أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

هل تتراجع الطاقة الإنتاجية الفائضة بعودة تخفيضات أوبك+؟ (تقرير)

أنس الحجي يكشف مغالطات الإعلام

أحمد بدر

تشهد أسواق النفط العالمية حالة من الجدل حول مستقبل الطاقة الإنتاجية الفائضة بعد قرار مجموعة الـ"8" الأعضاء في تحالف أوبك+ الأخير بزيادة الإنتاج تدريجيًا ضمن اتفاقها الجديد؛ إذ أثارت التحركات الأخيرة نقاشات إعلامية واقتصادية واسعة حول تأثيرها المحتمل في الأسعار.

وفي هذا السياق، أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن كثيرًا من وسائل الإعلام الغربية أساءت تفسير العلاقة بين زيادة الإنتاج وتراجع الطاقة الفائضة.

وأشار إلى أن التحليلات الأخيرة تعاني تناقضات واضحة في المنهج والمضمون، إذ إن الخطاب الإعلامي السائد يتسم بازدواجية لافتة؛ فينتقد قرارات "أوبك+" في الحالتَيْن، سواء خفض التحالف الإنتاج أو رفعه.

وشدد الحجي على أن بعض التقارير الإعلامية المنشورة، تجاهلت حقائق أساسية تتعلّق بالمخزونات التجارية والإستراتيجية من النفط الخام، التي عادة ما تمثّل عامل التوازن الحقيقي في الأسواق.

جاءت تلك التصريحات خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي على مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، تحت عنوان: "أثر المخزون والطاقة الإنتاجية الفائضة في أسواق الطاقة العالمية".

الإعلام السلبي وتناقض المواقف

قال أنس الحجي إن مسألة الطاقة الإنتاجية الفائضة يجب ألا تُفصل عن منظومة العرض والطلب والمخزونات العالمية، مؤكدًا أن الاعتماد على هذا المفهوم وحده لتفسير حركة الأسعار يؤدي إلى استنتاجات مضللة في كثير من الأحيان.

وأضاف: "زيادة الإنتاج التي أقرتها مجموعة الـ8 في أوبك+، بقيادة السعودية وروسيا، تعني بطبيعتها انخفاض الطاقة الإنتاجية الفائضة، وهو أمر متوقع تقنيًا، لكن بعض وسائل الإعلام الغربية تعاملت مع ذلك بطريقة سلبية ومتناقضة".

وأوضح أن هذا الإعلام الذي انتقد السعودية وأوبك+ عند خفض الإنتاج، هو نفسه الذي انتقدهما عند الزيادة، وهو ما يكشف، حسب تعبيره، عن نزعة هجومية دائمة لا علاقة لها بتحليل واقعي للأسواق.

تحالف أوبك+

وأكد أنس الحجي أن ما يجهله كثير من المحللين هو أن الطاقة الإنتاجية الفائضة تمثّل عبئًا ماليًا على الدول المنتجة؛ إذ تتحمل السعودية وغيرها مبالغ ضخمة للحفاظ على جاهزية هذه القدرات التي لا تُستغل إلا في أوقات الأزمات.

ولفت إلى أن الهدف من هذه القدرات الاحتياطية هو تأمين استقرار الإمدادات العالمية وليس رفع الأسعار، مستغربًا اعتراض الإعلام على وجود "فائض" من الطاقة الإنتاجية يمثّل صمام أمان للأسواق في الأوقات الصعبة.

وأشار إلى أن المقالات الاقتصادية الأخيرة تجاهلت تمامًا حقيقة أن انخفاض الطاقة الإنتاجية الفائضة لا يعني بالضرورة ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أنه لا دراسات أكاديمية أو أدلة تاريخية تربط بين الأمرَيْن بصفة مباشرة.

وبيّن أن الأبحاث تُظهر أن العلاقة الأوثق بالأسعار هي بين المخزونات التجارية والمخزون الإستراتيجي في الدول المستهلكة، إذ يمكن ضخها في السوق خلال ساعات أو أيام، بعكس الطاقة الإنتاجية الفائضة التي تحتاج إلى أسابيع لتفعيلها.

وكشف عن أن هذا الفارق الزمني في الاستجابة يجعل من الخطأ المبالغة في أثر انخفاض الطاقة الإنتاجية الفائضة على المدى القصير، خاصة في ظل وفرة المخزونات النفطية التجارية والإستراتيجية لدى الاقتصادات الكبرى.

العلاقة بين المخزون والطاقة الإنتاجية الفائضة

أوضح أنس الحجي أن هناك سوء فهم واسع في تفسير العلاقة بين المخزونات العالمية والطاقة الإنتاجية الفائضة، إذ يميل بعض المحللين إلى الفصل بينهما، رغم أنهما عنصران متكاملان في معادلة التوازن النفطي.

وبيّن أن دراساته السابقة أثبتت أن التغيّر في الطاقة الفائضة وحده لا يترك أثرًا كبيرًا في الأسعار، وكذلك التغيّر في المخزونات بمفرده، في حين يصبح الأثر ملموسًا فقط عند حدوث تراجع متزامن في الجانبَيْن.

وأضاف أن الأسواق لا تشهد ارتفاعًا حادًا في أسعار النفط إلا عندما تنخفض الطاقة الإنتاجية الفائضة والمخزونات في الوقت ذاته، أما إذا كان أحدهما يعوّض الآخر فإن الأسعار تميل إلى الاستقرار.

أسعار النفط

وأشار أنس الحجي إلى أن كثيرًا من التقارير الصادرة مؤخرًا عن بنوك استثمارية ومراكز تحليل تجاهلت هذه الحقيقة، مما أدى إلى استنتاجات خاطئة عن اتجاه الأسعار خلال النصف الأخير من عام 2025.

ولفت إلى أن بناء المخزونات لدى الدول المستهلكة يُعد وسيلة فعّالة لتقليل أثر أي تراجع في الطاقة الإنتاجية الفائضة، مؤكدًا أن ضخ كميات من المخزون يمكن أن يعوّض النقص في الإمدادات بسرعة كبيرة.

وشدّد على أن الإعلام الغربي يفتقر أحيانًا إلى التمييز بين المفاهيم الفنية الدقيقة؛ إذ يخلط بين "الفائض الإنتاجي" و"الفائض التجاري"، ما يؤدي إلى طرح تحليلات غير منطقية ومضللة.

واختتم الحجي تصريحاته بالقول إن تقييم الأسواق يجب أن يعتمد على الصورة الكاملة للعلاقة بين الإنتاج والمخزون والطاقة الإنتاجية الفائضة، لا على عنصر واحد بمعزل عن العناصر الأخرى، فمن يختزل التحليل في مؤشر واحد يفقد البوصلة الاقتصادية الحقيقية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق