نزيف الطاقة المتجددة مستمر.. تسريح موظفين وبيع حصص خلال 48 ساعة
محمد عبد السند

- لم تخرج صناعة الطاقة المتجددة من كبوتها بعد
- إدارة ترمب تضيّق الخناق على قطاع الطاقة المتجددة
- فيستاس تسرّح المئات من موظفيها
- تخارجت شل من مشروعَي طاقة رياح في بريطانيا
- "إل إم ويند باور" تسرّح موظفين بسبب عثرتها المالية
لم يخرج قطاع الطاقة المتجددة بعد من كبوته التي ألمّت به خلال السنوات القليلة الماضية، تاركة شركاته تصارع موجات إفلاس عاتية تدفعها في النهاية إلى تسريح موظفيها بأعداد ضخمة.
ويواجه قطاع الطاقة النظيفة، لا سيما شركات تطوير محطات الطاقة الشمسية والرياح، ضربات متتالية اشتدت وطأتها منذ بداية العام الحالي مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
ولم تتوان إدارة ترمب في اتخاذ سلسلة من التدابير لتضييق الخناق على قطاع الطاقة المتجددة، مثل حرمانه من الدعم، مقابل الدعم المطلق لمشروعات الوقود الأحفوري.
وفي هذا التقرير، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة نماذج من حالات تعثر الشركات في القطاع مثل الإفلاس وتسريح الموظفين.
فيستاس تسرّح موظفيها
اضطرت مطورة طاقة الرياح الدنماركية فيستاس إلى تسريح 900 موظف في فروعها العالمية، في إطار حزمة إجراءات إعادة هيكلة تستهدف رفع الكفاءة وترشيد النفقات.
وقالت فيستاس إنها ستنتهي من عملية تسريح الموظفين بحلول نهاية العام الجاري، مضيفة أنها ستحقّق التخفيضات في العمالة عبر "التسريح والاستغناء عن مستشارين من جهات خارجية".
وأوضح ناطق باسم الشركة قائلًا: "ندرك تمامًا أن الاستغناء عن زملاء لنا في العمل ليس أمرًا هينًا، وإن كان هذا يأتي في إطار خطوات ضرورية تمكننا من توجيه مواردنا إلى المجالات التي تحقق فيها أعلى قيمة".
وتابع: "تواصل فيستاس إحراز تقدم مالي قوي، ونحن نراجع أوضاع شركتنا بصفة دورية، لنضمن أننا نعمل بأفضل إستراتيجية ممكنة".
وواصل: "لجعل نموذج العمل في فيستاس أكثر بساطة وأكثر تركيزًا على العميل، فإننا نبسّط العمليات، ونحسّن الكفاءة ونحدد الحجم المناسب للأعمال".
ووفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة يعادل الموظفون الـ900 المخطط تسريحهم في فيستاس 2% من إجمالي حجم القوى العاملة في شركة الطاقة المتجددة، التي نمت بنحو 3 آلاف و500 فرد خلال العام الماضي.
شل تتخلى عن مشروعي رياح
لا تقف فيستاس وحدها في خانة شركات الطاقة المتجددة التي تعاني الأمرَّيْن في سبيل استمرار عملياتها في السوق، بل تقاسمها الظروف ذاتها شركة شل متعددة الجنسيات التي قررت مؤخرًا التخارج من مشروعي طاقة رياح بحرية في المملكة المتحدة.
ففي إطار إستراتيجيتها الرامية لخفض استثماراتها في قطاع الطاقة المتجددة انسحبت شركة النفط والغاز من المشروعَيْن الواقعَيْن في إسكتلندا.
ويأتي قرار شل إلغاء خطط بناء مزرعتَي رياح بحريتَيْن قبالة السواحل الإسكتلندية بعد أيام من إعلان انسحابها من مشروع أتلانتيك شورز أوفشور ويند (Atlantic Shores Offshore Wind) في الولايات المتحدة الأميركية.
وسعت شل إلى تطوير مزرعة رياح "مارام ويند" قبالة السواحل الإسكتلندية في مشروع مشترك مناصفةً مع شركة سكوتش باور رينيوابولز (ScottishPower Renewables).
كما سعت إلى تطوير مزرعة الرياح البحرية كامبيون ويند (CampionWind) بوصفها المشغل الوحيد للمشروع، وفق تفاصيل اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
ومع ذلك، فقد باعت شل حصتها من الأسهم البالغة 50% في مزرعة رياح "مارام" إلى "سكوتش باور رينيوابولز" التي ستطور المزرعة العائمة المقترحة التي يمكن أن تلامس سعة 3 غيغاواط؛ ما يكفي لتلبية احتياجات أكثر من 3.5 مليون أسرة من الكهرباء.

