التقاريرتقارير الكهرباءرئيسيةكهرباء

محطة كهرباء اليوسفية.. مشروع عراقي ضخم متأخر منذ 35 عامًا

سامر أبووردة

شهدت محطة كهرباء اليوسفية خطوة جديدة بعد 35 عامًا من التعطّل، عقب إعلان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، بدء العمل الفعلي في المشروع الحراري الاستثماري بسعة إجمالية 1820 ميغاواط.

وتُمثّل هذه الخطوة جزءًا من خطة حكومية أوسع لتعزيز قدرات منظومة الكهرباء الوطنية وتجاوز أزمات الإنتاج التي رافقت العراق لسنوات طويلة.

ووفقًا لبيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يُشكّل مشروع محطة كهرباء اليوسفية الحرارية نقطة محورية ضمن خطط تمتد لـ20 عامًا لإضافة 57 ألف ميغاواط إلى قدرات العراق، بالتحالف مع سيمنس وجنرال إلكتريك، وإدماج الطاقات المتجددة.

وتتزامن هذه التطورات مع جهود حكومية لترتيب استثمارات القطاع وضبط تكاليف الإنتاج، ضمن رؤية اقتصادية وطاقية تستهدف تقليص العجز المالي الناتج عن الدعم الواسع للكهرباء، وتحسين كفاءة الجباية، مع توفير بيئة ملائمة للمستثمرين.

ووفقًا لتوجهات معلنة، تعمل الحكومة العراقية على إعادة صياغة عقود الكهرباء بنموذج مالي جديد، يوازن بين الجدوى الاستثمارية للمشروعات وحماية المال العام، ضمن إصلاحات تستهدف خفض الكلف التشغيلية وإعادة هيكلة الدورة الكاملة للإنتاج والاستهلاك والجباية.

محطة كهرباء اليوسفية الحرارية الاستثمارية

يمثّل إطلاق العمل في محطة كهرباء اليوسفية الحرارية الاستثمارية تحولًا بالغ الأثر بمسار المشروعات الإستراتيجية في العراق، لا سيما أن الموقع يمتد على مساحة 759 دونمًا شرق نهر الفرات في ناحية اليوسفية قرب بغداد.

المحطة تتبع الشركة العامة لإنتاج الطاقة الكهربائية/المنطقة الوسطى، وقد مُنِح المشروع إلى شركة الرضا الاستثمارية بطاقة 1820 ميغاواط على مرحلتين:

  • المرحلة الأولى: 4 وحدات بقدرة 350 ميغاواط، بإجمالي 1400ميغاواط.
  • المرحلة الثانية: وحدتين بطاقة 210 ميغاواط لكل منهما.

المشروع ظلّ معطلًا منذ 1990 رغم محاولات متكررة لإعادة العمل خلال العقدين الماضيين، إلّا أن الظروف الأمنية والتغييرات السياسية حالت دون استكماله.

محطة كهرباء اليوسفية في العراق
إطلاق العمل في مشروع محطة كهرباء اليوسفية الحرارية - الصورة من حساب المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في فيسبوك

تاريخ طويل من التوقف

شهدت محطة كهرباء اليوسفية توقفات متكررة منذ التعاقد الأول عام 1990 مع شركة تكنوكروم إكسبورت الروسية لبناء محطة بخارية بطاقة 1680 ميغاواط.

ورغم انطلاق العمل حينها، توقّف المشروع سريعًا عقب غزو العراق للكويت وفرض العقوبات.

أُعيد فتح الملف بداية الألفية، ثم انسحبت الشركة الروسية عام 2003 بسبب التدهور الأمني، بعد أن بلغت نسبة الإنجاز 34%.

وواصل العاملون العراقيون التقدم حتى 2006، لكن الاضطرابات واستعمال الموقع من قبل القوات الأميركية أوقف المشروع بالكامل.

من فعاليات إطلاق العمل في مشروع محطة كهرباء اليوسفية الحرارية
من فعاليات إطلاق العمل في مشروع محطة كهرباء اليوسفية الحرارية - الصورة من حساب المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في فيسبوك

وتُجسِّد رحلة المشروع نموذجًا لمعوقات البنية التحتية العراقية خلال العقود الماضية، فإلى جانب الأزمات الأمنية، واجه المشروع صعوبات في التمويل، وتكرار إعادة التعاقد، وارتفاع تكاليف البناء والتشغيل مقارنة بالتصاميم الأصلية.

كما عطّل استعمال الموقع لأغراض عسكرية إمكان استئناف الأعمال لسنوات طويلة حتى استقرار الأوضاع.

هذه الظروف مجتمعة جعلت محطة كهرباء اليوسفية واحدة من أكثر المشروعات تأجيلًا في قطاع الكهرباء العراقي.

دور المحطات الحرارية

المحطات الحرارية -بحسب التعريف الفني المعتمد لدى منصة الطاقة المتخصصة- هي منشآت تعتمد على حرق الوقود داخل المحطة لتوليد الطاقة الكهربائية.

وقد تعمل بالغاز الطبيعي أو النفط مثل الديزل والمازوت أو الفحم، بينما تعتمد محطات الدورة المركبة على استرجاع الحرارة المُهدَرة لتشغيل توربينات إضافية، ما يرفع كفاءة الإنتاج.

وتُمثّل محطة كهرباء اليوسفية نموذجًا لمحطة بخارية تقليدية ذات قدرة كبيرة يمكن أن تسهم -إلى جانب محطات حرارية أخرى في المحافظات العراقية- في معالجة جانب من أزمة الكهرباء المزمنة، لا سيما خلال أوقات الذروة الصيفية.

من فعاليات إطلاق العمل في مشروع محطة كهرباء اليوسفية الحرارية
من فعاليات إطلاق العمل في مشروع محطة كهرباء اليوسفية الحرارية - الصورة من حساب المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي في فيسبوك

الخلاصة:

يُمثّل إطلاق العمل التنفيذي في المشروع بداية مسار جديد بعد 3 عقود من التعثر، مع التعويل على إدخال قدرات إنتاجية كبيرة إلى الشبكة تدريجيًا، بما يدعم استقرار الإمدادات ويخفّف الضغط على المشروعات الطارئة.

كما يعكس التوجّه الحكومي نحو نموذج استثماري مستدام، يقلّص تكلفة المشروعات ويعيد تنظيم العلاقة بين الإنتاج والجباية.

وتتوقع الحكومة أن يواكب استكمال هذه المشروعات التوسّع العمراني الكبير، ولا سيما مع إنشاء المشروعات الصناعية والسكنية الجديدة التي تتطلب تغذية كهربائية مستقرة على مدار اليوم.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. بيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي
  2. بيانات محطة كهرباء اليوسفية الحرارية، من الشركة العامة لإنتاج الطاقة الكهربائية/المنطقة الوسطى
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق