أول بئر عربية لاستكشاف الهيدروجين الطبيعي وموعد الحفر
أحمد بدر
أُعلِن رسميًا اليوم موعد حفر أول بئر عربية للتنقيب عن الهيدروجين الطبيعي، في ضوء اهتمام عالمي متصاعد بهذا النوع من الوقود، والاستفادة من احتياطياته الهائلة تحت الأرض.
وبحسب بيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أعلنت مؤسسة نفط الشارقة الوطنية (في الإمارات)، اليوم الأربعاء 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، حفر البئر الأولى خلال عام 2026، بالتعاون مع سيمنس إنرجي الألمانية، وشركة "ديكاهيدروجين".
يهدف التعاون بين الأطراف الثلاثة إلى دراسة الجدوى الفنية لاستعمال الهيدروجين الطبيعي في توليد الكهرباء أو التطبيقات الصناعية في إمارة الشارقة، ضمن مشروع طموح يهدف إلى تعزيز مزيج الطاقة منخفضة الكربون في الإمارات.
وأظهرت الدراسات التقنية التي تُجريها "نفط الشارقة" مع شركة "ديكاهيدروجين"، مؤشرات أولية مشجعة حول إمكانات الإمارة في التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي، مع التخطيط لحفر بئر خلال عام 2026 لتوفير بيانات تفصيلية عن معدلات التدفق.
يشار إلى أن دولًا دول عربية أخرى، مثل المغرب وسلطنة عمان، كانت قد أعلنت دراسات أولية لاستكشاف فرص التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي، إلّا أن الخطوة الإماراتية تُعدّ أول تنفيذ فعلي في المنطقة العربية، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة في سباق الطاقة النظيفة.
نفط الشارقة والهيدروجين الطبيعي
نفط الشارقة والهيدروجين الطبيعي هو أحدث الملفات التي تعمل عليها المؤسسة، إذ تُعدّ عملية التنقيب ركيزة جديدة ضمن إستراتيجية التحول نحو الطاقة المستدامة.
وترى المؤسسة أن النجاح في هذه المبادرة سيعزز مكانة الإمارة ضمن خريطة الطاقة العالمية، ويمهّد لإطلاق مصدر جديد منخفض الانبعاثات.
يقول الرئيس التنفيذي للمؤسسة، المهندس خميس المزروعي، إن الاكتشاف المحتمل للهيدروجين الطبيعي قد يشكّل فصلًا جديدًا في تاريخ الطاقة بالشارقة، موضحًا أن العمل على دراسة الجدوى يسير بالتوازي مع أنشطة الاستكشاف الجارية حاليًا في شمال الإمارة.
وأضاف أن التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي يوفر مصدرًا طبيعيًا وفيرًا للطاقة النظيفة يمكن استغلاله دون الحاجة إلى عمليات الإنتاج الصناعي المكلفة، مؤكدًا التزام المؤسسة بتطوير حلول مستدامة تضمن أمن الطاقة للأجيال القادمة.
وأشار إلى أن المشروع سيُسهم في دعم أهداف الإمارات للتحول الطاقي وخفض الانبعاثات، وسيعزز قدرة الدولة على تنويع مصادرها بعيدًا عن الوقود الأحفوري، مع إمكان استعمال الهيدروجين المكتشف في تشغيل مراكز البيانات والمرافق الصناعية.
أوضح رئيس مؤسسة نفط الشارقة أن التعاون مع "سيمنس إنرجي" و"ديكاهيدروجين" يمثّل نموذجًا للشراكات التقنية المتقدمة، إذ ستُسهم الشركتان في تقديم الدعم التحليلي والتقني لتقييم الجدوى الاقتصادية للمشروع وتحديد آفاقه المستقبلية.
وتُعدّ هذه المبادرة امتدادًا للجهود البحثية التي تقودها مؤسسة نفط الشارقة منذ سنوات لتعزيز الاكتفاء الطاقي وتنويع الموارد، إذ تمثّل الخطوة الأولى نحو إنتاج الهيدروجين الطبيعي محليًا ضمن إستراتيجية طاقة مستدامة للإمارة.
شركة ديكاهيدروجين
تعمل شركة ديكاهيدروجين على تطوير مشروع متكامل لإنتاج الهيدروجين الطبيعي وتثبيت الكربون في الشارقة، وتسعى من خلاله إلى إثبات وفرة المورد وإمكاناته الاقتصادية، بما يجعل الإمارة مركزًا رائدًا في التنقيب عن الهيدروجين الأبيض إقليميًا.
