صناعة الصلب في الهند معرضة لمخاطر مستقبلية (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- الهند تستهدف زيادة قدرة إنتاج الصلب الخام إلى 300 مليون طن بحلول 2030
- أغلب القدرات التشغيلية ما تزال تعتمد على أفران الصهر التقليدية القائمة على الفحم
- الاعتماد على تقنيات القوس الكهربائي أو الاختزال المباشر ما زال ضعيفًا
- الهند تستورد 90% من احتياجاتها من فحم الكوك وأغلبه يأتي من أستراليا
- قطاع مناجم الفحم الأسترالي يواجه مخاطر مالية وقانونية وبيئية كبيرة
اعتمدت صناعة الصلب في الهند تاريخيًا على الفحم، لكن استمرار الوضع يحمل مخاطر كبيرة وسط الضغوط البيئية العالمية للتخلص التدريجي من المعدن الأسود، وخفض انبعاثات قطاع الكهرباء والصناعات الثقيلة.
وتستهدف الهند زيادة القدرة الإنتاجية للصلب الخام إلى 300 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، لكن أغلب هذه القدرة سيعتمد على أفران الصهر التقليدية العاملة بالفحم المعروفة باسم أفران الأكسجين الأساسية (BOF)، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
وحتى مارس/آذار 2025، بلغت قدرة صناعة الصلب في الهند المعتمدة على أفران الصهر التقليدية قرابة 110 ملايين طن سنويًا، ما يمثّل 77% من إجمالي القدرة التشغيلية في البلاد البالغة 143 مليون طن سنويًا.
وهناك 20 مليون طن سنويًا من القدرة المعتمدة على أفران الصهر التقليدية تحت الإنشاء، إلى جانب مشروعات معلنة بسعة 162 مليون طن سنويًا، بحسب بيانات منصة غلوبال إنرجي مونيتور المتخصصة.
قدرة صناعة الصلب في الهند
لا تقتصر خطط صناعة الصلب في الهند على تعزيز أفران الصهر التقليدية، بل تشمل -أيضًا- تعزيز القدرة المستعملة لتقنية أفران القوس الكهربائي الحديثة أو تقنية الحديد المختزل المباشر.
وتبلغ القدرة العاملة القائمة على تقنية الحديد المختزل المباشر في الهند -حاليًا- قرابة 35 مليون طن سنويًا، في حين تبلغ القدرة المستعملة لتقنية أفران القوس الكهربائي 31 مليون طن سنويًا.
وهناك مشروعات معلنة لإضافة 28 مليون طن سنويًا إلى القدرة المعتمدة على تقنية الحديد المختزل المباشر، و35 مليون طن سنويًا إلى القدرة القائمة على أفران القوس الكهربائي.

على الرغم من أن التقنيات لا تعتمد على الفحم المعدني، فإن استعمالها في الهند يظل محدودًا؛ إذ تهيمن الأفران التقليدية للصهر على القدرات التشغيلية، فضلًا عن القدرات المعلنة وتحت الإنشاء.
وإذا تحققت المشروعات تحت الإنشاء، فمن المتوقع أن تزداد قدرة أفران الصهر التقليدية بأكثر من الضعف مقارنة بمستوياتها الحالية، ما سيزيد الطلب على فحم الكوك أو الفحم المعدني.
واردات الهند من فحم الكوك ومخاطرها
تواجه صناعة الصلب في الهند مخاطر مستقبلية كبيرة، إذا ظلّت تتوسع معتمدة على فحم الكوك الذي تلبي البلاد 90% من احتياجاته عن طريق الاستيراد خاصة من أستراليا.
ويتطلّب إنتاج طن واحد من الصلب الخام قرابة 770 كيلوغرامًا من فحم الكوك، ما يعني أن المشروعات المعلنة أو تحت الإنشاء التي تبلغ قدرتها المجمعة 140 مليون طن سنويًا، ستحتاج إلى مضاعفة واردات الهند من الفحم مرتَيْن ونصف المرة على الأقل بحلول 2030.
وبحسب تقديرات استهلاك الطن، فإن الهند ستحتاج إلى إمدادات فحم إضافية تصل إلى 140 مليون طن سنويًا لتلبية متطلبات قدرة المشروعات المعلنة وتحت الإنشاء في البلاد.
وتستورد الهند -حاليًا- 58 مليون طن سنويًا من فحم الكوك، وأغلبها يأتي من أستراليا، أكبر مصدر لهذا النوع من الفحم عالميًا بحصة تصل إلى نصف الصادرات العالمية -تقريبًا-.
ورغم ذلك، فهناك شكوك كثيرة حول قدرة أستراليا على زيادة إنتاجها المستقبلي من فحم الكوك، ما قد يربك حسابات صناعة الصلب في الهند التي يبدو أنها بنت خططها على مزيد من الاستيراد.
مخاطر إنتاج الفحم في أستراليا
تعتمد الهند بطبيعة الحال على توقعات الحكومة الأسترالية لصادرات الفحم مستقبلًا، لكن هذه التوقعات ثبت أنها مبالغة أكثر من مرة، إذ كانت الحكومة تراجعها بالخفض سنويًا على مدار السنوات الـ6 الماضية، بسبب انخفاض الصادرات الفعلية عن التوقعات، ما يستلزم الحذر بشأنها والتحوّط من الاعتماد عليها منفردة.
كما يواجه تطوير مناجم الفحم في أستراليا ضعفًا في عمليات التوسع خلال السنوات الأخيرة، مع تفضيل شركات التعدين الاستحواذ على الأصول والأنشطة القائمة بدلًا من البدء في أنشطة تعدين جديدة طويلة المدى وأكثر تكلفة.
بالإضافة إلى ذلك، فقد أعلنت أستراليا انضمامها إلى التعهد العالمي للميثان في عام 2022، ملتزمة بخفض انبعاثات الميثان في البلاد بنسبة 30% عن مستويات 2020 بحلول عام 2030.

ومن المتوقع أن يؤدي الالتزام التدريجي بهذا التعهد إلى زيادة الضغوط على أنشطة التعدين الجديدة في قطاع الفحم على المدى المتوسط والطويل، ما قد يؤدي إلى انخفاض إنتاج والتصدير مستقبلًا.
كما يواجه القطاع مخاطر مالية وقانونية، نتيجة رفض بعض البنوك الأسترالية تمويل مشروعات مناجم فحم الكوك الجديدة في البلاد، فضلًا عن ازدياد عدد حالات الطعن في تراخيص المناجم أمام المحاكم الأسترالية.
وتشير التوقعات إلى أن صناعة الصلب في الهند تغامر بالتعرض لمخاطر اقتصادية كبيرة قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بمعدلات غير معقولة، إذا تعرض إنتاج الفحم الأسترالي وتصديره للنقص على المديَيْن المتوسط والطويل، بحسب التقرير.
موضوعات متعلقة..
- صناعة الصلب في الهند تواجه مخاطر الأصول العالقة (تقرير)
- صادرات الصلب في الهند تتأثر بانخفاض إنتاج الفحم ونقص الهيدروجين (تقرير)
- تنافسية قطاع الصلب في الهند مهددة مع تشديد قوانين الكربون الأوروبية
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: إنتاج النفط الأميركي يشهد مبالغات.. وهذه حقيقة خوف "لوك أويل" من ترمب
- محطات وقود لوك أويل خارج روسيا تُستثنى من العقوبات الأميركية.. لـ4 أشهر إضافية
- قصة كنز غاز مشترك بين السعودية وإيران.. ماذا حدث في 20 عامًا؟
- إنتاج الغاز في أفريقيا.. دول جنوب الصحراء تقود طفرة النمو بحلول 2035
المصدر..





