أمين عام أوبك: وكالة الطاقة تعود للواقع.. و"الهوس" بذروة النفط مجرد شعارات
دينا قدري

أشاد أمين عام أوبك هيثم الغيص بالتحول الكامل في توقعات وكالة الطاقة الدولية بشأن ذروة الطلب على النفط، معربًا عن أمله في انتهاء عصر المفاهيم الخاطئة التي حالت دون تطوير حقيقي لمسارات الطاقة المستقبلية.
ولطالما أكدت منظمة أوبك -بناءً على قراءة موضوعية للبيانات- عدم صحة سيناريوهات وكالة الطاقة، التي تطالب بوقف الاستثمارات الجديدة في النفط والغاز، مدّعيةً أن ذروة الطلب على الوقود الأحفوري وشيكة.
لكن وكالة الطاقة تمسكت برأيها بأن "النفط والغاز والفحم أصبحت من الماضي"، وأنه "يتعين علينا أن نستعد للعصر القادم" بعد نهاية عصر الوقود الأحفوري، على حدّ تصريحات المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول.
والآن، يرى الغيص -في مقال اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن وكالة الطاقة الدولية عادت إلى الواقع، عندما أعلنت اليوم أن الطلب العالمي على النفط والغاز لن يتراجع، بل قد يواصل صعوده حتى عام 2050 على الأقل.
الترويج لسيناريوهات غير واقعية
يقول أمين عام أوبك، إن الترويج لروايات مثل الحاجة إلى عدم وجود استثمارات نفطية جديدة، والترويج لسيناريوهات مثل "سيناريو الحياد الكربوني بحلول عام 2050" -وهو سيناريو "معياري" وليس "استكشافيًا"- على حساب السيناريوهات الأخرى، لا يُساعد في رسم مسارات طاقة مستقبلية واقعية.
في الواقع، يستهلك العالم اليوم كميات أكبر من النفط والفحم والغاز، بل جميع أنواع الطاقة، أكثر من أيّ وقت مضى.
ويتجلى ذلك في توقعات كل من أوبك ووكالة الطاقة الدولية على المدى القريب؛ إذ ترى الحالة المرجعية لعام 2025 في تقرير آفاق النفط العالمية الصادر عن أوبك، وسيناريو السياسات الحالية (CPS)، وسيناريو السياسيات المعلنة (STEPS) لوكالة الطاقة الدولية، الحاجة إلى جميع أنواع الطاقة على المدى الطويل.
وكما دعت أوبك في مناسبات عديدة، فإن تاريخ الطاقة كان يدور حول الإضافات؛ إذ لم تختفِ مصادر الطاقة الرئيسة، أو تُهمَل، بل إنها ما تزال تُكمل بعضها بعضًا، بل وتعتمد على بعضها، ما يُسهم في زيادة الطلب، بحسب ما أوضحه "الغيص" في مقاله.
على سبيل المثال، ستكون مصادر الطاقة المتجددة جزءًا مهمًا ومتناميًا من مشهد الطاقة المستقبلي، لكن تطويرها يتطلب مجموعة متنوعة من المنتجات النفطية.
يقول هيثم الغيص في مقاله المنشور اليوم: "ببساطة، لم يكن ماضينا في قطاع الطاقة سلسلة من الحالات البديلة، ولن يكون مستقبلنا كذلك".

