موريتانيا.. آفاق واعدة للتنقيب عن النفط والغاز في الكتل البحرية والبرية
سامر أبووردة
برزت موريتانيا، في السنوات الأخيرة، بصفتها لاعبًا ناشئًا في قطاع النفط والغاز الطبيعي، مع تزايد الاهتمام الدولي بمصادر الطاقة غير المستغلة في هذه الدولة الواقعة غرب إفريقيا.
وتمتاز فرص التنقيب عن النفط والغاز في نواكشوط بتنوّع المواقع بين الحقول البحرية والكتل الأرضية، مما يفتح الباب أمام استثمارات ضخمة قد تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني ورفع مستوى النمو.
ووفقًا لبيانات قطاع النفط والغاز الموريتاني لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تملك نواكشوط احتياطيات تُقدَّر بـ400 مليون برميل من النفط و100 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
وتؤدي الكتل البحرية، ولا سيما الكتلتان C8 وc10، دورًا رئيسًا في تطوير موارد النفط والغاز بموريتانيا، بفضل غناهما المحتمل بمكامن النفط والغاز، إذ أصبحتا محور اهتمام لعدد من الشركات العالمية، التي ترى فيهما فرصًا استثنائية للاستثمار والتنمية.
أيضًا، يجذب حوض تاوديني، الكائن في الكتل البرية الشمالية في قلب الصحراء الكبرى، اهتمام الباحثين عن النفط والغاز في المناطق الداخلية، إذ يمتاز باتّساعه وخصائصه الجيولوجية الفريدة، التي تشير إلى إمكان وجود مكامن ضخمة من النفط والغاز.
الكتلة البحرية سي 8
تقع الكتلة البحرية سي 8 (C8) في الحوض الساحلي الموريتاني، وهو جزء من منطقة بحرية واعدة تمتدّ عبر الساحل الغربي لأفريقيا.
وتعدّ المنطقة البحرية غرب إفريقيا واحدة من أكثر المناطق ديناميكية في العالم لاستكشاف موارد الطاقة، إذ أثبتت تجارب دول مجاورة، مثل السنغال، أنها تحوي إمكانات هائلة، وهو ما يدفع موريتانيا إلى المضي قدمًا في استغلال مواردها البحرية.
ومع ذلك، تواجه عمليات التنقيب تحديات مثل تقلبات السوق وتكاليف التكنولوجيا المتقدمة المطلوبة للتنقيب في أعماق البحار.

وتُعدّ الكتلة البحرية C8 إحدى المناطق البحرية المخصصة للاستكشاف والإنتاج في موريتانيا، وهي جزء من المنطقة الاقتصادية الخالصة لنواكشوط، ما يتيح لها إمكانات واسعة لاستكشاف النفط والغاز، وتندرج ضمن إستراتيجية البلاد لتعزيز استكشاف موارد الهيدروكربونات البحرية.
وتعمل شركة كوزموس إنرجي الأميركية (Kosmos Energy) في الكتلة سي 8 بصفتها مشغّلًا بموجب عقد مشاركة إنتاج مع الحكومة الموريتانية، ما يعني أن الشركة تتحمل التكاليف الأولية للاستكشاف والتطوير مع تقاسم الأرباح لاحقًا مع الدولة.
وتحوي الكتلة سي 8 اكتشافين رئيسين، هما حقل غاز بير الله، الذي تُقدَّر احتياطياته بأكثر من 80 تريليون قدم مكعبة، وحقل أوركا، الذي اكتُشِف 2019، ويحوي 13 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي على عمق 2500 متر.
ويدعم تطوير الكتلة C8 عائدات الحكومة، ويدعم خطط التنويع الاقتصادي، ويؤهّل موريتانيا لأن تصبح مركزًا إقليميًا للطاقة.
وتُعدّ الكتلة C8 جزءًا مهمًا من إستراتيجية نواكشوط لتعزيز مكانتها بصفتها مركزًا إقليميًا لإنتاج الغاز الطبيعي، مع إمكانات لتغيير جذري في الاقتصاد الوطني عبر استثمارات طويلة الأمد.
الكتلة البحرية سي 12
الكتلة البحرية سي 12 (C12) هي جزء من المياه العميقة قبالة الساحل الموريتاني تقع ضمن الحدود الاقتصادية لموريتانيا في المحيط الأطلسي، وتشمل مساحة كبيرة ضمن الحوض البحري الموريتاني المعروف بإمكاناته الهيدروكربونية.
وتشير تقارير حديثة إلى أن هذه الكتلة تحتوي على تراكيب جيولوجية معقّدة، مما يجعلها واعدة من حيث الاكتشافات الجديدة.
ويجري العمل في هذه الكتلة ضمن شراكة بين شركات عالمية مثل كوزموس إنرجي (Kosmos Energy)، وشيفرون (Chevron)، والشركة الموريتانية للمحروقات والخصائص المعدنية (SMHPM)، حسبما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتُربَط حاليًا الكتلة سي 12 بخطط البنية التحتية الإقليمية، ما يعزز من إمكان تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الدولية، لا سيما أوروبا، التي تبحث عن بدائل للغاز الروسي.

