أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر.. خبيران يقترحان حلولًا للتخفيف عن الخزينة العامة
داليا الهمشري

تحافظ أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر على استقرارها منذ سنوات، رغم تقلبات أسواق الطاقة العالمية؛ إذ بلغ سعر الكهرباء للمستهلكين المنزليين نحو 5.65 دينارًا جزائريًا لكل كيلوواط ساعة (0.043 دولارًا) خلال العام الجاري (2025).
وبلغت أسعار البنزين 45.97 دينارًا، والديزل 29.01 دينارًا، وغاز البترول المسال 9 دنانير جزائرية للتر الواحد خلال أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وتضع هذه الأرقام أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر ضمن الأرخص عالميًا، وهو ما يعكس سياسة الدعم الحكومي المستمرة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
واتفق خبراء -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- على أن الجزائر تمضي في مسار متوازن بين الاستقرار السعري والتحول الطاقوي، إذ تمكّنت من الحفاظ على أسعار كهرباء ووقود تُعد من الأدنى عالميًا، في الوقت الذي توسّع فيه استثماراتها في مشروعات الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي المسال.
دعم أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر
يرى المتخصصون أن هذا النهج يعكس رؤية اقتصادية مرنة تراعي البعد الاجتماعي للمواطنين، دون إغفال أهداف الاستدامة وتنويع مصادر الدخل.
ويعتمد نجاح الجزائر في هذا المسار على ربط الإصلاحات المالية بمشروعات إنتاجية فعلية في قطاعات الكهرباء والطاقة النظيفة؛ ما يجعلها نموذجًا عربيًا في تحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية وتحول الطاقة.
ويؤكّد أستاذ الاقتصاد بجامعة سطيف 1، الدكتور هباش فارس، أن استقرار أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر يعكس التزام الدولة بسياسة الدعم الاجتماعي، موضحًا أن الحكومة تُغطّي الفارق بين الأسعار المدعومة والتكلفة الحقيقية عبر عائدات صادرات النفط والغاز.

وأضاف فارس -خلال تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الجزائر تنفق نحو 17 مليار دولار سنويًا على دعم الطاقة، أي ما يعادل 6% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024، وهو ما يؤكد أولوية البعد الاجتماعي في السياسة الاقتصادية للدولة.
وأكد أن اعتماد الجزائر على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء مكّنها من الحفاظ على أسعار مستقرة نسبيًا رغم اضطرابات الأسواق الدولية، مشيرًا إلى أن البلاد تعمل على تحقيق توازن بين استدامة الدعم وتنويع مصادر الطاقة، عبر زيادة استثماراتها في مشروعات الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية.
واستطرد قائلًا: "تظهر سياسة الدولة في قطاع الطاقة مزيجًا من الواقعية الاقتصادية والالتزام الاجتماعي؛ إذ تسعى الحكومة للحفاظ على أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر في إطار معقول للمواطنين مع تطوير بنية الطاقة النظيفة ضمن رؤية متوازنة للتنمية المستدامة".
جذب الاستثمارات العالمية
من جانبه، أوضح الخبير الاقتصادي والأستاذ في جامعة مستغانم، الدكتور بوشيخي بوحوص، أن الجزائر تمتلك موارد طبيعية ضخمة مكتشفة وغير مكتشفة، تشمل حقول النفط في حاسي مسعود (ولاية ورقلة) وحقول الغاز في حاسي الرمل (ولاية الأغواط)، إلى جانب مناطق إنتاج واعدة في إليزي والوادي وأدرار.
وأضاف بوحوص أن الجزائر تستعد خلال عام 2026 لاستقبال 7 شركات استثمارية كبرى في قطاع النفط، من بينها العملاقان الأميركيان إكسون موبيل وشيفرون، بالإضافة إلى شراكات إستراتيجية مع سلطنة عمان والسعودية وقطر في مجالي التنقيب والتكرير، ما سيسمح بإنشاء أكثر من 1200 بئر نفطية وغازية جديدة، تعزز قدرات الإنتاج والتكرير والتصدير، وتخلق آلاف فرص العمل.
وأكد الخبير الاقتصادي -خلال تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن البنية التحتية النفطية المتقدمة، وشبكات الأنابيب الداخلية والتصديرية، والموقع الجغرافي الإستراتيجي للجزائر، تجعلها وجهة جاذبة للشركات العالمية، خصوصًا مع امتلاكها ثالث أكبر احتياطي عالمي من النفط والغاز الصخريين بعد الولايات المتحدة وكندا.
الرهان على الطاقة المتجددة
أشار بوحوص إلى أن الحكومة الجزائرية تسعى للوصول إلى 37% من القدرة المركبة للطاقة من مصادر متجددة بحلول 2030، من خلال مشروعات طموحة تشمل إنتاج 22 غيغاواط من الطاقة الشمسية، لافتًا إلى أنه قد وُقّعت عقود لإنجاز 3 آلاف و200 ميغاواط ضمن مناقصات شركة سونلغاز، إلى جانب إنشاء 410 محطات شحن للسيارات الكهربائية.

وأضاف أن الجزائر تتمتع بإشعاع شمسي يُعد من الأعلى عالميًا، يتراوح بين 2000 و3 آلاف و900 ساعة سنويًا؛ ما يؤهلها لكي تكون مركزًا إقليميًا لإنتاج الكهرباء الخضراء وتصديرها إلى أوروبا وشمال أفريقيا عبر شبكات الربط الكهربائي القائمة.
كما اقترح بوحوص حلولًا تمويلية مبتكرة لتخفيف الضغط عن خزينة الدولة، منها التمويل عبر الاكتتاب الشعبي أو الصكوك الخضراء، مؤكدًا أن مشاركة المواطنين في تمويل مشروعات الطاقة المتجددة ستعزّز الثقة وتسرّع وتيرة التنفيذ.
تصدير الكهرباء
أوضح بوحوص أن الجزائر تنتج -حاليًا- نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا، وتخطط للوصول إلى 200 مليار متر مكعب بحلول 2030 بالشراكة مع كبرى الشركات العالمية.
كما تمتلك البلاد فائضًا كهربائيًا يتيح لها تصدير الطاقة إلى أوروبا وشمال أفريقيا بأسعار تنافسية، إذ يبلغ متوسط تعرفة الكهرباء 4.01 دينار للكيلوواط/ساعة (0.038 دولارًا أميركيًا)، وهي من أرخص الأسعار عالميًا.
ودعا بوحوص شركة سونلغاز إلى التوسع دوليًا بفتح فروع في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا، لتصدير الكهرباء في إطار تجارة التجزئة، خاصة بعد تحقيق الاكتفاء المحلي وتطوير منظومة الطاقات المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- أسعار الكهرباء والوقود في الجزائر ترهق خزينة الدولة.. 4 خبراء يطرحون حلولًا
- أكبر صفقات الطاقة المتجددة في الجزائر خلال 2025.. مشروعات ضخمة (تقرير)
- سوناطراك الجزائرية تستعرض قدراتها في أميركا.. وتجتذب استثمارات عالمية
اقرأ أيضًا..
- أسعار النفط ترتفع.. وخام برنت لشهر ديسمبر فوق 64 دولارًا
- تحويل النفايات إلى كهرباء في الوطن العربي.. مسح لـ"الطاقة" يشمل 12 دولة
- جنوح ناقلة نفط في قناة السويس.. و5 قاطرات تنقذ الموقف
- خريطة صفقات قطر للطاقة في مصر خلال 5 سنوات (إنفوغرافيك)