يقول الرئيس التنفيذي للشركة أرنو لاغر، إن النتائج المبكرة تشير إلى أن الشارقة وشمال الإمارات يمتلكان إمكانات استثنائية، وهو ما تؤكده دراسات مستقلة من جامعة كولورادو للتعدين وجامعة باو الفرنسية، ما يجعل المشروع في طليعة الجهود العالمية بهذا المجال.
وأضاف أن التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي قد يُحدث تحولًا جذريًا في مشهد الطاقة العالمي، إذ يوفر موردًا متجددًا ونظيفًا دون انبعاثات، ويعيد تعريف مفهوم إنتاج الهيدروجين بعيدًا عن العمليات الصناعية المعقدة.
من جهته، قال المدير العام لـ"سيمنس إنرجي" في الإمارات، خالد بن هادي، إن الشركة ستوظف خبراتها التقنية الواسعة في مجال حلول الهيدروجين لدعم دراسات الجدوى وتحليل الجدوى التجارية للمشروع وتوجيهه إستراتيجيًا نحو التطبيق المستقبلي.
وأشار إلى أن الهيدروجين يمثّل محورًا أساسيًا في مسار إزالة الكربون من قطاع الكهرباء، موضحًا أن التعاون الحالي يضع الأساس لاستعمال الهيدروجين الطبيعي بوصفه مصدرًا مستدامًا للطاقة في المنطقة العربية.
ما هو الهيدروجين الطبيعي؟
يثير الهيدروجين الطبيعي كثيرًا من التساؤلات بشأن ماهيته وإمكان استخراجه بكميات كبيرة تفي باحتياجات العالم من الوقود، في ظل التوجهات الدولية المتسارعة نحو الطاقة النظيفة والبدائل منخفضة الكربون.
وبحسب قاعدة معلومات أنواع الهيدروجين لدى منصة الطاقة المتخصصة، فإن هذا الهيدروجين هو الغاز الموجود بصورة حرة في باطن الأرض داخل الطبقات الجوفية، ويتكوّن طبيعيًا نتيجة تفاعلات جيولوجية بين الصخور والمياه.
ويُستخرج الهيدروجين الطبيعي -عادةً- بالحفر أو تقنيات مشابهة لتلك المستعمَلة في إنتاج الغاز الطبيعي والنفط، ويعتمد على عمليات حفر دقيقة، تشمل أحيانًا التكسير المائي أو حقن مزيج من المياه والرمال والمواد الكيميائية بضغط مرتفع، لتحريره من الصخور الحاضنة، في طريقة تشبه إنتاج الغاز الصخري، ولكن مع آثار بيئية أقل نسبيًا.
ويُطلَق عليه -أيضًا- اسم "الهيدروجين الأبيض" لتمييزه عن الأنواع الأخرى، مثل الهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء عبر التحليل الكهربائي باستعمال الطاقة المتجددة، أو الهيدروجين الأزرق الناتج من الوقود الأحفوري مع احتجاز الكربون وتخزينه.
ويُنظر إلى الهيدروجين الطبيعي على أنه مصدر واعد للطاقة النظيفة، لإمكان استخراجه مباشرة دون الحاجة إلى عمليات صناعية معقّدة أو مكلفة، إلّا أن الأبحاث بشأنه ما تزال في مراحلها المبكرة لتحديد وفرة هذا المورد في القشرة الأرضية ومدى استدامة إنتاجه على المدى الطويل.
موضوعات متعلقة..
- الهيدروجين الطبيعي في سلطنة عمان يشهد توقيع صفقة
- مخاطر تخزين الهيدروجين الطبيعي تكشفها 3 تفاعلات خفية
- الهيدروجين الطبيعي.. خريطة الدول المشاركة في سباق الاستكشاف (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قطاع الطاقة في إثيوبيا.. إمكانات متجددة وغموض حول موارد النفط والغاز
- تحميلات النفط الروسي بعد حزمة العقوبات الجديدة.. الوجهات والأسعار
- تحليل سهم أرامكو بعد تراجع الأرباح.. 4 خبراء يكشفون سر الاتجاه الصاعد (تقرير)
المصدر..