الكتل البرية الشمالية
عند الحديث عن الكتل البرية الشمالية قيد الاستكشاف يبرُز حوض تاوديني، الواقع شمال شرق موريتانيا، الذي يُعدّ واحدًا من أكبر الأحواض الرسوبية في أفريقيا.
ويمتد الحوض عبر موريتانيا ومالي والجزء الجنوبي من الجزائر، ما يجعله منطقة واسعة للتنقيب عن النفط والغاز، وتُظهر الدراسات الأولية احتواء الحوض على احتياطيات هيدروكربونية ضخمة يمكن أن تكون أساسًا لصناعة الطاقة المستقبلية في البلاد.
ومن أبرز مميزات حوض تاوديني تركيبته الجيولوجية التي تُشير إلى وجود مكامن غير تقليدية للنفط والغاز، ما يعزز اهتمام الشركات العاملة في مجال الطاقة باستكشاف الحوض.
ومع ذلك، فإن التحديات اللوجستية والبنية التحتية المحدودة في المناطق الصحراوية تجعل عملية التنقيب هناك محفوفة بالصعوبات، وقد بدأت الحكومة الموريتانية في تنفيذ بعض الخطط لتحسين البنية التحتية بهدف جذب المزيد من الاستثمارات لهذه المنطقة.
وتعمل نواكشوط أيضًا على تقديم حوافز اقتصادية وتنظيمية لجذب الشركات المهتمة بحوض تاوديني، كما أبدت شركات مثل "توتال" الفرنسية اهتمامها بمشروعات استكشافية في المنطقة، ما يعكس إمكان أن يصبح الحوض محورًا جديدًا للنشاط الاقتصادي والتنمية الصناعية في البلاد.
التنقيب عن النفط والغاز في موريتانيا
حظي التنقيب عن النفط والغاز في موريتانيا، في أبريل/نيسان 2023، بصفقة بين شركة قطر للطاقة وشركة شل.
وأعلنت وزارة البترول والمعادن في موريتانيا موافقتها على الاتفاقية، التي دخلت بموجبها شركة قطر للطاقة مجال الاستكشاف والإنتاج في البلاد، بنسبة تبلغ 40% من عقد الاستكشاف والإنتاج الخاص بالكتلة البحرية "سي 10".
ومن شأن دخول الشركة القطرية الإسهام في تسريع عمليات الحفر على مستوى الكتلة البحري "سي 10"، وزيادة وتيرة ونوعية الاستكشافات في الكتلة "سي 2" المجاورة لها.
وشهد شهر يوليو/تموز 2024 توقيع اتفاقية مهمة من شأنها تعزيز عمليات التنقيب عن النفط والغاز في موريتانيا، مع شركة "تي جي إس" النرويجية (TGS) الرائدة عالميًا في مجال بيانات الطاقة وأبحاث السوق.
وتتيح الاتفاقية لشركة "تي جي إس" توسيع نطاق البيانات البرية والبحرية المتوفرة في جميع أنحاء موريتانيا بصورة كبيرة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتتضمّن البيانات 10 مسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد تحت سطح الأرض الجديدة، عولجت في عام 2022؛ ما أدى إلى حجم مدمج ومنقول بالكامل يبلغ 19 ألفًا و92 كيلومترًا مربعًا.

بالإضافة إلى ذلك، هناك ما يقرب من 84 ألف كيلومتر مربع من المسوحات ثلاثية الأبعاد من عمليات التخلي عن المربعات البحرية، والآبار البحرية والبرية، ونحو 20 خط ألف كيلومتر مربع من البيانات الزلزالية البرية ثنائية الأبعاد داخل حوض تاوديني.
وفي سياق متصل، ومع تنامي الاهتمام بالتنقيب عن النفط والغاز في موريتانيا، تبرز مجموعة من التحديات التي تحتاج الحكومة وشركاؤها إلى التعامل معها.
من بين هذه التحديات، الحاجة إلى تحسين البنية التحتية، وتطوير الكوادر المحلية، وضمان الالتزام بالمعايير البيئية، كما أن التغيرات في أسعار النفط العالمية قد تؤثّر بقرارات الاستثمار وخطط التنمية المستقبلية.
وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن موارد نواكشوط الواعدة في الكتلتين البحريتين C8 وC10، إلى جانب حوض تاوديني، تقدّم فرصًا غير مسبوقة للنمو الاقتصادي. ومع وجود استثمارات جديدة وتعاون دولي متزايد، يمكن أن تصبح موريتانيا دولة رئيسة في مجال الطاقة الأفريقية في المستقبل القريب.
ويمثّل التنقيب عن النفط والغاز في موريتانيا نقطة تحول إستراتيجية في مسيرة الدولة الاقتصادية، ومع الالتزام بتنفيذ خطط استغلال هذه الموارد بطريقة مستدامة وشاملة، يمكن أن تسهم هذه الثروات في تحقيق طفرة تنموية تغير من ملامح البلاد.
موضوعات متعلقة..
- موريتانيا تستعد لاستخراج 15 تريليون قدم مكعبة من الغاز
- مشروع تورتو أحميم للغاز المسال في موريتانيا يؤمّن الكهرباء لمدة 20 عامًا
- موريتانيا توقع عقدًا لتطوير احتياطيات غاز ضخمة (صور)
اقرأ أيضًا..
- حقيقة ارتفاع أسعار البنزين اليوم في مصر (تقرير)
- اكتشاف غاز باحتياطيات 8 تريليونات قدم مكعبة.. قبرص تستعد لمنافسة مصر
- أنس الحجي: خطط سوريا لخطوط أنابيب النفط والغاز انتهت.. وهذا وضع الطاقة المتجددة
المصادر..





