أنسيات الطاقةالتقاريرتقارير النفطسلايدر الرئيسيةنفط

أنس الحجي: الطاقة الإنتاجية الفائضة قوة ضاربة بأسواق النفط.. السعودية نموذجًا

أحمد بدر

تُعد الطاقة الإنتاجية الفائضة والمخزون من المفاهيم المحورية في عالم الطاقة، إذ يعتمد عليهما صناع القرار في ضبط توازن الأسواق والتعامل مع الأزمات المفاجئة في الإمدادات أو الأسعار، ومع ذلك يختلط المفهومان على كثيرين رغم اختلاف دور كل منهما.

وفي هذا السياق، أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي أن التمييز بين الاحتياطيات والمخزون والطاقة الفائضة أساسي لفهم كيفية إدارة الدول لمواردها واستقرارها الاقتصادي، خاصة في أوقات الاضطرابات الجيوسياسية أو تقلبات السوق.

وأشار إلى أن المخزون يمثل الكميات التي تم استخراجها وتخزينها بالفعل، سواء فوق الأرض أو تحتها، بينما تشير الاحتياطيات إلى الكميات التي لم تُستخرج بعد لكنها قابلة للإنتاج تقنيًا واقتصاديًا، أما الطاقة الإنتاجية الفائضة فهي الفارق بين القدرة الكلية والإنتاج الفعلي، ما يجعلها أداة إستراتيجية بيد الدول المنتجة.

وأكد أن فهم العلاقة بين هذه المفاهيم يمكّن الدول من تحديد مدى مرونتها في الاستجابة للأزمات، فالطاقة الإنتاجية الفائضة تُمكّن بعض الدول المنتجة من التأثير المباشر في الأسعار والتوازنات العالمية.

جاءت تلك التصريحات خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي على مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، تحت عنوان: "أثر المخزون والطاقة الإنتاجية الفائضة في أسواق الطاقة العالمية".

الفرق بين الاحتياطيات والمخزون

يشرح أنس الحجي أن الاحتياطيات تمثل إجمالي الموارد الموجودة في باطن الأرض والتي يمكن استخراجها تقنيًا واقتصاديًا، أما المخزون فهو ما تم إنتاجه بالفعل وتخزينه، سواء في مغاور ملحية أو صهاريج فوق سطح الأرض.

وأضاف أن بعض الدول تحتفظ بمخزوناتها تحت الأرض في آبار أو كهوف طبيعية للحفاظ على استقرار درجة الحرارة وضمان سرعة الوصول إليها عند الحاجة، وهو ما يمنحها مرونة في مواجهة الأزمات.

كما أوضح أن المخزون ينقسم إلى نوعين رئيسين: المخزون التجاري الذي تملكه الشركات لاستخدامه في عملياتها اليومية، والمخزون الإستراتيجي الذي تملكه الحكومات لاستخدامه في حالات الطوارئ أو الأزمات الكبرى.

مخزونات النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي

وأشار أنس الحجي إلى أن المخزون الإستراتيجي غالبًا ما يكون أداة سياسية واقتصادية في يد الحكومات، موضحًا أن الولايات المتحدة غيّرت قوانينها أكثر من مرة لتسمح باستخدامه في أوقات غير استثنائية.

وبيّن أن المخزون التجاري يُدار مثل أي سلعة أخرى في الأسواق، بينما المخزون الإستراتيجي يخضع لاعتبارات الأمن القومي وإدارة المخاطر، وفي الحالتين يظل كلاهما مختلفًا تمامًا عن مفهوم الطاقة الإنتاجية الفائضة.

ولفت إلى أن الصين والولايات المتحدة تمتلكان أكبر المخزونات الإستراتيجية في العالم، وبكين تتكتم على تفاصيل حجم احتياطياتها بدقة، لكنها تخزن النفط والمعادن والغاز والفحم ضمن خطة طويلة الأمد.

وأكد الحجي على أن المخزون -رغم أهميته- لا يمنح الدول نفس القوة التي توفرها الطاقة الإنتاجية الفائضة، لأن الأخيرة تمكّن الدول المنتجة من التحكم الفوري في كميات الإمداد دون الحاجة للسحب من المخزون.

