التقاريرتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

أكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا.. قصة فشل كلّفت 2.2 مليار دولار

هبة مصطفى

تعدّ أكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا انعكاسًا لواقع السوق، إذ كشفت التحديات والتطبيق العملي أن النجاح لم يحالف كل مشروعات الطاقة المتجددة، لكن تعرّضَ بعضها للإخفاق.

ويثير اتجاه محطة إيفانباه (Ivanpah) -الواقعة في صحراء موهافي، بولاية كاليفورنيا- للإغلاق جدلًا واسعًا، فبدلًا من إنتاجها المزيد من الكهرباء المتجددة صارت عبئًا على الولاية والشركات الموقّعة عقود شراء الإمدادات.

وعلى مدار 15 عامًا منذ بدء البناء، مرّ مشروع الطاقة الشمسية المركزة الأبرز بمراحل غير متفائلة، ويستعد لكتابة السطور الأخيرة في قصة تطويره.

وتطرَّق تحليل -تابعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تفاصيله- إلى أسباب فشل المحطة، رغم أنها حظيت باستثمارات مالية ضخمة ودعم سياسي واسع النطاق، بالإضافة إلى تأسيسها على تقنية فريدة ومتطورة.

محطة إيفانباه

تعدّ محطة إيفانباه مشروعًا طموحًا للطاقة الشمسية الحرارية المركزة، لكن هذا الطموح تحوَّل إلى كابوس يهدّد التمسك بمشروعات الطاقة المتجددة.

وتُشير المعلومات الرئيسة للمحطة الرائدة في أميركا إلى:

  1. بدء البناء عام 2010، والدخول حيز التشغيل في 2014.
  2. كلفة تطوير بلغت 2.2 مليار دولار.
  3. التزم مطوّروها بتزويد 140 ألف منزل بالكهرباء.
مرايا مشروع إيفانباه لأكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا
مرايا مشروع إيفانباه لأكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا - الصورة من موقع شركة بكتل

وتعمل أكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا أعلى نطاق المرافق، ولدى انطلاقها تعاونت 3 شركات في تطويرها، هي: برايت سورس إنرجي Bright Source Energy، وإن آر جي إنرجي NRG Energy، كما ضخّت جوجل Google استثمارات قدرها 168 مليون دولار.

واقترح الشركاء تصورًا شمل تطوير محطة "إيفانباه" بقدرة 392 ميغاواط، لتوليد مليون ميغاواط/ساعة سنويًا.

وحصلوا على تمويل بقيمة 1.6 مليار دولار، طامحين أن يتحول مشروعهم إلى "معجزة هندسية" يعكس قدرة واشنطن على تبنّي المشروعات النظيفة الضخمة.

كيف تعمل المحطة؟

تعمل المحطة بنظام الطاقة الشمسية المركزة القائمة على الاستفادة الحرارية من ضوء الشمس، في توليد الكهرباء.

وضمّت ما يزيد على 300 ألف هيليوستات (مرآة عاكسة قابلة للتحكم عن بُعد) منتشرة على مساحة شاسعة.

وتقوم فكرة هذا النظام على توجيه المرايا باتجاه أشعة الشمس على مدار النهار، وضبط زوايا الهيليوستيت بهدف تركيز أشعة الشمس على "مستقبلات" في 3 أبراج، يرتفع كل منها نحو 350 مترًا.

وتعمل حرارة الشمس المركّزة على تسخين الماء وتحويله إلى بخار قادر على تشغيل التوربينات، وصولًا إلى إنتاج الكهرباء.

ويشبه عمل أكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا منشآت الطاقة النووية وتوليد الكهرباء بالفحم، لكنها تتجنب حرق الوقود وإطلاق انبعاثات.

ورغم التقنية الطموحة والإمكانات المالية والتشغيلية الكبيرة، فإن الفشل وشبح الإغلاق لاحَقا المحطة بعد 15 عامًا على وضع حجر الأساس، في ظل مواجهتها تحديات نستعرضها تفصيليًا في التقرير.

ورغم ذلك، كان مشروع إيفانباه بمثابة "مدرسة" لتجربة تقنيات مرايا الهيليوستات، ورصد البيانات والمعلومات حول كيفية انتقال الحرارة والبيئة الصحراوية المحطة للمحطة، للاستفادة منها في مشروعات الطاقة الشمسية المركزة المستقبلية.

هيلوستات تركيز الإشعاع الشمسي
هيلوستات تركيز الإشعاع الشمسي - الصورة من موقع شركة بكتل

تحديات قاتلة

تثير أسباب تعثُّر مشروع صحراء موهافي في ولاية كاليفورنيا الأميركية التساؤلات حاليًا، خاصة في ظل الإمكانات المالية والتقنية السابق ذكرها، ويمكن تلخيص التحديات في النقاط التالية.

  • تقلبات السوق

في حين كانت تتواصل جهود بناء أكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا على مدار 4 سنوات -من 2010 حتى 2014- شهدت سوق الطاقة النظيفة تقلبات وتغيرات شكّلت علامة فارقة في مسار المشروع.

وفي الوقت الذي اتّسمت فيه أنظمة الطاقة الشمسية المركزة بالكلفة المرتفعة وتعقيدات التركيب، كانت أسعار الألواح الشمسية التقليدية تنخفض بنسبة 80% في ظل توسعات التصنيع الصينية، وانتشرت حينها المزارع وتركيبات الأسطح وعلى نطاق المرافق بكثافة.

  • أعباء التشغيل

باتت نقاط تميز المحطة هي نفسها عوامل ضعفها، فالمساحة الشاسعة الممتدة لتتّسع إلى 300 ألف مرآة هليوستات تطلبت حماية "مكلفة" من البيئة الصحراوية ذات الحرارة العالية، والمسبّبة لتكدُّس الغبار وخفض الكفاءة.

وتدريجيًا، تحولت المساحة الشاسعة والتحديات التشغيلية المرتبطة بها إلى عبء على المشغّلين مقارنةً بإنتاج المحطة المنخفض.

  • ضعف الأداء

لم تكن معاناة المحطة من العوامل الخارجية فقط، إذ اتّسم أداؤها بالضعف خلال العام الأول من تشغيلها، ولم تنتج سوى "ثلثي" القدرة المستهدفة.

وأصيب العملاء وموقّعو اتفاقيات شراء الكهرباء النظيفة بالإحباط آنذاك، وبدأت أسهم الانتقادات تتجه إلى المشروع من كل جانب، وشعر المستثمرون أن المشروع تحول إلى "مراهنة" محفوفة بالمخاطر.

وانخفض معامل قدرة المحطة (نسبة الكهرباء المنتجة إلى أقصى إمكانيات للمشروع) إلى أقل من 30%.

  • طفرة النفط الصخري

حملت طفرة النفط الصخري في أميركا وجهًا سلبيًا بالنسبة لمحطة "إيفانباه"، إذ أدت إلى انخفاض أسعار الغاز الطبيعي وزيادة اعتماد محطات الكهرباء عليه، بوصفه "أرخص" مصادر توليد الكهرباء.

ومقابل ذلك، كانت وتيرة تطور المحطة بطيئة رغم كثافة الاستثمارات، وفق تحليل نشره موقع إنترستنج إنجينيرينج.

برج بأكبر محطة شمسية حرارية في أميركا
برج بأكبر محطة شمسية حرارية في أميركا - الصورة من California Curated
  • اتّساع دور الغاز الطبيعي

تُعرف المحطة بأنها مشروع للطاقة النظيفة، وسُوِّقَ لها بوصفها مصدرًا ثابتًا للإمدادات منخفضة الكربون، ووقّعت عقود التوريد طويلة الأجل على هذا الأساس.

وواقعيًا، ضمّت المحطة وحدات غاز طبيعي، لتوليد الكهرباء خلال أوقات الغيوم أو في الليل مع غياب أشعة الشمس.

وبمرور الوقت اتّسع نطاق عمل وحدات الغاز الطبيعي "الاحتياطية"، وتحولت إلى مُوّلد رئيس في ظل ضعف أداء المحطة وانخفاض أسعار الغاز، ما أثار التساؤلات حول مدى "نظافة" إنتاجها.

  • انتقادات سياسية

واجهت محطة "إيفانباه" انتقادات سياسية واسعة النطاق، فرغم إنتاجها للكهرباء النظيفة، فإنها شكّلت لفريق آخر "مشروعًا مرتفع الكلفة" يحتاج إلى دعم دافعي الضرائب، وظهرت مطالبات بضرورة ضمان القروض المقدَّمة حكوميًا بقيمة 1.6 مليار دولار.

وبدأت الأصوات تتعالى حول حاجة ولاية كاليفورنيا إلى محطة شمسية تعمل بتقنيات غير مجدية، رغم وفرة مصادر أقل تكلفة (مثل الغاز).

  • حرب بيئية

افتقر المشروع أيضًا لدعم نشطاء البيئة، بعد شنّ حملة ضدّه لتهديده حياة "سلحفاة الصحراء" الموشكة على الانقراض، والموائل الصحراوية الضعيفة.

وزاد وتيرة حوادث الطيور من حدّة الأمر، بعدما اشتعلت النيران في بعضها، وتعرضت للاحتراق جراء مرورها خلال ضوء الشمس المركّز.

  • الافتقار للتخزين

لم تكن تقنيات تخزين الكهرباء منتشرة بالقدر الكافي خلال مرحلة بناء أكبر محطة طاقة شمسية حرارية في أميركا.

ومع إلحاق بطاريات الليثيوم أيون خاصة وبطاريات التخزين عامة بمحطات الطاقة الشمسية، باتت المشروعات الحديثة أكثر تنافسًا.

  • مستقبل العقود

توشك عقود التوريد طويلة الأجل الموقّعة مع عدد من شركات المرافق العامة على الانتهاء، ومن المحتمل ألّا ترجِّح غالبية المشترين تجديد العقود في ظل توافر بدائل أقل تكلفة وأكثر موثوقية بالنسبة للإنتاج، مقارنة بالطاقة الشمسية المركزة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق