أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير الطاقة النوويةسلايدر الرئيسيةطاقة نووية

أنس الحجي: الطاقة النووية في السعودية مسار حتمي.. وهكذا تحقق الاستقرار

أحمد بدر

تصدّرت الطاقة النووية في السعودية عناوين الأخبار، خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى واشنطن، والتي حظيت باهتمام غير مسبوق؛ ولا سيما في ملف الطاقة، في ظل الطفرة العالمية بالذكاء الاصطناعي والارتفاع الهائل في استهلاك الكهرباء المرتبط بمراكز البيانات.

في هذا السياق، أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن ملف الطاقة النووية لدى المملكة لم يعد مسألة مرتبطة بالتفضيل بين مصادر متعددة، بل تحوّل إلى ضرورة إستراتيجية مرتبطة مباشرة بخطط البلاد لتحولها الرقمي وصعودها الصناعي والتقني.

وأشار إلى أن الزيادة المتسارعة في أحمال الكهرباء، والدور المركزي للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات ضمن رؤية 2030، يفرضان إعادة هيكلة منظومة الإمدادات المستقبلية؛ إذ إن الطاقة النووية في السعودية باتت الحلقة المفقودة في معادلة الأمن الكهربائي طويل المدى.

وقال إن النقاشات السعودية الأميركية لا تقتصر على التعاون التجاري أو التقني، بل تمتد إلى منظومة شاملة لنقل المعرفة، بما يتوافق مع التوجه الجديد الذي يجعل الطاقة النووية في السعودية محورًا في تطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز تنافسية المملكة في الصناعات الحديثة.

وجاءت هذه التصريحات خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيات الطاقة" قدمها أنس الحجي عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا) تحت عنوان: "محمد بن سلمان في واشنطن.. لماذا تحتاج السعودية إلى الطاقة النووية؟".

لماذا لم تعد الطاقة النووية خيارًا في السعودية؟

تحوّلت الطاقة النووية في السعودية من بديل محتمل إلى عنصر أساسي في خطط الطاقة الوطنية، نتيجة الطفرة الهائلة في استهلاك الكهرباء داخل قطاعات تعتمد على أحمال ثابتة وموثوقة، مثل مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي؛ إذ يرى أنس الحجي أن هذه الصناعات لم تعد قابلة للاعتماد على مصادر متقطعة.

وكشف عن أن جزءًا كبيرًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تُناقش بين الرياض وواشنطن مرتبط مباشرة بقطاع الطاقة وتأتي الطاقة النووية في السعودية في صدارتها؛ لأنها ترتبط برؤية المملكة للتحول إلى مركز عالمي للتقنيات المتقدمة وإنتاج الطاقة منخفضة الانبعاثات لدعم النمو الصناعي.

الطاقة النووية في السعودية

ويشرح أنس الحجي أن الاهتمام الأميركي يعود إلى أن السعودية أصبحت لاعبًا إستراتيجيًا في توطين التقنية، وهو ما يجعل الطاقة النووية جزءًا من منظومة أوسع لنقل التكنولوجيا، وليس مجرد مشروع لإنتاج الكهرباء؛ إذ يعكس اهتمام القيادة السعودية رغبةً في بناء قدرات طويلة المدى.

وأشار إلى أن تطوير المفاعلات النووية السلمية في المملكة يتوافق مع توجهات دولية جديدة ترى في الطاقة النووية وسيلةً لخفض الضغط على مصادر الغاز، الذي تحتاج إليه المملكة لصناعات ذات قيمة مضافة، وهو ما يجعل توفير كهرباء مستقرة عبر الطاقة النووية في السعودية شرطًا للنمو الاقتصادي.

وأكد أن استمرار الاعتماد على النفط والغاز في التوليد سيؤدي إلى تحويل صادرات المملكة من الوقود إلى الاستهلاك المحلي؛ ما يهدد العوائد النفطية؛ لذلك فإن الطاقة النووية تُعد حلًا إستراتيجيًا لمنع الإخلال بالميزان الاقتصادي وضمان استمرار التوسع الصناعي.

ويرى الحجي أن المملكة لا تنظر إلى الطاقة النووية بوصفها بديلًا عن الشمس أو الرياح، بل مكملًا لها؛ إذ تمنح الطاقة النووية في السعودية استقرارًا في الإمدادات، وتغطي الأحمال الثقيلة دون انقطاع، وهو شرط أساسي لمراكز البيانات التي لا تتحمل ثواني من التوقف في بيئة مناخية حارة.

الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات

أوضح أنس الحجي أن النمو الضخم في الذكاء الاصطناعي يضاعف أحمال الكهرباء في كل دول العالم، مشيرًا إلى أن الطاقة النووية في السعودية تُعَد مسارًا حتميًا؛ لأن مراكز البيانات تحتاج إلى طاقة مستمرة وغير متقطعة، وهو ما لا توفره المصادر المتجددة وحدها، مهما توسعت المملكة في مشروعاتها.