الطاقة الإنتاجية الفائضة.. القوة الخفية

أكد أنس الحجي أن الطاقة الإنتاجية الفائضة هي الفارق بين الإنتاج الفعلي والطاقة الكلية الممكنة في أي وقت، وتُعد أحد أهم أدوات السيطرة على أسواق الطاقة من قبل الدول المنتجة الكبرى، خاصة في قطاع النفط.

وأشار إلى أن بعض الشركات تحتفظ بقدرة إنتاجية إضافية لأسباب فنية أو تشغيلية، لكن بعض الدول -وعلى رأسها السعودية- تتعامل مع الطاقة الإنتاجية الفائضة على أنها أداة إستراتيجية تعادل في قوتها السلاح النووي.

وأضاف أن السعودية قادرة، بفضل الطاقة الإنتاجية الفائضة لديها، على التأثير في السوق العالمية للنفط عبر زيادة إنتاجها في أي وقت، ما يجعلها مؤثرة في الأسعار والتوازنات الدولية.

النفط السعودي

وشرح أنس الحجي أن امتلاك هذه الطاقة يمنح الدول المنتجة قدرة على التدخل السريع لمواجهة نقص الإمدادات أو استغلالها لأهداف سياسية، في حين أن الدول المستهلكة تعتمد على المخزون لمواجهة مثل هذه الأزمات.

كما أوضح أن الطاقة الإنتاجية الفائضة تمنح مرونة عالية للدول المنتجة في التكيف مع تقلبات الطلب العالمي، مشيرًا إلى أن هذه الطاقة لا تتوفر إلا لدى قلة من الدول المنتجة الكبرى.

وأكد أن السعودية تُعد النموذج الأوضح في استخدام الطاقة الإنتاجية الفائضة كأداة توازن في السوق، إذ تستطيع ضخ كميات إضافية أو تقليصها لتحقيق استقرار الأسعار ضمن مصالحها ومصالح "أوبك+".

وقال إن مفهوم الطاقة الإنتاجية الفائضة يمثل "القنبلة النووية الاقتصادية" في قطاع النفط، إذ يمكن استخدامها لتدمير أو إنقاذ الصناعات حول العالم، بحسب طريقة إدارتها.

تخزين الغاز الطبيعي والكهرباء

قال أنس الحجي إن فكرة التخزين لا تقتصر على النفط فقط، بل تشمل الغاز والفحم والكهرباء، وإن كانت طبيعتها تختلف من قطاع إلى آخر، فالغاز مثلًا يُخزّن في باطن الأرض لتلبية الطلب الموسمي.

وأشار إلى أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا والصين تمتلك أنظمة متقدمة لتخزين الغاز، تُستخدم لتغطية ذروة الاستهلاك خلال الشتاء أو الصيف، عندما يرتفع الطلب على التدفئة أو التبريد.

وأضاف أن الصين بدأت مؤخرًا في بناء مخزون إستراتيجي للغاز رغم عدم إعلانها رسميًا، مؤكدًا أن بكين تخزن كميات ضخمة من الطاقة والمعادن ضمن إستراتيجية بعيدة المدى للأمن القومي.

مرافق لمخزونات الغاز في أميركا
مرافق لتخزين الغاز - الصورة من إنرجي إنتلجنس

أما الفحم، فيقول خبير اقتصادات الطاقة إن تخزينه يكون قصير الأجل نسبيًا، وغالبًا ما يتم في فترات الاستعداد للمواسم التي يرتفع فيها الطلب على التدفئة أو الكهرباء.

ولفت إلى أن العالم يواجه معضلة في تخزين الكهرباء، إذ لا يمكن الاحتفاظ بها بالطريقة نفسها التي يُخزَّن بها النفط أو الغاز، مما دفع نحو تطوير حلول بديلة مثل محطات الذروة وبطاريات الطاقة.

وبحسب الحجي، فإن البطاريات العملاقة أصبحت وسيلة فعالة لتخزين الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية والرياح، لاستخدامها خلال الليل أو أوقات انخفاض الإنتاج.

واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن التوسع في تقنيات التخزين الحديثة، إلى جانب الطاقة الإنتاجية الفائضة، يمنح منظومة الطاقة العالمية قدرة أكبر على الصمود أمام الأزمات وتحقيق أمن الطاقة المستدام.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق