أنس الحجي: أديبك 2025 يجسد مفهوم "إضافة الطاقة"
أحمد بدر

شهد معرض ومؤتمر أديبك 2025 في أبو ظبي حضورًا عالميًا واسعًا يجعله من أبرز الفعاليات في قطاع النفط والغاز، إذ يجتمع فيه قادة الطاقة من مختلف أنحاء العالم لمناقشة قضايا التحول الطاقي، والابتكار، والتحديات المستقبلية.
وفي هذا السياق، يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن هذا المؤتمر يتميز عن المؤتمرات الأوروبية والأميركية بوجود وفود روسية وصينية رفيعة المستوى، في وقت تُمنع فيه هذه الدول من المشاركة في فعاليات غربية مماثلة، ما يمنح المؤتمر أهمية سياسية واقتصادية إضافية.
وأوضح أن أديبك 2025 يركّز على محور الذكاء الاصطناعي والطاقة، إذ أُثيرت نقاشات معمّقة حول العلاقة بين القطاعين، مشيرًا إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يعمل بمعزل عن الطاقة، بل يحتاج إلى كميات هائلة منها لتشغيل النماذج العملاقة التي تطورها الشركات.
"هذا الترابط دفعَ الحكومات إلى اتخاذ قرارات غير مسبوقة، كما حدث في الولايات المتحدة التي قررت دعم محطة فحم مهددة بالإغلاق، لضمان تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء من شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، لتفادي أيّ عجز محتمل في الإمدادات الكهربائية".
جاءت تصريحات الحجي -الذي يشارك حاليًا في "أديبك 2025" بأبو ظبي- خلال حلقة جديدة من برنامجه الأسبوعي "أنسيات الطاقة"، قدّمها عبر مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، بعنوان: "أثر قرار مجموعة الثمانية في أوبك+ وقف زيادة الإنتاج في أسواق النفط".
التحول الطاقي في ضوء نقاشات أديبك 2025
تؤكد النقاشات التي شهدها أديبك 2025 تحوُّل المفهوم العالمي من "التحول الطاقي" إلى "إضافة الطاقة"، يقول أنس الحجي، إن العالم لا يستبدل مصادره التقليدية، بل يضيف إليها لتلبية الطلب المتنامي الناتج عن التطور الصناعي والتكنولوجي.
وبيّن أن هذا المفهوم الجديد يعكس واقعية اقتصادية تتبنّاها كبرى الشركات، إذ عرضت "أوبك" خلال المؤتمر رؤيتها حتى عام 2050، متوقعةً استمرار الطلب العالمي على النفط في الارتفاع، بالتوازي مع نمو الحاجة إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وأكد أن الشركات العالمية بدأت تعدّل توقعاتها بشأن ذروة الطلب على النفط، بعد أن كان بعضهم يعتقد أن هذه الذروة قد تحققت، مشيرًا إلى أن شركة النفط البريطانية "بي بي" تراجعت عن تقديراتها السابقة التي توقعت بلوغ الذروة في 2025، لتؤجّلها إلى 2030.

وأوضح أنس الحجي أنّ تغيُّر مواقف الشركات يعود إلى الارتفاع غير المتوقع في الطلب على الطاقة عالميًا، خاصة في الدول النامية والاقتصادات الصاعدة، وهو ما جعل فكرة التحول الكامل إلى الطاقة النظيفة غير قابلة للتحقق في المدى القريب.
أكدت نقاشات معرض ومؤتمر أبو ظبي للنفط والغاز "أديبك 2025" أن الاعتبارات المناخية لم تعد هي المهيمنة على قرارات الطاقة كما في السابق، بل أصبحت المصالح الاقتصادية والأمن القومي في مقدمة أولويات الحكومات.
هذا التحول في التوجهات ظهر جليًا قبل قمة المناخ كوب 30 المرتقب في البرازيل، إذ عَدَّ أديبك 2025 بمثابة تمهيد سياسي واقتصادي له، مع توقعات بأن يكون المؤتمر المقبل أقل تأثيرًا في القرارات المناخية مقارنة بالسنوات السابقة.
وتعاني السياسات المناخية في دول مثل البرازيل من تناقض واضح، إذ تطالب بتطبيق معايير المناخ من جهة، وتسعى لزيادة إنتاج النفط من جهة أخرى، وهو ما يؤكد صعوبة تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والالتزامات البيئية.
الذكاء الاصطناعي والطاقة.. مزيج المستقبل
تطرَّق أنس الحجي خلال حديثه عن أديبك 2025 إلى الدور المحوري للذكاء الاصطناعي في مستقبل الطاقة، مؤكدًا أن العلاقة بين القطاعين أصبحت تكاملية لا تنافسية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد ولادة شركات هجينة تجمع بين خبرة الطاقة وقوة الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن التعاون بين شركات النفط العملاقة وشركات التقنية لم يعد خيارًا بل ضرورة، مشيرًا إلى أن اتفاق شركة "أدنوك الإماراتية" مع "مايكروسوفت" يمثّل نموذجًا متقدمًا لهذا الاتجاه، ومن المتوقع أن يتطور إلى تأسيس شركات مشتركة متخصصة.
وأتاح أديبك 2025 منصة مثالية لهذه الشراكات، من خلال الحوارات بين قادة الصناعة ومطوري التقنيات الحديثة، مما يعزز تبادل الأفكار حول تسخير الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة وخفض الانبعاثات وتعزيز الإنتاج.
وبيّن خبير اقتصادات الطاقة أن النقاشات خلال المؤتمر أظهرت إدراكًا متزايدًا بأن نمو تطبيقات الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى زيادة الطلب على الطاقة عالميًا، ما يفرض تحديات في إدارة الموارد وضمان استدامة الإمدادات.
وأشار إلى أن التوجه الأميركي نحو دعم محطات الفحم لتلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي يعكس خطورة الوضع، إذ لم يعد الحديث مقتصرًا على التحول إلى الطاقة النظيفة، بل على كيفية تأمين كميات كافية من الكهرباء.
وأكد أنس الحجي أن الشركات في قطاع الطاقة باتت ترى في الذكاء الاصطناعي وسيلة لتعزيز قدراتها التنافسية وتحسين عمليات الاستكشاف والإنتاج، ما يجعل هذا المجال أحد أهم محاور الاستثمار في المرحلة المقبلة.
وختم تصريحاته بالقول، إن أديبك 2025 أثبت أن مستقبل الطاقة لن يكون في الفصل بين المصادر التقليدية والجديدة، بل في التكامل بينهما من خلال الابتكار والذكاء الاصطناعي، وهو ما يشكّل جوهر المرحلة القادمة في مسار الصناعة العالمية.
موضوعات متعلقة..
- أديبك 2025.. وزير الطاقة الإماراتي: أنفقنا 51.5 مليار دولار في مشروعات "نظيفة"
- أديبك 2025.. مسؤول مصري يتحدث عن موارد الغاز في شرق المتوسط
- أمين عام أوبك خلال أديبك 2025: لا نتوقع مفاجآت في السوق
اقرأ أيضًا..
- قطاع الطاقة في إثيوبيا.. إمكانات متجددة وغموض حول موارد النفط والغاز
- تحليل سهم أرامكو بعد تراجع الأرباح.. 4 خبراء يكشفون سر الاتجاه الصاعد (تقرير)
- آيرينا: الطاقة المتجددة تحقق طفرة غير مسبوقة في مشروعات الكهرباء الجديدة (تقرير)
المصدر..