وأشار إلى أن تكلفة تخزين الكهرباء من الشمس والرياح عبر البطاريات لا تزال مرتفعة على مستوى العالم؛ ما يجعل الاعتماد الحصري عليها غير ممكن لحماية أحمال الذكاء الاصطناعي، ولهذا أصبحت الطاقة النووية في السعودية جزءًا أساسيًا من تصميم البنية الرقمية الجديدة التي تسعى المملكة لقيادتها عالميًا.

وذكر خبير اقتصادات الطاقة أن رؤية 2030 تستهدف بناء واحدة من أكبر منظومات البيانات والذكاء الاصطناعي في المنطقة؛ الأمر الذي يرفع الطلب على طاقة ثابتة لا تنقطع، وهو ما يجعل الطاقة النووية الخيار الوحيد الذي يتيح توفير استقرار مستمر على مدار الساعة دون تقلبات إنتاجية.

كما شرح أن استمرار الاعتماد على الغاز لتغذية هذه المنشآت سيؤدي إلى تحويله بعيدًا عن الصناعات البتروكيماوية التي توفر قيمة مضافة أكبر؛ ومن ثَم تمثل الطاقة النووية في السعودية صمام أمان يحمي الصناعات الإستراتيجية من خسارة مواردها لصالح التوليد الكهربائي.

ولفت إلى أن انتشار مراكز البيانات في دول الخليج يفرض متطلبات تبريد ضخمة، خاصة في المناخ الصحراوي؛ ما يزيد الحاجة إلى تدفق كهربائي راسخ. وهنا تصبح الطاقة النووية في السعودية عاملًا حاسمًا لإنشاء مراكز بيانات عالمية قادرة على المنافسة في بيئة مناخية صعبة.

وأكد أن الدول المتقدمة تتجه إلى المسار نفسه؛ إذ تسعى الولايات المتحدة وأوروبا وكوريا الجنوبية إلى الربط بين المفاعلات النووية ومراكز البيانات الضخمة. وهذا الاتجاه ينسجم مع الخطط السعودية التي تجعل من الطاقة النووية قاعدة للبنية الرقمية المستقبلية.

مركز بيانات يسهم في زيادة الطلب على الكهرباء من مراكز البيانات في أوروبا
مركز بيانات - الصورة من دايكين

نقل التقنية والتحول الصناعي في السعودية

أشار أنس الحجي إلى أن أبرز ما يميّز التوجه السعودي الحالي هو التركيز على نقل التقنية، وليس الاستيراد أو الشراء المباشر، موضحًا أن الطاقة النووية في السعودية ليست مجرد مشروع توليدي، بل هي برنامج إستراتيجي لامتلاك المعرفة التقنية التي ستحدد موقع المملكة في المستقبل.

وأكد أن كل الشركات العالمية التي تتفاوض معها المملكة تدرك أن شرط نقل التقنية أصبح أساسيًا، وهو ما يثير تحفظات بعض الدول والسياسيين؛ لأن الطاقة النووية في السعودية ترتبط مباشرة بمنح قدرات صناعية متقدمة للدولة، وهو ما يجعل الاستثمار فيها ذا بُعد جيوسياسي.

وأشار إلى أن هذا التوجه يتسق مع مسار تحول أرامكو من شركة وطنية إلى شركة طاقة عالمية؛ إذ إن بناء قدرات جديدة؛ بما فيها النووية، يعزز مكانتها في الأسواق ويجعل الطاقة النووية في السعودية عنصرًا بمشروع التحول إلى لاعب عالمي في كل مصادر الطاقة، وليس النفط فقط.

وشرح أنس الحجي أن التعاون بين السعودية والولايات المتحدة يشمل مجالات أوسع مثل الطاقة الشمسية والرياح والتقنيات التخزينية المتقدمة، لكن يظل جوهر هذا التوجه مرتبطًا بأن برامج مثل الطاقة النووية في السعودية توفر قاعدة صناعية أكثر قوة واستقلالية في المستقبل.

وأضاف: "الدول التي تنتقد هذا المسار تدرك أن نقل التقنية يغير قواعد اللعبة على المدى الطويل؛ لذلك تشهد برامج مثل الطاقة النووية نقاشات حادة؛ لأنها تمنح المملكة موقعًا قياديًا في صناعة متقدمة ذات تأثير اقتصادي وسياسي عالمي".

واختتم الحجي تصريحاته بالإشارة إلى أن مواجهة الطلب المستقبلي الهائل على الكهرباء، واستدامة النمو الاقتصادي في الصناعات عالية القيمة، تبرران توجه المملكة لاستعجال برنامج الطاقة النووية في السعودية بوصفه حجر الأساس في مزيج الطاقة المقبل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق