التقاريرالنشرة الاسبوعيةتقارير الهيدروجينسلايدر الرئيسيةهيدروجين

سوق الهيدروجين الأخضر ليست في انتكاسة.. و5 دول عربية تملك مفاتيح الريادة (حوار)

أجرى الحوار - أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال

  • قطاع الهيدروجين يدخل مرحلة النضج.. والتحديات الحالية تمهد لاستقرار السوق
  • دور محوري لـ5 دول عربية في قيادة سوق الهيدروجين العالمية
  • مشروعات الهيدروجين في الدول العربية تسير بخطوات ثابتة
  • 4 تقنيات رئيسة للمحللات الكهربائية تدعم إنتاج الهيدروجين الأخضر
  • "أكسيليرا" تراهن على تقنية غشاء تبادل البروتون بوصفها مستقبل إنتاج الهيدروجين الأخضر

شهدت سوق الهيدروجين الأخضر هزة قوية خلال عام 2025؛ إذ توالت إلغاءات المشروعات، مع اصطدام المستثمرين بحقيقة التكلفة المرتفعة وضعف الطلب.

ويعتمد إنتاج الهيدروجين الأخضر على عملية التحليل الكهربائي للماء، عن طريق فصل جزيئات الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستعمال الكهرباء من المصادر المتجددة.

وفي هذا الصدد، أجرت منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن) حوارًا مع مسؤولة مبيعات المحللات الكهربائية لدى شركة "أكسيليرا" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ماجدولين ميخائيل، التي أكدت أن ما تشهده سوق الهيدروجين الأخضر حاليًا أمر طبيعي، متوقعة أن تتجاوز السوق معظم تحدياتها خلال العقد الحالي.

وتوقعت خبيرة أسواق الهيدروجين أن يصبح هذا الوقود النظيف منافسًا على الصعيد التجاري بين عامَي 2030 و2035، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط وسط التكلفة الأقل.

وتحدثت ماجدولين ميخائيل عن دور محوري للدول العربية في دفع سوق الهيدروجين الأخضر؛ لما تمتلكه من مزايا الموقع الجغرافي والتكلفة المنخفضة مع وفرة مصادر الطاقة المتجددة، فضلًا عن أبرز مشروعات شركة "أكسيليرا" ووجودها في المنطقة.

وإلى نص الحوار..

بدايةً.. ما أبرز تقنيات المحللات الكهربائية الرئيسة في سوق الهيدروجين الأخضر؟

توجد 4 تقنيات رئيسة للمحللات الكهربائية تُستعمل حاليًا في إنتاج الهيدروجين الأخضر، وهي:

  • المحلل الكهربائي القلوي.
  • غشاء تبادل البروتون.
  • المحلل الكهربائي للأكسيد الصلب.
  • غشاء تبادل الأنيون.

ويُعدّ التحليل الكهربائي القلوي وتحليل الأغشية البروتونية الأكثر نضجًا من الناحية التجارية والأوسع انتشارًا عالميًا؛ إذ يمتلكان سجلًا تشغيليًا طويلًا يثبت كفاءتهما وموثوقيتهما، مع تكلفة أقل، خصوصًا القلوي.

أما النوعان الآخران فهما تقنيتان واعدتان ما تزالان في مراحل التطوير والاختبار، وتتمتعان بإمكانات كبيرة، غير أنهما لم تصلا بعد إلى النطاق التجاري الكامل.

ومن حيث الاستعمال؛ فإن المحللات الكهربائية القلوية هي الأنسب لعمليات الحمل الأساسي أو التشغيل المستمر طويل الأمد في الحالات التي يتوافر فيها مصدر كهرباء ثابت ومستقر، مثل المشروعات الصناعية الكبرى أو تلك المتصلة بالشبكة الكهربائية.

أما تقنية غشاء تبادل البروتون فتتميز بسرعة الاستجابة للتغيرات في مصدر الكهرباء؛ ما يجعلها مثالية لدمج مصادر الطاقة المتجددة ذات الطبيعة المتقطعة مثل الطاقة الشمسية والرياح.

باختصار، كلتا التقنيتَيْن ستواصل أداء دور محوري في توسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الأخضر، وذلك اعتمادًا على مصدر الكهرباء واحتياجات كل مشروع.

