عقوبات النفط الروسي.. لماذا لا تُقنع الأسواق؟
اتفاقات ترمب مع الهند والصين ستحدد مستقبلها
حياة حسين
لم تستجِب الأسواق للعقوبات الأخيرة التي فرضتها أميركا على أكبر شركتين لإنتاج النفط الروسي وتصديره، على عكس ما حدث بعد غزو موسكو لأوكرانيا قبل ما يقرب من 4 سنوات؛ فهل يعني ذلك أنها لم تعد تقتنع بأثر تلك العقوبات المرجو منها؟
في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2025، فرضت أميركا عقوبات على أكبر شركتين للنفط في روسيا، وهما "لوك أويل"، و"روسنفط"؛ بسبب عدم استجابة الأخيرة لمطالبات وقف الحرب على كييف، والتي تتواصل منذ فبراير/شباط 2022.
تنتج الشركتان الروسيتان نحو 5% من إجمالي الخام العالمي، ما يعادل 5.3 مليون برميل يوميًا، تصدران منه 3.5 مليون برميل يوميًا، وفق مقال تحليلي طالعته منصة الطاقة المتخصصة، للكاتب المتخصص في شؤون آسيا وأسواق الطاقة في وكالة رويترز كلود روسل.
وأشار المقال إلى أن سعر خام برنت قفز في اليوم التالي (24 أكتوبر/تشرين الأول 2025) بنسبة 8.9%، مسجلًا 66.78 دولارًا للبرميل، لكنه اليوم الإثنين 27 أكتوبر/تشرين الأول 2025، شهد تغييرًا طفيفًا في التعاملات الآسيوية المبكرة.
ورغم أن هذه الارتفاعات تبدو زيادة عادلة للعقوبات الأميركية على شركتي النفط الروسي؛ فإنها أقل بكثير من المفترض حدوثه إذا كانت الأسواق تقتنع بوجود خطر حقيقي على أكثر من 3.5 مليون برميل يوميًا متوقع خسارتها.
النفط الروسي يتغلب على العقوبات
عندما غزت موسكو كييف، قفز سعر برميل النفط ليقترب من ملامسة 140 دولارًا؛ بسبب مخاوف من خسارة صادرات النفط الروسي.
غير أن التوقعات الأكثر ترجيحًا الآن أن موسكو ستستطيع التغلب على العقوبات كما حدث من قبل بوسائل عديدة، مثل: نقل النفط الروسي في أسطول الظل، وإدارة التعاملات المالية بعيدًا عن استعمال الدولار الأميركي.
ولا تشير التوقعات إلى أن هذا ما سيحدث فقط، بل باتت الأسواق مقتنعة بأن أي محاولات للتأثير في صادرات النفط الروسي ستكون قصيرة المدة وفي نطاق محدود، وفق مقال تحليلي للكاتب المتخصص في شؤون آسيا وأسواق الطاقة كلود روسل.
ويتساءل روسل عما إذا كانت العقوبات الاقتصادية على النفط الروسي مجرد مجهود مُهدر، طالما كانت هذه هي النتائج، ويرد على ذلك بأن هناك ضرورة لفرض معايير مختلفة.
وقال إنه إذا كان الهدف من العقوبات الأخيرة على شركتي النفط الروسي هو قطع الإمدادات عن أكبر مشترين له في الهند والصين؛ فهي لن تعمل، لكن إذا كانت تركز على ضمان استمرار تدفق خام موسكو إلى الأسواق مع تقليص الإيرادات الناجمة عن تصديره؛ فقد تكون أفضل لهذا الغرض.
ويبرر ذلك بأن العقوبات الجديدة تجعل التعامل مع موسكو أكثر خطورة على شركات التكرير في الصين والهند، وهما المشتريان الرئيسيان الوحيدان للنفط الروسي.

وضع أكثر صعوبة
قد تجعل العقوبات التي فرضتها أميركا على شركتي النفط الروسي، الأسبوع الماضي، الوضع أصعب وأكبر تكلفة على خام موسكو، خاصة من قبل كل من الصين والهند اللتان تشتريانه بسبب الخصومات الكبيرة على الأسعار.
كما أن الاعتماد على أسطول الظل ومراكب وسيطة لنقل الإنتاج الروسي من موقع إلى آخر يسهم في ارتفاع التكلفة.
واستبعاد شركات النفط الروسي من النظام المصرفي المالي العالمي (سويفت) المعتمد على الدولار الأميركي، يفرض تكاليف إضافية على الإيرادات؛ إذ إن تحويل الأموال عبر شركات وهمية معقدة والعديد من الولايات القضائية الخارجية يعني أن كل وسيط يحصل على حصة.
ويرى الكاتب أن العقوبات الغربية على روسيا غير قادرة على إقناع الرئيس فلاديمير بوتين بوقف حربه على أوكرانيا حتى الآن، ويرجّح أنها لن تؤدي إلى انخفاض كبير في حجم الصادرات.
غير أنها تجعل بيع النفط الروسي أكثر صعوبة؛ ما يرفع التكاليف ويقلل إيرادات موسكو؛ وهو ما يعني أنها قد تعيد توزيع تدفقات خام موسكو مرة أخرى مع توقف محتمل لبعض المشترين.
ويضرب الكاتب مثالًا بشركة ريلاينس الهندية، التي تدير مجمعًا لتكرير النفط بسعة تبلغ 1.24 مليون برميل يوميًا، وتنتج وقودًا للسوقين المحلية والتصدير، والتي قالت إنها ستلتزم بالعقوبات الغربية على النفط الروسي؛ ما يعني أنها قد تلغي عقدها البالغ 500 ألف برميل يوميًا مع روسنفط.
غير أنه من المرجح أن تشتري الشركة الهندية النفط الروسي من السوق الفورية؛ ما يعني أسعارًا أعلى.
وتوقّعت شركة "كبلر" أن تصل واردات النفط الروسي في الهند عبر ميناء "سيكا" الذي يزود مجمع التكرير إلى 591 ألف برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
وكانت تلك الواردات في الربع الثاني من العام الجاري 766 ألف برميل يوميًا، وفي الربع الأول 563 ألف برميل يوميًا.
ويتساءل الكاتب: إذا أوقفت ريلاينس وارداتها من روسيا، فهذا يعني أن نحو 500 ألف برميل يوميًا من النفط الخام ستكون متاحة للمشترين الآخرين، لكن هل ستتوقف باقي شركات التكرير الهندية الحكومية وأيضًا الصينية؟
ويرهن الكاتب ذلك بنجاح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في التوصل إلى اتفاقيات تجارية مع الهند والصين، وما إذا كان النفط الروسي سيُشكِّل جزءًا من هذه الاتفاقيات من عدمه.
موضوعات متعلقة..
- شركة نفط تطلب إعفاء رابعًا من العقوبات الأميركية.. ما علاقة روسيا؟
-
إلغاء العقوبات على روسيا لن يؤثر كثيرًا في أسواق النفط العالمية (تحليل)
-
علاقات الطاقة بين روسيا والصين.. شراكة إستراتيجية تتجاوز العقوبات الغربية (مقال)
اقرأ أيضًا..
- أسعار النفط ترتفع.. وخام برنت لشهر ديسمبر فوق 66 دولارًا
-
مسح: أكبر اتفاقيات الطاقة في المغرب تشهد صفقة نادرة خلال 2025
المصدر:





