مقالات الكهرباءالمقالاترئيسيةكهرباء

مشروعات الكهرباء في باكستان.. لماذا تتصدر أولويات الاتفاقيات الاقتصادية مع الصين؟ (مقال)

أسامة رزفي* - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • من بين 21 مشروعًا مقترحًا للكهرباء نُفّذت 15 مشروعًا
  • محطة ساهيوال لتوليد الكهرباء بالفحم لديها معدل استغلال أقل من 20%
  • مدفوعات الكهرباء لمحطات الفحم زادت من عبء التزامات الحكومة الحالية تجاه منتجي الكهرباء المستقلين
  • الاتفاقيات الحالية مع منتجي الكهرباء المستقلين تعتمد على ما يُسمّى "أساس التسلّم أو الدفع"

تتصدّر مشروعات الكهرباء في باكستان أولويات اتفاقيات البلاد الاقتصادية مع الصين، ويُعد الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني أو "سي بي إي سي" (CPEC) أحد المشروعات الرائدة للحكومة الصينية في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وبالنسبة إلى باكستان يُعدّ هذا أكبر استثمار أجنبي مباشر منفرد منذ استقلالها بقيمة 64 مليار دولار. أما بالنسبة إلى الصين فهو أحد ممرات مبادرة الحزام والطريق الـ6، وتُعد الكهرباء أحد أهم جوانب هذه المبادرة الاقتصادية.

في هذا الإطار، من إجمالي الاستثمارات البالغة 64 مليار دولار، تُشكل مشروعات الكهرباء في باكستان مبلغًا ضخمًا قدره 27 مليار دولار يتعلّق بتعزيز قدرة توليد الكهرباء وتحسين نظام النقل الحالي.

وتحول العديد من المشكلات دون إطلاق العنان لجانب الطاقة في الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، ومن بين 21 مشروعًا مقترحًا للكهرباء، نُفذت 15 مشروعًا، ما يضيف 9 آلاف و504 ميغاواط من الكهرباء إلى الشبكة، ولا تزال 6 مشروعات قيد التنفيذ.

تغيير الإطار العام للبنية التحتية للطاقة

بالنظر إلى نطاق هذه الاستثمارات واتساعها وإمكاناتها، فلا شك أن هذا من شأنه أن يُغيّر الإطار العام للبنية التحتية للطاقة في باكستان.

وفقًا لبيانات حديثة، ساعدت إضافة ما يزيد على 9 آلاف ميغاواط على تخفيف حدة نقص الكهرباء في باكستان الذي تعاني منه خلال السنوات القليلة الماضية.

ويُفيد تقرير حالة الصناعة الصادر عن الهيئة الوطنية للطاقة الكهربائية "نيبرا" (NEPRA) بأن خط نقل التيار المستمر عالي الجهد (HVDC) بين مدينتي ماتياري ولاهور، الذي يمكنه نقل 4 آلاف ميغاواط (اكتمل بناؤه عام 2021).

إلى جانب هذه الإضافات في السعة، ساعدت المشروعات البلاد على تحقيق التوازن بين العرض والطلب الإقليميين، ما مكّنها من تمهيد الطريق لدعم المناطق الاقتصادية الخاصة المستقبلية في إطار مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني.

مجمع قائد أعظم للطاقة الشمسية في باكستان
مجمع قائد أعظم للطاقة الشمسية في باكستان – الصورة من الموقع الرسمي لمشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني

من جهة ثانية، تخدم مشروعات الكهرباء في باكستان ضمن اتفاقيات الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني مصادر الطاقة المتجددة.

وتمثّل هذه المشروعات مزيجًا من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية التي إذا استُغلت بصورة صحيحة، يمكن أن تساعد باكستان على العمل نحو نهج "سلة الطاقة".

مشروعات الطاقة المتجددة الرئيسة

تشمل بعض مشروعات الطاقة المتجددة الرئيسة "مجمع قائد أعظم للطاقة الشمسية" في مدينة بهاولبور، التي كانت واحدة من أقدم مبادرات الطاقة الشمسية وأكبرها في إطار الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني.

ويوجد العديد من مشروعات طاقة الرياح الصغيرة في إقليم السند مثل مزرعة رياح هيدروتشاينا داود (بقدرة 50 ميغاواط)، ومزرعة رياح "يو إي بي جيمبير" (100 ميغاواط)، ومزرعة رياح ساشال (50 ميغاواط)، ومشروعي طاقة الرياح الثاني والثالث في الخوانق الثلاثة (100 ميغاواط).

وهناك بعض محطات الطاقة الكهرومائية الكبيرة مثل مشروع الطاقة الكهرومائية كاروت (720 ميغاواط)، ومشروع الطاقة الكهرومائية سوكي كيناري (884 ميغاواط).

ويتمثّل أحد أفضل الأشياء في هذه المشروعات هو أنها متناثرة جغرافيًا - من البنجاب إلى السند ومن هناك إلى الشمال.

ومن الممكن أن تُسهم في مشروعات طاقة أخرى مثل "سي إيه إس إيه-1000".

مشروع داود لطاقة الرياح شرق مدينة كراتشي في إقليم السند بباكستان
مشروع داود لطاقة الرياح شرق مدينة كراتشي في إقليم السند بباكستان – الصورة من مركز التمويل الأخضر والتنمية

تقييم تطورات مشروعات الكهرباء في باكستان

يتطلّب الأمر تقييم تطورات مشروعات الكهرباء في باكستان بصورة نقدية، ويُبرز التحقيق المتعمّق أن هناك مشكلات وقيودًا تعوق هذه التطورات من الوصول إلى نطاقها الكامل.

على سبيل المثال، نُفّذ خط نقل التيار المستمر عالي الجهد ماتياري-لاهور، الذي يمكنه نقل 4 آلاف ميغاواط، في عام 2021.

ونظرًا إلى القيود التشغيلية، لا يُستغل إلا بنسبة 38% من سعته المصممة بدءًا من السنة المالية 2024. سيتطلّب تحقيق الإمكانات الكاملة للممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني ومشروعات الطاقة المرتبطة به من باكستان العمل على حل مشكلاتها الهيكلية، خصوصًا في قطاع الكهرباء.

على سبيل المثال، تعتمد الاتفاقيات الحالية مع منتجي الكهرباء المستقلين (IPPs) على ما يُسمّى "أساس التسلّم أو الدفع"، حيث يتعين على الحكومة دفع "دفعة قدرة" معينة لمنتجي الكهرباء المستقلين سواء استُهلكت الكهرباء المولدة أم لا.

بالنسبة إلى السنة المالية 2024-2025، ستدفع الحكومة مبلغًا ضخمًا قدره 2.09 تريليون روبية (7.45 مليار دولار) لمنتجي الكهرباء المستقلين وفقًا لتقدير حديث.

للتوضيح، يُعادل هذا المبلغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي لباكستان (373 مليار دولار) أو 2.6% من إجمالي دين البلاد، أي 80 تريليون روبية باكستانية.

وتُمثل هذه المدفوعات المتعلقة بالقدرة الإنتاجية 11% من إجمالي الموازنة الفيدرالية. وأخيرًا تُقوّم هذه المدفوعات بالدولار.

(روبية باكستانية = 0.0036 دولارًا أميركيًا)

الاعتماد على الفحم المستورد

توجد مشكلة هيكلية أخرى تتمثّل في الاعتماد على الفحم المستورد.

على سبيل المثال، تُشغّل محطات توليد الكهرباء بالفحم في باكستان، التي تبلغ قدرتها 3.6 غيغاواط، بالفحم المستورد.

وقد أسهم تسريعها في إطار مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني في تخفيف انقطاع الكهرباء في باكستان، ولكن كما هو الحال مع مشروعات إنتاج الكهرباء المستقلة المذكورة أعلاه، فقد خلقت التزامات كبيرة على أساس "الدفع أو التسلّم".

وعند الجمع بين هذا وتراجع الطلب الصناعي وزيادة (غير مسبوقة) في الطاقة الشمسية على الأسطح، نجد أن مشروعات مثل محطة ساهيوال لتوليد الكهرباء بالفحم لديها معدل استعمال أقل من 20%.

بدورها، تُلقي الالتزامات التعاقدية بضغوط إضافية على باكستان، فالرسوم مرتفعة، ومعظمها مُحمّل مسبقًا. وقد زادت مدفوعات الكهرباء لمحطات الفحم من عبء التزامات الحكومة الحالية تجاه منتجي الكهرباء المستقلين.

وتفاقمت مشكلة الديون الدائرية الأوسع نطاقًا، التي تبلغ الآن 5.4 تريليون روبية باكستانية.

محطة ساهيوال لتوليد الكهرباء بالفحم في ولاية البنجاب بباكستان
محطة ساهيوال لتوليد الكهرباء بالفحم في ولاية البنجاب بباكستان – الصورة من الموقع الرسمي لمشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني

معضلة الكهرباء في باكستان

تنطوي معضلة الكهرباء في باكستان على بُعد دبلوماسي، ما يجعل البلاد تواجه صعوبة في التعامل معها. من المهم الإشارة إلى أن باكستان تخضع حاليًا لبرنامج صندوق النقد الدولي.

لذلك، عندما قررت الحكومة منح إعفاءات ضريبية وحماية لمشروعات الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، عارضها صندوق النقد الدولي.

وهذا يخلق معضلة، إذ يتعيّن الوفاء بالالتزامات التعاقدية تجاه الصين مع الوفاء في الوقت نفسه بالتزاماتها تجاه صندوق النقد الدولي.

وفي الوقت نفسه، لا يزال عدم استقرار السياسات أحد أكبر العوائق أمام مثل هذه المشروعات.

تجدر الإشارة إلى حدوث بعض الانخفاض في الديون الدائرية، وتنظر الحكومة في إعادة التفاوض على العقود مع منتجي الكهرباء المستقلين.

وعند بذل المزيد من الجهود بشأن القضايا المذكورة أعلاه، فإن مشروعات الطاقة في إطار مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني يمكن أن تثبت أهميتها الحيوية للنمو الاقتصادي في باكستان على المدى الطويل.

أسامة رزفي، كاتب متخصص في أسواق الطاقة.

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق