جدل حول تكلفة الطهي النظيف في الهند.. غاز النفط المسال أم الكهرباء؟ (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- ربع سكان العالم ما زال يعتمد على وسائل الطهي غير النظيفة
- الهند ثاني أكبر المناطق في الطهي غير النظيف بعد أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
- الحلول القائمة على غاز النفط المسال أو الغاز الطبيعي الأكثر انتشارًا
- الهند ثاني أكبر مستورد لغاز النفط المسال عالميًا، وأغلبه من السعودية
- تكلفة الطهي الكهربائي أصبحت أكثر تنافسية بسبب الاضطرابات الجيوسياسية
توسعت مبادرات الطهي النظيف في الهند خلال العقد الماضي، في إطار جهود حكومية متراكمة اعتمدت بالأساس على توصيل غاز النفط المسال أو الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى ملايين الأسر المحرومة، بينما كانت الحلول الكهربائية الأقل اعتمادًا.
ويسود اعتقاد في الهند بأن الطهي الكهربائي أعلى تكلفة، لكن هذا الاعتقاد تعرَّض للنقد خلال السنوات الأخيرة، مع ارتفاع أسعار غاز النفط المسال والغاز الطبيعي عالميًا، وتأثّرهما بالتوترات الجيوسياسية المتصاعدة حول العالم.
وأظهر تحليل حديث -اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة- أن الحلول الكهربائية بقطاع الطهي النظيف في الهند، أصبحت أقل تكلفة من الحلول القائمة على الوقود الأحفوري غير المدعوم حكوميًا، أو حتى مع وجود الدعم.
ويمكن للحلول الكهربائية أن تخفض فاتورة واردات الهند الباهظة من الغاز الطبيعي المسال وغاز النفط المسال، بحسب التحليل المنشور في موقع معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي -مؤخرًا-.
تطورات الطهي النظيف في الهند
ساعدت السياسات الحكومية الداعمة لاستعمال غاز النفط المسال والتوسع في البنية التحتية للغاز الطبيعي المنقول عبر الأنابيب، في تشكيل مسار التحول إلى الطهي النظيف في الهند على مدار العقد الماضي.
ونجحت الجهود في توصيل غاز النفط المسال إلى 330 مليون شخص خلال العقد الماضي، كما نجحت في توصيل الغاز الطبيعي عبر الأنابيب إلى 15 مليون أسرة خلال المدة.

ورغم ذلك، ما يزال 41% من عدد سكان الهند، البالغ 1.46 مليار نسمة، يعتمدون على حرق الكتلة الحيوية الملوثة في أغراض الطهي والتدفئة المنزلية، كما ما زالت الهند ثاني أكبر المناطق بعد أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من حيث انتشار هذه الظاهرة.
وتشير أحدث بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية إلى أن ربع سكان العالم، أو ما يعادل مليارَي شخص، ما زالوا يعتمدون على وسائل الطهي غير النظيفة، منهم مليار شخص في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وحدها.
ويتسبب التلوث الناتج عن حرق الكتلة الحيوية مثل الفحم والأخشاب وروث الحيوانات وغيرها في وفاة 3.2 مليون شخص سنويًا، منهم مليون حالة في أفريقيا، وما يتراوح من 500 إلى 550 ألف حالة سنويًا في الهند.
تكلفة حلول الطهي النظيف في الهند
أظهر تقرير معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي أن تكلفة الطهي الكهربائي لأسرة مكونة من 4 أشخاص في مدينة دلهي كانت أوفر من استعمال غاز النفط المسال المدعوم حكوميًا، أو الغاز الطبيعي الموصل للمنازل.
وبحسب التقرير، بلغت التكلف السنوية لاستعمال الطهي الكهربائي للأسرة قرابة 5 آلاف و844 روبية هندية (65.2 دولارًا)، وهو ما يقل عن تكلفة الطهي باستعمال الغاز الطبيعي عبر الأنابيب بنسبة 14%.
كما تقل التكلفة بنسبة 37% عن تكلفة الطهي باستعمال غاز النفط المسال دون الدعم الحكومي الشامل البالغ 200 روبية هندية شهريًا (2.23 دولارًا).
وحتى مع الدعم، وجد التقرير أن استعمال غاز النفط المسال ظلَّ أغلى بنسبة 10% من تكلفة الطهي القائم على الكهرباء، بحسب بيانات تفصيلية رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.
وإلى جانب التكلفة المعقولة، تتميز مواقد الطهي الكهربائية بقدرتها على توفير الوقت وخفض استهلاك الطاقة، إذ تستطيع هذه المواقد الوصول إلى درجة الغليان في نصف الوقت الذي تحتاج إليه المواقد العاملة بغاز النفط المسال أو الغاز الطبيعي.
كما تتميز هذه المواقد بكفاءة طاقة أعلى تتراوح من 85% إلى 90% لقدرتها على نقل الحرارة مباشرة إلى أواني الطهي، بينما تنخفض كفاءة الطهي باللهب إلى 55% بسبب تسرُّب الحرارة.
ورغم الفوائد الهائلة التي يقدّمها الطهي الكهربائي، فإن الإقبال عليه ما زال محدودًا بسبب عوائق التكلفة الأولية ونقص الوعي، لكن هذه العقبات يمكن تذليلها في المناطق الحضرية بالهند عبر تدخلات سياسية صغيرة تدعم نشر هذا النوع من الحلول، بحسب التقرير.
تكلفة غاز النفط المسال وعلاقته بالسعودية
تختلف تكلفة حلول الطهي النظيف في الهند القائمة على غاز النفط المسال أو الغاز الطبيعي حسب أسعارهما العالمية، نظرًا لاعتماد البلاد على استيراد كميات كبيرة منهما، مع ضعف الإنتاج المحلي عن مواكبة الطلب.
وتستورد الهند حصة كبيرة من غاز النفط المسال من المملكة العربية السعودية، لكن تكلفة الواردات تتغير وفق أسعار غاز البروبان التي تحددها شركة أرامكو السعودية، حسب ظروف السوق.

فعلى سبيل المثال، دفعت الاضطرابات الجيوسياسية بعد الحرب الأوكرانية، أسعارَ غاز النفط المسال فوق 700 دولارًا، ما أدى إلى ارتفاع أسعاره بالتجزئة على المستهلكين في الهند إلى 1000 روبية هندية (11.16 دولارًا).
وبالمثل، ترتبط أسعار الغاز المسال الفورية -على مؤشرات اليابان وكوريا الجنوبية المرجعية- بأسعار الغاز الطبيعي عبر الأنابيب، ما يؤثّر بمعادلات التسعير المحلية في الهند على الجانب الآخر.
ووقّعت الهند اتفاقية مع الولايات المتحدة لاستيراد 2.2 مليون طن من غاز النفط المسال خلال العام المقبل، وسط توقعات بأن تؤدي هذه الاتفاقية إلى معيارين مختلفين للتسعير، لكن تحديات الشحن وتقلّبات الأسعار ستظل قائمة، ما يجعل الآثار السعرية لهذه الاتفاقية غير واضحة حتى الآن.
والهند هي ثاني أكبر مستورد لغاز النفط المسال عالميًا بعد الصين، وبلغت وارداتها عام 2024 قرابة 23 مليون طن، وهو ما يشكّل 17% من إجمالي الواردات العالمية البالغة 135 مليون طن، بحسب بيانات شركة أبحاث الطاقة إندكس بوكس المتخصصة (IndexBox)، ومقرّها كاليفورنيا.
موضوعات متعلقة..
- أمين عام أوبك: غاز النفط المسال أبرز حلول الطهي النظيف
- مبادرات الطهي النظيف تسجل نتائج قوية في كل القارات إلا أفريقيا (تقرير)
- رؤية وكالة الطاقة الدولية حول الطهي النظيف في أفريقيا.. متناقضة وتضر السكان (تحليل)
اقرأ أيضًا..
- وزير الطاقة السعودي تعليقًا على قرار أوبك+: الأهم في تحديد مستويات إنتاج النفط
- خفض الانبعاثات في قطاع الطيران المدني.. "مطار سفنكس" المصري نموذجًا
- موارد النفط والغاز المتبقية في الشرق الأوسط.. تقرير يكشف عن حجم الثروات
المصدر:
- تحليل تكلفة حلول الطهي النظيف في الهند، من معهد اقتصادات الطاقة
- واردات الهند من غاز النفط المسال في 2024، من بيانات شركة إندكس بوك أميركية





