أخبار التكنو طاقةتكنو طاقةرئيسية

ابتكار أردني يتيح للأفراد توليد الكهرباء بتكلفة معقولة

داليا الهمشري

في زمن يتزايد فيه الطلب على الطاقة المتجددة وتتصاعد الدعوات لتحقيق الحياد الكربوني، تتجه الأنظار نحو ابتكار أردني من خلال حلول أكثر ذكاءً تجمع بين الكفاءة والمرونة وتتيح للأفراد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء بطرق سهلة وقابلة للتطبيق في محيطهم اليومي.

فلم تعد الطاقة المتجددة حكرًا على المشروعات العملاقة أو الاستثمارات الضخمة، بل تحولت إلى مجال مفتوح أمام الأفكار المبتكرة والحلول العملية، التي تمكّن من استغلال الموارد الطبيعية بكفاءة حتى في المساحات الضيقة والمدن المكتظة.

وفي هذا السياق، يقدّم مشروع "إيريس" الأردني مثالًا على حل عملي يجمع بين طاقتي الشمس والرياح لتوليد الكهرباء بطريقة مبتكرة ومستدامة، ويجعلها متاحة للجميع دون تعقيدات.

وانطلق مشروع إيريس (IRIS)، الذي ابتكره الباحث الأردني طارق حمدان، من مشكلة حقيقية، وهي ارتفاع فواتير الكهرباء، وصعوبة تركيب أنظمة تقليدية في العمارات والوحدات السكنية.

استغلال الطاقة المتجددة

في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أوضح طارق حمدان أن معظم العائلات الأردنية يعاني من ارتفاع فواتير الكهرباء وصعوبة تركيب الألواح الشمسية الكبيرة في ظل القيود الإدارية وضيق المساحات؛ ما دفعه لمحاولة التغلب على هذا التحدي الكبير والبحث عن بديل يمكّن الأفراد من الاستفادة من الطاقة المتجددة من خلال تصميم مضغوط.

وهكذا نشأت فكرة ابتكار أردني بصفته نظامًا هجينًا يجمع بين طاقتي الشمس والرياح في وحدة لا تزيد مساحتها على متر مربع واحد، وينتج ما يزيد على 1500 كيلوواط شهريًا، ما يكفي لتشغيل بيت أو مشروع صغير بكفاءة عالية.

ابتكار أردني مشروع إيريس (IRIS)
مشروع إيريس (IRIS) - ابتكار أردني للطاقة المتجددة

وأوضح حمدان -في تصريحات إلى منصة الطاقة- أن نظام إيريس يتكون من عنصرين رئيسين:

  • الجزء الشمسي: ويتكون من 12 لوحًا شمسيًا متحركًا يتتبّع الشمس تلقائيًا، ومزودًا بمراوح تبريد مدمجة ترفع الكفاءة بنسبة تصل إلى نحو 40% مقارنًة بالأنظمة الثابتة.
  • الجزء الهوائي: ويتكون من مروحة تعمل وفق مبدأ برنولي، عبر ضغط الهواء وتسريعه داخل فتحات ضيقة في القاعدة، لتوليد طاقة حتى عند انخفاض سرعة الرياح.

ولا يتوقف النظام بشروق الشمس وغروبها، بل يمكن له أن يستفيد من الرياح أيضًا؛ ما يجعله يعمل على مدار اليوم بمصدري الطاقة المتجددة (شمس ورياح) دون توقُّف.

ويشتمل النظام -كذلك- على تتبّع شمسي تلقائي (Auto Tracking) وزر تنظيف ذاتي للألواح؛ ما يحافظ على كفاءته دون تدخُّل يدوي، كما يمتاز الجهاز بالعمل في صمت، وتصميمه العملي الذي يتناسب مع المناطق السكنية والريفية معًا.

تصميم ذكي

يقول الباحث الأردني طارق حمدان، إن إيريس يتّسم بعدّة مميزات، أبرزها قدرته على القيام بعمليتي الفتح والغلق بصورة تلقائية، وتنظيف ألواحه ذاتيًا، كما أنه يتصل بتطبيق إلكتروني يمكّن المستعمِل من مراقبة الأداء والتحكّم بالجهاز عن بُعد.

وأضاف: "مقارنًة بالأنظمة التقليدية -كمثيله الأوروبي (SmartFlower)- فإن إيريس لا يكتفي بتتبّع الشمس، بل يُضيف الرياح، كما يتّسم بسهولة التركيب والصيانة والتكلفة".

وتغلّب حمدان على أهم العقبات، وهي رفض الكثير من الجيران أو أصحاب العمارات تركيب الأنظمة الشمسية التقليدية بسبب المساحة المطلوبة أو المظهر العام؛ ما دفع فريق إيريس إلى تصميم عمودي مبتكر يوفر أكثر من 80% من المساحة مقارنة بالأنظمة التقليدية، ويُناسب الأماكن الصغيرة أو الأسطح الضيقة.

وأكد حمدان أن النظام مستقل، ويمكن تركيبه بسهولة دون حاجة إلى تصاريح معقّدة أو بنى تحتية ضخمة، مشيرًا إلى أنه لا يتوافر في الأردن حتى الآن أيّ جهاز يعمل بنظامين الطاقة المتجددة (الشمس والرياح) على مساحة متر مربع واحد ويخدم 3 شقق مجتمعة.

وفيما يتعلق بالتكلفة، أشار حمدان إلى أنه إذا تشاركت 3 شقق في النظام، فإن الكلفة على الشقة الواحدة تبلغ نحو 1500 دينار أردني (2116 دولارًا أميركيًا)، مشيرًا إلى أن النظام يعمل عبر تخزين الطاقة أو من خلال الربط على شبكة الكهرباء، وتُركب البطارية الخاصة بالتخزين داخل المِسكن بحجم 60×30 سم، مؤكدًا كونها آمنة ولا تُحدث أصواتًا.

(الدولار الأميركي = 0.71 دينارًا أردنيًا).

جائزة الابتكار الأخضر

فاز المشروع في هاكاثون البلقاء للابتكار الأخضر، وعُرِض رسميًا في ملتقى الصنّاع الأردنيين لعام 2025، حيث حصل على المركز الأول عن فئة "الابتكار والتكنولوجيا"، متفوقًا على أكثر من 114 مشروعًا من جامعات وشركات مختلفة.

مؤسس مشروع إيريس طارق حمدان بعد حصولة على جائزة "الابتكار والتكنولوجيا" خلال ملتقى الصناع الأردنيين لعام 2025
الباحث الأردني طارق حمدان بعد حصوله على جائزة "الابتكار والتكنولوجيا" خلال ملتقى الصنّاع الأردنيين لعام 2025

وأكد حمدان أن إيريس ليس مجرد جهاز، بل رمز لفكرة جديدة، وهي أن الطاقة حق للجميع، وأن الحلول الكبيرة يمكن أن تبدأ من الأفراد، متوقعًا أن التوسع في هذه المشروعات يمكن أن يضع الأردن على خريطة الابتكار العالمي في الطاقة المتجددة.

وأوضح أن النظام -حاليًا- في انتظار الموافقات الرسمية لطرحه في السوق، مؤكدًا أن الفكرة ملكه الخاص، وليست تابعة لأيّ شركة، وأن أكثر من 25 مهندسًا ومهندسة شاركوا في تنفيذ المشروع الذي استمر العمل عليه عامين متواصلين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق