ليبيا تريد اقتناص الغاز الأفريقي في منافسة المغرب والجزائر
أحمد بدر

تسعى ليبيا إلى تعزيز دورها بوصفها مركزًا إستراتيجيًا لتصدير الغاز الأفريقي، مستفيدة من موقعها الجغرافي المميز بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط، في وقت تتزايد فيه الضغوط على أسواق الطاقة الأوروبية وتوسع المنافسة الإقليمية.
وفي هذا السياق، دعا وزير النفط والغاز خليفة عبدالصادق، الشركاء الأفارقة إلى العمل مع ليبيا، لافتًا إلى أن البلد يمتلك فرصة كبيرة لتصبح جسرًا لتصدير الغاز من قارة أفريقيا إلى الأسواق الأوروبية مستقبلًا.
وحسب منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تأتي الدعوة الليبية في ظل منافسة قوية من الجزائر والمغرب، اللتَيْن تسعيان للاستفادة من موارد الغاز الأفريقي عبر مشروعات إستراتيجية، لتعزيز أمن الطاقة الأوروبي وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية من موقعهما الجغرافي المميز على البحر المتوسط والممرات الإقليمية.
وتأتي نيجيريا اليوم في صدارة قطاع الغاز الأفريقي، إذ تمتلك احتياطيات ضخمة، وتحرص ليبيا على فتح قنوات تعاون مع هذا المصدر الرئيس، بهدف نقل الغاز عبر أراضيها وربطه بالبنية التحتية الليبية القائمة لضمان التدفقات المستدامة نحو أوروبا.
ليبيا مركزًا لتصدير الغاز الأفريقي
أكد وزير النفط والغاز الليبي -خلال منتدى ليبيا-أفريقيا الدولي للغاز- أن موقع بلاده الإستراتيجي يمنحها القدرة على أداء دور محوري في نقل الغاز الأفريقي إلى الأسواق الأوروبية، وقال إن الشركات الليبية جاهزة للتعاون مع نظرائها في القارة لتحقيق هذا الهدف.
وأوضح الوزير أن ليبيا تمتلك بنية تحتية مهمة لتصدير الغاز من أفريقيا، أهمها مشروع خط أنابيب "غرين ستريم" المشترك مع شركة إيني الإيطالية، بقدرة تصل إلى 11 مليار متر مكعب سنويًا، ما يجعلها منصة جاهزة لاستيعاب كميات كبيرة من الغاز.

وشدد الوزير خليفة عبدالصادق على أن هذا التوجه يحتاج إلى استثمارات ذكية ونقل خبرات وتكنولوجيا من الدول الأفريقية، مع وضع أطر تنظيمية مشتركة تربط أقطار القارة المختلفة بليبيا، لضمان تدفق الغاز الأفريقي بكفاءة عالية نحو أوروبا.
وأضاف أن ليبيا قادرة على تجميع الغاز القادم من القارة السمراء -عالي القيمة- ومعالجته قبل تصديره، ما يجعل البلد جسرًا لتدفقات الغاز الأفريقي، ويعزّز مكانتها في منظومة الطاقة الإقليمية والدولية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وأكد أن تعاون الدول الأفريقية عبر ليبيا سيتيح استغلال الموارد غير المستغلة بعد، ويوفّر فرصًا استثمارية مشتركة، ما يجعل ليبيا لاعبًا محوريًا في مجال الغاز في قارة أفريقيا، كما أنه يُسهم بقوة في تعزيز أمن الطاقة الأوروبي.
مشروع خط الغاز النيجيري-الليبي
في يناير/كانون الثاني 2024 طرحت ليبيا فكرة تنفيذ خط أنابيب لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا مرورًا بالنيجر، بهدف تأمين احتياجات القارة الأوروبية من الغاز الأفريقي وتعزيز مكانة ليبيا مركزًا للتصدير الإستراتيجي.
وبحث وزير النفط الليبي السابق محمد عون مع الأمين العام لمنظمة الدول الأفريقية المنتجة للنفط الدكتور عمر الفاروق، مشروعات التعاون المشتركة، مؤكدًا أهمية استغلال الخبرات الأفريقية لتطوير البنية التحتية وتحسين إدارة غاز القارة.
وشملت المباحثات دراسة إنشاء خط الغاز النيجيري-الليبي-الأوروبي وربطه بخط "غرين ستريم"، ما يعزّز قدرة ليبيا على تصدير الغاز من أفريقيا بصفة مستدامة، ويضمن توفير تدفقات كبيرة للأسواق الأوروبية.