ونحن في شركة أكسيليرا نرى أن تقنية غشاء تبادل البروتون تُعدّ خيار المستقبل بفضل مرونتها العالية، والهيدروجين عالي النقاء الذي توفّره، وهو ما يجعلها مثالية لدمج الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي، ودعم جهود إزالة الكربون في قطاعات النقل والصناعة.

في الأشهر الأخيرة شهدت سوق الهيدروجين الأخضر موجة من إلغاء المشروعات.. ما الأسباب الرئيسة وراء ذلك؟

من وجهة نظري، أفضل وصف للمرحلة الحالية في صناعة الهيدروجين الأخضر هو "مرحلة الإدراك الواقعي"، فإذا نظرنا إلى عام 2022 فسنجد أن هناك المئات من إعلانات المشروعات الجديدة حول العالم، لكن على أرض الواقع كان من المستحيل تحقيق كل هذه الطموحات خلال عقد واحد فقط.

ما نراه الآن هو توجُّه أكثر نضجًا وواقعية؛ إذ يتحول التركيز من مجرد الإعلانات إلى التنفيذ الفعلي وتسليم المشروعات.

وهذا التطور أمر طبيعي جدًا، فلو نظرنا إلى صناعات أخرى مثل طاقة الرياح البحرية فسنجد أن أوائل العقد الأول من القرن الـ21 شهدت الكثير من الطموحات والتجارب، ولكن بحلول عام 2010 أصبحت السوق أكثر استقرارًا، مع مشروعات أكثر واقعية وجدوى وفاعلية من الناحية التقنية.

والأمر نفسه ينطبق على الهيدروجين الآن؛ فالموجة الأولى من المشروعات في 2022 كانت مدفوعة بالرغبة في الوصول بسرعة إلى التكلفة المستوية المستهدفة للهيدروجين (LCOH) عند دولار إلى دولارَيْن لكل كيلوغرام، لجعل الهيدروجين الأخضر قابلًا للمنافسة مع النفط والغاز.

لكن تحقيق ذلك خلال أقل من عقد واحد كان تحديًا كبيرًا؛ نظرًا إلى احتياج الصناعة إلى توسيع التقنيات، وتجهيز البنية التحتية، وتطوير آليات السوق.

لذا؛ ما نشهده اليوم ليس انتكاسة للسوق، بل هو تصحيح ضروري وطبيعي؛ فالصناعة الآن توائم التوقعات مع الواقع، مع التركيز على النمو المستدام والتعلم من التجارب المبكرة.

وهذه هي الطريقة التي يحدث بها التحول الصناعي الحقيقي، الذي سيجعل سوق الهيدروجين الأخضر أقوى وأكثر مرونة على المدى الطويل.

الرسم البياني الآتي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- يرصد عدد مشروعات الهيدروجين الأخضر الملغاة عالميًا منذ عام 2022 حتى أغسطس/آب 2025:

عدد مشروعات الهيدروجين الأخضر الملغاة عالميًا (2022-2025)

بعد الحديث عن التحديات العالمية.. كيف تبدو سوق الهيدروجين الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؟

ما تزال سوق التحليل الكهربائي لإنتاج الهيدروجين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مراحلها الأولى، لكنها تشهد نموًا سريعًا وتتجه بخطى ثابتة نحو التحول إلى مركز عالمي خلال السنوات المقبلة.

وما يدعم ذلك، تبني الحكومات والشركات الصناعية الكبرى في الدول العربية برامج وطنية طموحة للهيدروجين، مدعومة بإمكانات كبيرة في الطاقة المتجددة وأطر سياسات داعمة.

وفضلًا عن السياسات، فإن المنطقة لديها ميزة تنافسية فريدة وهي انخفاض تكلفة الكهرباء المتجددة، التي تمثل ما بين 60% و70% من إجمالي تكلفة إنتاج الهيدروجين، هذا يعني أن المنطقة تمتلك فرصة استثنائية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بأسعار تنافسية عالميًا، ما يجعله جذابًا للاستهلاك المحلي والتصدير على حد سواء.

كما أن الموقع الجغرافي الإستراتيجي للمنطقة -بين أوروبا وأفريقيا وآسيا- يجعلها مثالية لتطوير ممرات تصدير للهيدروجين ومشتقاته مثل الأمونيا الخضراء والوقود الاصطناعي.

تزخر المنطقة بالعديد من المشروعات والخطط الطموحة.. ما الدول القادرة على دفع سوق الهيدروجين الأخضر؟

استنادًا إلى المشروعات المعلنة في مجالات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء والوقود الاصطناعي والصلب الأخضر، هناك 5 دول -السعودية والإمارات وسلطنة عمان ومصر والمغرب- تشكّل الركيزة الأساسية التي ستقود التحول نحو اقتصاد الهيدروجين الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

فقد أحرزت هذه الدول تقدمًا ملحوظًا من خلال إطلاق مشروعات كبرى، ووضع أطر سياسات واضحة، وتأسيس شراكات دولية قوية لدعم سلاسل القيمة الكاملة للهيدروجين الأخضر.

وتتمتع عُمان والسعودية والإمارات بموقع إستراتيجي فريد يتيح لها تلبية احتياجات كل من الأسواق الأوروبية وشرق آسيا، إلى جانب تطوير فرص الطلب المحلي تدعم القطاعات الصناعية الوطنية.

أما مصر والمغرب فيمتلكان إمكانات قوية للإنتاج والتصدير، بفضل قربهما الجغرافي من أوروبا، بجانب قطاع طاقة متجددة متطور يمكن الاعتماد عليه في دعم مشروعات الهيدروجين الأخضر.

كيف ترون وتيرة التقدم بمشروعات الهيدروجين الأخضر في الدول العربية وأهم ما يميزها؟

بالنظر إلى الوضع الحالي للسوق، فإن مشروعات الهيدروجين الأخضر تتقدم بخطوات ثابتة، فالسعودية تقود المنطقة من خلال مشروعات كبرى مثل مشروع نيوم، الذي يضع معايير عالمية للتوسع والتكامل الكامل لسلسلة القيمة.

وتبلغ القدرة الإنتاجية للمشروع 2.2 غيغاواط مخصصة لإنتاج الأمونيا الخضراء للتصدير إلى أوروبا.

وتستمر المملكة في تعزيز قدرة إنتاج الهيدروجين عبر أحدث مشروعاتها المعلنة في مركز ينبع للهيدروجين الأخضر بقدرة تتجاوز 4 غيغاواط، وهذا دليل واضح على التقدم والتزام المملكة بتوسيع نطاق اقتصاد الهيدروجين.

ومصر -أيضًا- لديها مشروعات عديدة ضمن الأكبر في المنطقة وتتمركز في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس؛ إذ تستفيد البلاد من موقعها الجغرافي المتميز، في ظل اهتمام متزايد من المستثمرين الدوليين.

أما سلطنة عمان فهي تُحرز تقدمًا في مشروعات عالمية المستوى للهيدروجين والأمونيا، مدعومةً بموارد استثنائية من الطاقة الشمسية والرياح، وإستراتيجية وطنية واضحة، وبيئة تنظيمية شفافة واستباقية جعلتها نموذجًا يُحتذى به في التنمية الإقليمية.

وفي الإمارات، تؤدي شركة مصدر دورًا رياديًا بصفتها مركزًا وطنيًا للهيدروجين الأخضر، من خلال شراكات ومشروعات إستراتيجية تهدف إلى ترسيخ مكانة الدولة في قلب اقتصاد الهيدروجين العالمي.

وفي الوقت نفسه، يواصل المغرب تعزيز مكانته من خلال تعاون إستراتيجي، تقوده مجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط"، وهي الشركة العالمية الرائدة في مجال الأسمدة، بهدف إزالة الكربون من عمليات إنتاجها وتطوير منتجات جديدة قائمة على الهيدروجين الأخضر والأمونيا.

في ضوء هذه الفرص.. ما المشروعات الحالية والمخططة لدى شركة أكسيليرا؟

لدينا محفظة قوية ومتنامية من المشروعات قيد التشغيل في مجال التحليل الكهربائي، بعدة مناطق حول العالم، من أبرزها مشروع التحليل الكهربائي بقدرة 20 ميغاواط لإنتاج 3 آلاف طن سنويًا من الهيدروجين الأخضر بمدينة بيكانكور في كندا، الذي جرى تطويره بالتعاون مع شركة إير ليكويد (Air Liquide).

ووقت بدء التشغيل عام 2021، كان أكبر محطة تحليل كهربائي بغشاء تبادل البروتون (PEM) في العالم، وما تزال بقدرة عالية.

أحد مصانع المحللات الكهربائية لدى شركة أكسيليرا
أحد مصانع المحللات الكهربائية لدى شركة أكسيليرا - الصورة من الموقع الإلكتروني للشركة

وفي الولايات المتحدة، لدينا محطة تحليل كهربائي بقدرة 25 ميغاواط، بالتعاون مع شركة المرافق الأميركية فلوريدا باور آند لايت (Florida Power & Light) بدأ تشغيلها عام 2023، ما يُظهر دور الهيدروجين في دعم دمج مصادر الطاقة المتجددة واستقرار الشبكات الكهربائية.

ومؤخرًا، أعلنت شركة أكسيليرا مشروعًا بقدرة 35 ميغاواط في أميركا الشمالية دخل الخدمة عام 2025، ما يعزّز وجودنا في المنطقة.

وعلى الصعيد العالمي، نواصل التوسع السريع؛ إذ إن لدينا مئات الميغاواط من قدرات التحليل الكهربائي قيد التنفيذ، ومن أبرزها مشروع بقدرة 100 ميغاواط في ألمانيا مع شركة بي بي البريطانية.

وبصفة خاصة، تؤمن شركة أكسيليرا بأن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أحد أكثر المراكز الواعدة لمستقبل الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، ونفخر بدعم هذا المسار عبر تقنياتنا المتقدمة وشبكتنا المتنامية من الشراكات المحلية.

جدير بالذكر أن شركة أكسيليرا علامة تجارية تابعة للشركة الأم "كومينز" الأميركية، الرائدة عالميًا في تقنيات الكهرباء، بإرث يمتد لأكثر من 106 أعوام، وتعمل في أكثر من 190 دولة، ولديها حضور واسع في الشرق الأوسط عبر مقرّها الإقليمي في دبي، ومشروعاتها المشتركة في السعودية والإمارات والكويت وغيرها.

وتأسست "أكسيليرا" عام 2019 بعد الاستحواذ على شركة هيدروجينيكس الكندية الرائدة في إنتاج الهيدروجين وتقنيات خلايا الوقود.

وجرى تغيير العلامة التجارية لاحقًا لتصبح "أكسيليرا باي كومينز -Accelera by Cummins"، وتركز الشركة على تطوير أجهزة التحليل الكهربائي وخلايا الوقود والحلول النظيفة لتوليد الكهرباء.

متى يمكننا القول إن سوق الهيدروجين الأخضر خرجت من عباءة القطاع الناشئ المُحاط بالاضطرابات والتحديات؟

أتوقع أن تبدأ سوق الهيدروجين الأخضر تجاوز معظم تحدياتها خلال هذا العقد، فما نشهده اليوم هو مرحلة بناء الأساس، على صعيد السياسات والتقنيات والتمويل والبنية التحتية، وهو ما يحتاج إليه أي قطاع طاقة جديد قبل أن يصل إلى مرحلة النضج التجاري.

خلال السنوات المقبلة، سنشهد انخفاضًا مستمرًا في التكاليف، مدفوعًا بتوسيع نطاق التقنيات وتوطين الصناعة وتحسين الكفاءة.

وفي الوقت نفسه، تتضح الأطر التنظيمية وهياكل عقود الشراء؛ ما يعزّز ثقة المستثمرين والمطورين، ومع زيادة الإنتاج ونمو الطلب في قطاعات مثل الأسمدة والتكرير والصلب والنقل، ستستقر سلسلة القيمة بالكامل.

وبحلول المدة بين 2030 و2035، من المتوقع أن يصبح الهيدروجين الأخضر منافسًا تجاريًا في العديد من الاستعمالات، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ توفر تكلفة الطاقة المتجددة المنخفضة والالتزام الحكومي القوي ميزة حقيقية.

باختصار، نحن على الطريق الصحيح: الصناعة في مرحلة النضج، والاستفادة من التجارب المُبكرة والمشروعات الحالية تمهد الطريق لجعل الهيدروجين الأخضر جزءًا رئيسًا في مزيج الطاقة خلال العقد المقبل.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق