إيران تتجه إلى رفع أسعار البنزين.. ومطالب بـ"إصلاحات جذرية"
أحمد بدر
تشهد إيران نقاشات واسعة بشأن توجه الحكومة نحو رفع أسعار البنزين، وسط قلق من تأثير الخطوة في تكلفة المعيشة وتوازن الدعم، إذ يرى مواطنون أن أي تعديل جديد قد يزيد الضغوط الاقتصادية فيما تدافع الحكومة عن ضرورة معالجة الاختلالات.
وبحسب تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، فقد أعلن الرئيس مسعود بزشكيان، في كلمة له اليوم الأحد 7 ديسمبر/كانون الأول 2025، أن بلاده تواجه خللًا ممتدًا يشمل الكهرباء والمياه والبيئة والمالية، في حين أن نظام البنزين الحالي غير عادل، لأنه يمنح مزايا لفئات محدودة، فيما تتحمّل الدولة تكلفة كبيرة لاستيراد الوقود.
في الوقت نفسه، يؤكد مراقبون أن الحكومة في إيران تحاول تحقيق توازن بين العدالة الاجتماعية وإصلاح الدعم؛ إذ تتصاعد التساؤلات حول كيفية حماية الفئات ذات الدخل المحدود من أي زيادة ومن إمكان توفير برامج موازنة تقلّل الآثار المحتملة على الأسعار المختلفة.
وتزداد حساسية النقاش حول رفع أسعار البنزين في إيران مع تراجع قيمة العملة المحلية والضغوط المالية، ما يدفع إلى مطالب بإصلاحات أوسع تشمل تحسين كفاءة الإنفاق وإعادة هيكلة الدعم لضمان قدرة المواطنين على تحمّل التغييرات المقبلة.
أسعار البنزين في إيران
يشدّد الرئيس مسعود بزشكيان على أن نظام أسعار البنزين في إيران يؤدي إلى استنزاف العملة الصعبة، لأن الحكومة تشتري الوقود بأسعار مرتفعة وتبيعه محليًا بسعر منخفض، مؤكدًا أن استمرار هذا النمط يعمّق الاختلالات المالية ويُضعف قدرة الدولة على دعم السلع الأساسية.
وأشار إلى أن موارد طهران المالية محدودة، وأن الدعم لا يصل إلى جميع المواطنين، إذ تستفيد فقط فئات تمتلك سيارات، في حين تُحرم شرائح واسعة من المزايا، مطالبًا بإعادة توزيع الدعم بما يحقق عدالة اجتماعية أشمل دون زيادة العبء على المحتاجين.
وحذّر بزشكيان من أن شراء البنزين من الاحتياطيات الأجنبية بسعر مرتفع وبيعه محليًا بسعر زهيد يهدد قدرة البلاد على توفير السلع الأساسية للفئات الضعيفة، مؤكدًا أن العملة الصعبة ملك لجميع السكان، ويجب ألا تُستهلك لصالح فئة محدودة فقط، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضح الرئيس أن الحكومة حدّدت أسعار البنزين في إيران للمركبات الحكومية والمناطق الحرة والسيارات الجديدة عند 5 آلاف ريال (0.12 دولارًا) للتر، لافتًا إلى أن الخطوة جزء من إصلاحات أوسع تهدف إلى معالجة الاختلالات الهيكلية وتخفيف الضغط عن المالية العامة خلال المرحلة المقبلة.
وأكد أن أي سياسة ناجحة لرفع أسعار البنزين يجب أن ترتبط بخطط لزيادة الكفاءة وتحسين إدارة الموارد وإيصال الدعم إلى مستحقيه، موضحًا أن النظام الحالي يضر بالفئات الأضعف رغم أنه صُمّم في الأصل لتيسير الأعباء عليها في ظروف اقتصادية صعبة.
ويرى الرئيس أن أزمة البنزين في طهران لا تتعلق بالسعر فقط، بل تعكس مشكلات أعمق في بنية الاقتصاد، مشددًا على ضرورة إصلاح أوسع، يشمل المالية العامة وقطاعات الطاقة المختلفة وتطوير أساليب الدعم، لضمان عدم اتساع الفجوة بين الطبقات.
مطالب الخبراء بالإصلاحات
في مقابل تصريحات الرئيس، يرى خبراء أن معالجة أزمة أسعار البنزين في إيران تتطلب إصلاحات جذرية في الإنفاق الحكومي، إذ إن رفع الأسعار وحده لن يحقق الاستقرار ما لم يترافق مع خفض الهدر المالي وزيادة الكفاءة وضمان حماية الفئات منخفضة الدخل بآليات دعم فعالة.
وشدد الباحثون -في رسالة مفتوحة إلى الرئيس- على ضرورة أن تعلن الحكومة بوضوح بنود الإنفاق التي ستخفّضها والمخصصات التي ستُلغى، مع تحديد وجهة الإيرادات الجديدة الناتجة عن تعديل الأسعار وتوجيهها إلى قطاعات الصحة والتعليم والنقل والرعاية العلاجية.
وحذّروا من أن العجز الكبير في موازنة إيران نتيجة الاعتماد على النفط وتضخم الجهاز الحكومي والعقوبات الدولية يجعل الإصلاحات السطحية غير كافية، إذ يبلغ العجز المعلن نحو 800 ألف مليار تومان، ما يضع الحكومة أمام تحديات مالية متزايدة ومعقدة.
*(الدولار الأميركي = 42 ألفًا و112 ريالًا إيرانيًا)
وتضم قائمة الموقّعين شخصيات اقتصادية ذات خبرة واسعة تؤكد ضرورة دعم الإصلاحات عبر خفض النفقات وتحسين جودة الإنفاق؛ إذ يرون أن قرار رفع أسعار البنزين في إيران إلى 50 ألف ريال (1.08 دولارًا) للتر خطوة أولى تحتاج إلى استكمال عاجل بسياسات متوازنة تعزّز العدالة.
ويرى الخبراء أن تراجع قيمة الريال الإيراني يزيد حساسية أي قرار اقتصادي جديد، إذ يتجاوز سعر الدولار حاجزًا غير مسبوق في السوق الحرة، ما يفرض ضرورة برامج تعويضية للفئات الضعيفة حتى لا تتفاقم معاناتها، نتيجة ارتفاع تكاليف السلع والخدمات الأساسية.
وأكدوا أن نجاح الإصلاحات يعتمد على إرادة سياسية واضحة وإدارة شفافة للموارد وإعادة توزيع الدعم بصورة عادلة، إذ لا يمكن أن يكون تعديل أسعار البنزين خطوة منفصلة، بل يجب أن يكون جزءًا من برنامج متكامل يعالج المشكلات الهيكلية.
موضوعات متعلقة..
- هكذا سقطت إيران في قبضة الشركات الأميركية.. وتحررت من عقوبات "البنزين"
- رخص أسعار البنزين في إيران يغري بالإسراف ويزيد التلوث (مقال)
- أسعار البنزين في إيران.. مخاوف من الارتفاع وسط أزمة خطيرة
اقرأ أيضًا..
- دول عربية لن يُسمح لها بالطاقة النووية.. ودور إستراتيجي للسعودية (تقرير)
- تقنية تخفض تكلفة تخزين الهيدروجين إلى 3.80 دولارًا للكيلوغرام
- احتياطيات النفط والغاز في الإمارات 2025 تشهد قفزة ضخمة.. بالأرقام
المصدر..