وأبرز الوزير -حينها- أهمية إنشاء البنك الأفريقي للطاقة لدعم مشروعات الصناعة النفطية والغازية بالقارة، بما يُسهم في تطوير الغاز الأفريقي وتحقيق التكامل بين الدول المنتجة ومشروعاتها الإستراتيجية.
وأكد الأمين العام للمنظمة أن التعاون المشترك سيعود بالنفع على جميع الأطراف، وأن المشروع يعكس رغبة ليبيا في جذب غاز القارة السمراء، من دول عدة -بما فيها نيجيريا- وتوجيهه نحو أوروبا بكفاءة عالية.
أنبوب الغاز العابر للصحراء
ينافس المشروع الليبي أنبوب الغاز العابر للصحراء، الذي يُعد أحد المشروعات الكبرى لنقل الغاز الطبيعي من نيجيريا إلى أوروبا مرورًا بالجزائر، ويمتد لأكثر من 4 آلاف كيلومتر، ويستهدف نقل نحو 30 مليار متر مكعب سنويًا، بتكلفة تقديرية تتجاوز 13 مليار دولار.
ويمتد خط الأنابيب من مدينة واري بجنوب نيجيريا مرورًا بالنيجر إلى حاسي الرمل في الجزائر، ويُعد جزءًا من إستراتيجيات أوروبا للاستغناء عن الغاز الروسي وتعزيز أمن الطاقة الأوروبي، لذا يحظى المشروع بدعم كبير من البنك الأفريقي للتنمية والاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من أن المشروع لم يحظ بقرار الاستثمار النهائي حتى الآن، فإنه من المتوقع أن يصبح نقطة مركزية في تدفقات الغاز الأفريقي نحو أوروبا حال اعتماد القرار عام 2026، وفق مصادر تحدثت سابقًا إلى منصة الطاقة المتخصصة.
ويأتي المشروع في إطار تعزيز التكامل بين دول شمال وغرب أفريقيا، ويتيح إمكان نقل الغاز بكفاءة عالية، ويعزّز موقع الجزائر بوصفها لاعبًا محوريًا في منظومة الطاقة الإقليمية.
ويعكس المشروع الطموح الأوروبي لتعزيز الاعتماد على الغاز النيجيري، كما يمثّل خطوة إستراتيجية لدول العبور في تطوير بنيتها التحتية وربطها بممرات تصدير دولية، ما يعزّز مكانتها الاقتصادية.

أنبوب الغاز الأطلسي
يمثّل أنبوب الغاز الأطلسي مشروعًا إستراتيجيًا يسعى المغرب عبره لاستقطاب التمويل الدولي وربط الغاز النيجيري بالأسواق الأوروبية، في إطار تحرك دبلوماسي واقتصادي متصاعد لتعزيز أمن الطاقة في المنطقة.
ويمتد أنبوب الغاز الأطلسي على طول نحو 6 آلاف كيلومتر، لنقل الغاز النيجيري إلى المغرب ومنه إلى أوروبا، مع قدرة سنوية تتراوح بين 15 و30 مليار متر مكعب، ما يعادل إمداد نحو 400 مليون شخص في 13 دولة أفريقية.
ويُنظر إلى المشروع على أنه خطوة محورية تتجاوز البنية التحتية، لتشمل تحولات اقتصادية واجتماعية في دول العبور، ويعزّز التكامل بين شمال وغرب أفريقيا، ويخلق آلاف فرص العمل ويطور منظومة الطاقة الأفريقية.
ومنذ إطلاق المشروع في 2017 برعاية الملك محمد السادس والرئيس النيجيري محمد بخاري، ظل يحظى بمتابعة دقيقة من الحكومتَين، مع اكتمال الدراسات البيئية والاجتماعية، ما يمهد الطريق نحو اتخاذ قرار نهائي للاستثمار.
ووافق القادة الأفارقة في قمة "سيداو" رقم 66 بنهاية عام 2024 على الاتفاق الحكومي المشترك الذي يحدد مسؤوليات الدول المشاركة، ليصبح أساسًا قانونيًا ومؤسسيًا لانطلاق المشروع بما يعزز مكانة المغرب في استقطاب الغاز الأفريقي.
موضوعات متعلقة..
- أنبوب الغاز الجزائري النيجيري.. هل يفشل بسبب انقلاب النيجر ومشكلات التمويل؟ (تقرير)
- مسؤول يكشف عن تطورات تصدير الغاز النيجيري لأوروبا.. المغرب أو الجزائر
- الغاز النيجيري لن يلبي طموحات المغرب أو الجزائر.. ومشروع جديد قد يصبح فرصة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة القطري يوجه نداءً جديدًا إلى أوروبا بشأن قانون الاستدامة
- تقرير يكشف حجم موارد النفط والغاز المتبقية في أفريقيا
- صادرات العراق من النفط تسجل أعلى مستوى في 9 أشهر
المصادر..
- خبر دعوة وزير النفط والغاز الليبي للمنتجين الأفارقة، من رويترز.
- تقرير عن أنبوب الغاز الأطلسي، من موقع "موروك وورلد نيوز".