إعادة عقد تأجير
في الوقت نفسه أعادت شل عقد إيجار مزرعة "كامبيون ويند" إلى شركة كراون ستيت سكوتلاند (Crown Estate Scotland).
وفازت "سكوتش باور رينيوابولز"، المملوكة لشركة الطاقة الإسبانية إيبردرولا (Iberdrola)، بعقود إيجار في مزاد سكوت ويند ليزينغ (ScotWind Leasing) التاريخي الذي عقدته "كراون ستيت سكوتلاند" في يناير/كانون الثاني (2022).
غير أن التغييرات التنظيمية وتضخم التكاليف وارتفاع أسعار الفائدة قد أثرت سلبًا في الجدوى الاقتصادية لمشروعات طاقة الرياح البحرية خلال السنوات الـ3 الماضية.
وفي هذا السياق قالت شل: "نعتقد أن إعادة عقد إيجار مزرعة رياح كامبيون ويند إلى كراون ستيت سكوتلاند ستتيح أفضل فرصة لأي مستقبل محتمل ينتظر المشروع"، وفق تصريحات أدلت بها إلى "بلومبرغ".
عودة إلى الوقود الأحفوري
ركّزت شل ونظيرتها البريطانية "بي بي"، مجددًا على عملياتهما الرئيسة في مجال النفط والغاز.
ويأتي قرار شركتَي النفط والغاز بعدما اكتسبت قضية أمن الطاقة وميسورية تكلفتها أهمية أكبر من الاستدامة في أعقاب أزمة الطاقة التي عصفت بأوروبا خلال السنوات القليلة الماضية.
في الوقت ذاته، فإن قضايا أسعار الفائدة المرتفعة واختناق سلسلة الإمدادات قد أسهمت في خفض عوائد صفقات الدمج في مشروعات الطاقة المتجددة، وأنهت تنافسية العديد من المشروعات النظيفة.

انسحاب آخر
قبل أسبوعَيْن انسحبت شل من مشروع مزرعة الرياح البحرية "أتلانتيك شورز" الذي تمتلكه مناصفة مع شركة إي دي إف (EDF) لحلول الطاقة، ويستهدف تطوير مشروعات رياح بحرية قبالة سواحل نيوجيرسي ونيويورك.
وعزت الشركة قرار انسحابها من المشروع إلى تحديات السوق، وشراسة المنافسة، وعدم اليقين التنظيمي في الولايات المتحدة الأميركية.
ولامست الخسائر المالية التي تكبدتها الشركة نتيجة القرار نحو مليار دولار، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي معرض تعقيبها على القرار قالت الشركة: "القرار اتُّخذ وفقًا لإستراتيجية الطاقة في شل؛ إذ نواصل تعظيم قيمة منصاتنا ومحفظتنا عالية الأداء، بعيدًا عن مشروعات توليد الكهرباء التي تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة، والتحول إلى الأصول التي تدعم نقاط قوتنا في مجالَي التجارة والتجزئة".
"إل إم ويند باور"
أعلنت مُصنّعة شفرات توربينات الرياح الدنماركية إل إم ويند باور (LM Wind Power) الدنماركية تسريحًا وشيكًا لموظفيها في البلد الإسكندنافي، وفق خطاب تداولته وسائل الإعلام المحلية.
وجاء في الخطاب: "لم تعُد سوق شفرات توربينات الرياح كما كانت من قبل؛ إذ ألغى العملاء طلبيات أو حتى أجلوا موعد تنفيذ طلبيات أخرى إلى المصانع المحلية".
وأضاف: "كما لا يرغب العملاء في دفع الأسعار التي تمكّن الشركات من مواصلة أعمالها وتحقيق هوامش أرباح".
وواصل: "واستنادًا إلى ذلك ستسرّح الشركة 59 من إجمالي عمالتها في الدنمارك البالغ عددها 90 فردًا، في حين ستتخلى -أيضًا- عن تطوير الشفرات الجديدة والكبيرة لتوربينات الرياح المستقبلية".
وعانت الشركة عجزًا ماليًا حادًا مع خسارة شركة "جنرال إلكتريك فيرنوفا" المالكة لها أكثر من 2.6 مليار كرونة دنماركي (أكثر من 402 مليون دولار أميركي)؛ ما يعادل نحو رُبع إيرادات الشركة البالغة قيمتها نحو 2.1 مليار كرونة دنماركي.
*(الكرونة الدنماركية = 0.16 دولارًا أميركيًا).
كما تكبّدت "جنرال إلكتريك فيرنوفا" خسائر إجمالية بقيمة 8.3 مليار كرونة بسبب عمليات "إل إم ويند باور" منذ اشترتها في عام 2017.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة النظيفة.. حل مُلحّ وسط ارتفاع درجات الحرارة العالمية (تقرير)
- وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعات نمو قدرة المصادر المتجددة بحلول 2030
- ماذا يحدث لشركات توربينات الرياح؟.. إفلاس وتسريح عمال بأعداد ضخمة
اقرأ أيضًا..
- أسعار البنزين والمازوت في سوريا بعد خفضها رسميًا وموعد التطبيق
- وكالة الطاقة الدولية تعدّل موقفها: لا ذروة في الطلب على النفط قبل 2050
- محطة ظفار لطاقة الرياح في سلطنة عمان تشهد اتفاقية جديدة
المصادر:
1. انسحاب شل من مشروعَين في المملكة المتحدة من "أويل برايس".
2. فيستاس تسرّح 900 من قوتها العاملة، من "ري نيوز".
3. تسريح عمالة في شركة "إل إم ويند باور" من "إنرجي ووتش".





