مكامن اليورانيوم في ناميبيا.. مصدر اقتصادي قد ينقذ البلاد من الفقر (تقرير)
نوار صبح
تُمثل مكامن اليورانيوم في ناميبيا مصدرًا اقتصاديًا مهمًا للتخفيف من حدة الفقر، وسط تداعيات الجفاف وتغير المناخ في البلاد.
ويُعد التعدين إحدى الركائز الاقتصادية لناميبيا؛ حيث يسهم بنحو 10% من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من نصف إيرادات التصدير.
لذلك، صنّفت حكومة البلاد اليورانيوم في ناميبيا واحدًا من 6 معادن ذات أهمية إستراتيجية للنمو طويل الأجل، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتُعد ناميبيا، حاليًا، ثالث أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وينشط العديد من المشغلين الأجانب في هذا القطاع. وتعمل شركة "هيدسبرينغ إنفستمنتس" (Headspring Investments)، وهي جزء من مجموعة "يورانيوم وان غروب" (Uranium One Group)، في ناميبيا منذ عام 2010.
التنقيب عن اليورانيوم في ناميبيا
بعد أن رفعت الحكومة حظرًا على تراخيص التنقيب عن اليورانيوم الجديدة في عام 2016، بدأت شركة "هيدسبرينغ إنفستمنتس" في التنقيب عن مكامن كبيرة لليورانيوم في منطقة أوماهيكي، إحدى المناطق الأكثر تضررًا من الجفاف وانعدام الأمن الغذائي.
وتتمثل طريقة التعدين المقترحة في الاستخراج في الموقع "آي إس آر" (ISR)، وهي تقنية اعترفت بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ مدة طويلة على أنها أنظف وأكثر الطرق أمانًا لاستخلاص اليورانيوم، ولكنها لم تُستغل حتى الآن في ناميبيا.
على عكس التعدين التقليدي، لا تُمسّ تقنية الاستخراج في الموقع المناطق المحيطة ولا تُنتج أي مخلفات.
في موقع أوماهيكي، ستُبنَى كل بئر بعدة طبقات من الحماية؛ بما في ذلك أعمدة التغليف المصنوعة من مادتي كلوريد البولي فينيل غير الملدّن/البولي إيثيلين عالي الكثافة والأسمنت، للحفاظ على محاليل التعدين منفصلة عن المياه الجوفية.
ويُعد محلول الاستخلاص المستعمل لاستخلاص اليورانيوم تحت الأرض ضعيفًا جدًا، وحموضته تُشبه حموضة عصير الليمون.
بدورها، ستراقب أجهزة الاستشعار الرقمية الضغط والتدفق والتركيب الكيميائي على مدار الساعة، وأي انحراف عن المعايير المحددة سيُطلق إنذارًا تلقائيًا ويوقف الضخ حتى يُعالج الانحراف تمامًا.
بالإضافة إلى ذلك، ستُرَكَّب آبار مراقبة في طبقات المياه الجوفية في كالاهاري وأوب ونوسوب لتوفير بيانات الإنذار المبكر وضمان التحكم البيئي في الوقت الفعلي.

تقنية التعدين في الموقع
من الممكن استخراج المعادن الثمينة دون حفر الأرض، وهذا ما يبشر به التعدين في الموقع، المعروف باسم التعدين بالمحاليل أو الترشيح.
في هذه العملية تُذاب المعادن المستهدفة تحت الأرض عن طريق محاليل محقونة بعناية، ثم تُضخ إلى السطح، ويبقى خام الحديد نفسه سليمًا في الغالب"، حسبما قال كبير المستشارين بمجال التعدين في ناميبيا، ماريوس فريدريك يوهانس.
وتُعد مكامن أوماهيكي أحد أكبر اكتشافات اليورانيوم في ناميبيا؛ حيث تحتل المرتبة الثالثة في البلاد من حيث قاعدة الموارد المعدنية.
وفي حال تطويرها، حسبما هو مخطط له، فسيمثل أول استعمال لتقنية التعدين بالموقع في ناميبيا، وهي طريقة مستعملة على نطاق واسع في دول أخرى منتجة لليورانيوم مثل الصين والولايات المتحدة، وفق تفاصيل اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي الوقت نفسه، فإن نقل هذه التقنية إلى الداخل يوسع جغرافية اليورانيوم في ناميبيا خارج الحزام الساحلي، وسيجعلها متوافقة مع أكثر ممارسات الاستخراج تقدمًا في العالم.
تدابير السلامة
دعّمت الحكومة تدابير السلامة هذه بإجراءات تفتيش مستقلة خاصة بها.
وبعد المشاورات، وجّه مجلس الوزراء وزارات الزراعة والبيئة والمناجم والصحة ببدء دراسة تفصيلية للمياه الجوفية عبر نظام طبقة ستامبرييت المائية، الذي يمتد عبر أوماهيكي وهارداب وخوماس.
ووفقًا للاتحاد الزراعي الناميبي، ستُفحَص عيّنات مياه من نحو 30 بئر مراقبة للكشف عن اليورانيوم الطبيعي والأملاح والعناصر الشحيحة الأخرى.
والهدف هو تسجيل الحالة الدقيقة لطبقة المياه الجوفية قبل بدء أي تعدين، بحيث يمكن للاختبارات المستقبلية أن تُظهر فورًا ما إذا كانت هناك تغييرات في جودة المياه.

وأشار كبير المستشارين بمجال التعدين في ناميبيا، ماريوس فريدريك يوهانس، إلى أن "شكوك المجتمع الأولية دفعت كلًا من الحكومة والصناعة إلى إعطاء الأولوية لتدابير السلامة الصارمة؛ تنفيذ بناء آبار متين ومراقبة شاملة للمحيط.
وأثبتت هذه الضمانات فاعليتها، وفتحت آفاقًا جديدة لليورانيوم وموارد النحاس غير المستغلة سابقًا؛ ما أدى إلى إطلاق مشروعات جديدة وإحياء مناجم السطح التقليدية.
من جهة ثانية، ستؤثر قدرة البلاد في إدارة عمليات الاستخراج عالية التقنية بمسؤولية في سمعتها بأوساط التعدين العالمية، وستحدد مدى توافق المشروعات المتقدمة مع معايير الحفاظ على البيئة.
ويصف ممثلو شركة روساتوم الروسية (Rosatom) العملية بأنها منجم ذكي؛ مزيج من التحكم الرقمي والحواجز المادية متعددة الطبقات والمراقبة المستمرة المصممة للقضاء على الأخطاء البشرية.
ويمكن أن يضع هذا معيارًا جديدًا للمعايير التكنولوجية بصناعة اليورانيوم في جنوب أفريقيا.
موضوعات متعلقة..
- الهيدروجين الأخضر في أفريقيا.. ناميبيا تحجز مقعدها داخل السباق (تقرير)
- موارد الغاز في أفريقيا تتعزز باكتشافات ناميبيا ومنصات الإسالة العائمة (تقرير)
- منجم يورانيوم في ناميبيا يشهد صفقة استحواذ
اقرأ أيضًا..
- مشروعات النفط والغاز في الشرق الأوسط.. كيف أنقذت سوق سفن الدعم العالمية؟
- ثاني اكتشاف نفطي في ليبيا خلال أسبوع
- بدء بناء أول منشأة لإنتاج وقود الطيران المستدام في الإمارات
المصدر..