وشدّد الغيص على أن هوس محللي قطاع الطاقة بـ"الذروات"، سواءً في العرض أو الطلب، حالَ دون إجراء تحليلات سليمة ووضع سياسات فعّالة، وتنمية مناخ استثماري جاذب.
ويرى أمين عام أوبك أن "النظرة إلى الذروة" وميل وكالة الطاقة الدولية (في وقت سابق) إلى إعلان ذروات وشيكة في كل فرصة، ليسا أكثر من مجرد شعار أو عنوان رئيس، لا يقدّمان أيّ قيمة بصفة إطار عمل لتحليل مسارات الطاقة المستقبلية.
وسلّط الأمين العام الضوء على حاجة صناعة الطاقة إلى تحليل دقيق قائم على البيانات، قائلًا: "نحن بحاجة إلى حقائق، لا إلى أوهام".
وتابع: "نأمل أن يمثّل تقرير آفاق الطاقة العالمية الصادر عن وكالة الطاقة الدولية عودة إلى التحليل المبني على حقائق الطاقة، وأن نكون قد تجاوزنا ذروة المفهوم الخاطئ لذروة النفط".
تغير توقعات وكالة الطاقة الدولية
في أحدث تقرير لوكالة الطاقة الدولية حول آفاق الطاقة العالمية لعام 2025، ينص "سيناريو السياسات الحالية" على أن "الطلب على النفط والغاز لن يبلغ ذروته" حتى عام 2050، وأن "النفط سيظل الوقود السائد" خلال هذه المدة.
وفيما يتعلق بإجمالي الطلب على النفط والمكثفات والسوائل بحلول عام 2050، أشار تقرير آفاق النفط العالمية الصادر عن أوبك إلى أقل بقليل من 123 مليون برميل يوميًا، في حين يُشير سيناريو السياسات الحالية الصادر عن وكالة الطاقة الدولية إلى ما يزيد قليلًا على 119 مليون برميل يوميًا.
ورغم الإقرار بأن وكالة الطاقة الدولية نشرت سيناريوهات أخرى، تُظهر مسارات بديلة، في انعكاس مفاجئ، فإن أمين عام أوبك أشار إلى أنها المرة الأولى منذ سنوات عديدة التي تُدرك فيها الوكالة أنه من المتوقع أن يؤدي النفط والغاز دورًا كبيرًا في تطوير مسارات الطاقة المستقبلية.
في الواقع، يُشير سيناريو "تسريع الوصول لخدمات الطهي النظيف والكهرباء" (ACCESS) الجديد، الذي يُقدّم خريطة طريق لتحقيق الوصول الشامل إلى الكهرباء والطهي النظيف، إلى أهمية غاز النفط المسال، وهو أحد المنتجات النفطية.
وينصّ السيناريو على أن غاز النفط المسال يُشكّل أساس معظم فرص الوصول الجديدة إلى الطهي النظيف، ما سيزيد استهلاكه إلى نحو 3.4 مليون برميل يوميًا في الطهي المنزلي بحلول عام 2040.
يُؤكد كل ذلك الحاجة إلى جميع أنواع الطاقة، وهو محور أساس في أبحاث أوبك وتوقعاتها ورسائلها في السنوات الأخيرة، بحسب ما جاء في مقال "الغيص".

وبالنسبة للنفط، على وجه الخصوص، اقترن حديث وكالة الطاقة الدولية عن ذروة الطلب العالمي على النفط قبل نهاية هذا العقد بدعوة إلى وقف الاستثمارات النفطية الجديدة.
ويرى الغيص أن "التمني" هو ما دفع الدعوة إلى وقف استثمارات النفط التي طرحتها وكالة الطاقة الدولية، ولحُسن الحظ، حدثت تحولات في هذا الاتجاه في العام الجاري (2025).
موضوعات متعلقة..
- أمين عام أوبك: العالم يحتاج إلى كل مصادر الطاقة
- أمين عام أوبك يكشف عن التكلفة الخفية للطاقة المتجددة.. أرقام صادمة
- أمين عام أوبك في الذكرى الـ65 لتأسيسها: سنظل ركيزة صناعة النفط.. وباقون لعقود
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: إنتاج النفط الصخري الأميركي لم يتغير.. وهذا مصدر الزيادة الحقيقي
- واردات إسبانيا من الغاز.. الجزائر في الصدارة ودولة أفريقية تظهر لأول مرة
- أول محطة شمسية لإنتاج الهيدروجين في العالم.. متى يبدأ تشغيلها؟
- أقوى بطارية لتخزين الكهرباء في أستراليا تواجه عطلًا كارثيًا
المصدر:





