل هذا المجمع إضافة نوعية لمنظومة مصافي النفط في مصر، إذ يرفع كفاءة استعمال المازوت منخفض القيمة ويحوّله إلى منتجات مكررة عالية الجودة لتلبية الطلب المحلي المتزايد.

مصفاة النصر
تُعدّ مصفاة النصر للبترول في السويس أقدم مصافي النفط في مصر وأفريقيا، إذ تأسست عام 1911، وتبلغ قدرتها الإنتاجية 7.7 مليون طن سنويًا (نحو 150 ألف برميل يوميًا) موزعة على 5 وحدات رئيسة.
وتنتج المصفاة مجموعة متنوعة من المشتقات تشمل البوتاغاز (غاز النفط المسال) والسولار والنافتا والكيروسين ووقود الطائرات والمازوت والأسفلت.
ومؤخرًا، افتتحت الشركة مشروعًا لاسترجاع الغازات، يسهم في زيادة إنتاج البوتاغاز والنافثا عالية الجودة، مستفيدة من الميناء التابع لها الذي يُستعمل في استقبال الخام وتصدير المنتجات.

مصفاة الإسكندرية (المكس)
تبرز مصفاة المكس التابعة لشركة الإسكندرية للبترول من المصافي المحورية بطاقة 5 ملايين طن سنويًا (100 ألف برميل يوميًا)، وتلبي جانبًا كبيرًا من الطلب المحلي وتصدِّر الفائض للأسواق الخارجية.
وتنتج المصفاة تشكيلة واسعة من المشتقات النفطية، تشمل غاز النفط المسال والنافثا والكيروسين والسولار والمازوت ووقود الطائرات والإسفلت والمذيبات والزيوت الأساسية.
وتُشكّل مصفاة المكس أهم روافد منظومة مصافي النفط في مصر بالساحل الشمالي.
مصفاة أسيوط
تُغطي مصفاة أسيوط لتكرير البترول احتياجات محافظات الصعيد بطاقة 90 ألف برميل يوميًا، وتخضع حاليًا لعدّة مشروعات تطويرية، أبرزها مجمع التكسير الهيدروجيني لتحويل المازوت منخفض القيمة إلى منتجات عالية الجودة مثل السولار والبوتاغاز.
وبلغت نسبة تنفيذ المشروع نحو 82%، ومن المقرر بدء التشغيل التجريبي في ديسمبر/كانون الأول 2025.
كما يجري إنشاء مشروع للتقطير الجوي بطاقة 5 ملايين طن سنويًا بتكلفة تتجاوز 10 مليارات جنيه مصري (0.21 مليار دولار)، لتلبية الطلب في جنوب البلاد وتقليل الاعتماد على الشحنات المنقولة من الشمال.

مصفاة العامرية
في الإسكندرية -أيضًا- توجد مصفاة العامرية بطاقة 4 ملايين طن سنويًا (80 ألف برميل يوميًا)، وبدء تشغيلها عام 1972، قبل أن تشهد توسعات عام 1986.
وتنتج المصفاة البنزين والسولار والنافثا ووقود الطائرات والمازوت وغاز البوتاغاز، وتصدّر الفائض من منتجاتها مثل الشمع الخام والألكيل بنزين.
وتنفّذ الشركة حاليًا خطة تطوير لزيادة إنتاج البنزين عالي الأوكتان وتحسين كفاءة التشغيل وخفض الانبعاثات.
مصفاة السويس
تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصفاة السويس لتصنيع البترول 60 ألف برميل يوميًا، وتخضع لعملية تطوير شاملة تتضمن إنشاء مجمع تفحيم وإنتاج سولار جديد لتعزيز إنتاج الوقود عالي الجودة.
وتؤدي المصفاة دورًا حيويًا في تغطية احتياجات السوق المحلية من المنتجات النفطية، لا سيما في مدن القناة وسيناء.
مصفاة طنطا
إلى جانب مصفاة مسطرد، تُدير شركة القاهرة لتكرير البترول مصفاة طنطا بطاقة 40 ألف برميل يوميًا وتنتج غاز النفط المسال والبنزين والسولار ووقود الطائرات وزيت الوقود، مع التزام صارم بمعايير البيئة والسلامة.
واستبدلت المصفاة الغاز الطبيعي بزيت الوقود بوصفه وقود أنظف، وركّبت نظام مراقبة انبعاثات مستمرًا على المداخن لتقليل التلوث وتحسين الكفاءة البيئية.
إنتاج مصافي النفط في مصر
رغم اتّساع منظومة مصافي النفط في مصر، فإن التحدي الأكبر يكمن في الفجوة بين الطاقة التصميمية والإنتاج الفعلي.
وبحسب بيانات "أوبك"، بلغ إنتاج مصر من المشتقات النفطية في 2024 نحو 513 ألف برميل يوميًا، مقارنة بـ529 ألف برميل يوميًا في العام السابق، ما يعكس الحاجة إلى رفع معدلات التشغيل.
وارتفعت صادرات مصر من المنتجات النفطية في 2024 إلى 35 ألف برميل يوميًا، من 28 ألف برميل يوميًا في 2023.
كما زادت واردات مصر من المنتجات النفطية إلى 301 ألف برميل يوميًا في 2024، مقارنة بـ210 آلاف برميل يوميًا في 2023.
مستقبل صناعة التكرير في مصر
تسعى القاهرة إلى تعزيز قدراتها في مجال التكرير عبر إستراتيجية متكاملة تشمل تطوير المصافي القائمة وإنشاء مجمعات جديدة، وربطها بمواني التصدير والبنية التحتية اللوجستية.
وتستهدف وزارة البترول زيادة الطاقة التشغيلية لمصافي النفط في مصر لتلبية الطلب المحلي المتنامي على البنزين والسولار والبوتاغاز، وتقليص الواردات، وتحقيق فائض تصديري أكبر يدعم احتياطيات النقد الأجنبي.
ومع دخول مشروعات التوسعة مراحلها النهائية، يُتوقع أن تتجاوز الطاقة التكريرية في البلاد مليون برميل يوميًا، ما يمكّن مصر من تقليص وارداتها تدريجيًا والتحول إلى مصدّرٍ صافٍ للمنتجات النفطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
موضوعات متعلقة..
- أكبر مصفاة تكرير في مصر.. معلومات عن "ميدور" بعد زيادة قدرتها الإنتاجية
- قدرات التكرير في أفريقيا.. إضافات ضخمة خلال 2024
- مصر تتجه إلى استعمال الطاقة الشمسية في تكرير النفط
نرشّح لكم..
المصادر:
- بيانات مصفاة المصرية للتكرير بمسطرد، من موقع الشركة المصرية للتكرير
- بيانات إنتاج مصافي النفط في مصر، من النشرة الإحصائية السنوية لـ"أوبك" 2025
- بيانات مصفاة مسطرد، من شركة القاهرة لتكرير البترول
- بيانات مصفاة طنطا، من شركة القاهرة لتكرير البترول





