كهرباءرئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات الكهرباء

وليد فياض يكتب لـ"الطاقة": لماذا فشل لبنان في استيراد الغاز المصري والكهرباء الأردنية؟

مقال خاص

في هذا المقال الخاص، أكتب إلى منصة الطاقة عن مشروع استيراد الكهرباء من الأردن إلى لبنان عبر سوريا، وكذلك استيراد الغاز المصري، وكل ما حدث في هذا الملف الذي يدور حوله الحديث من جديد هذه الأيام.

بداية، مشروع استيراد الكهرباء من الأردن كان جاهزًا للتنفيذ عام 2022، بعد أن أجرت الحكومة السورية حينها إصلاحًا كاملًا لخط نقل الكهرباء، وجرى تنسيق شامل مع الأردن، ممثلًا في مؤسسة نقل الكهرباء ووزارة الطاقة، لتأمين توصيل الكهرباء إلى محطة كسارة في البقاع التي كانت مستعدة لاستقبال قدرة كهربائية تصل إلى 250 ميغاواط.

العقود التجارية والمالية وُقّعت مع الأردن وسوريا، ونُصّ فيها على أن تحصل سوريا على 8% من الكهرباء المنقولة تعويضًا عن رسوم النقل، لكن "قانون قيصر حال دون تطبيق الاتفاق، ورغم أن الإدارة الأميركية والبنك الدولي أبديا قبولًا مبدئيًا باستثناء المشروع من تبعات القانون، فإن الأوراق لم تُستكمل، مما أدى إلى تجميد التنفيذ رغم اكتمال البنية التحتية.

سعر الكهرباء المتفق عليه -حينها- كان 11 سنتًا لكل كيلوواط/ساعة، بناءً على سعر برميل النفط البالغ 80 دولارًا، مع بند يُراعي تغيّرات الأسعار دون تجاوز سقف محدد.

ونهاية 2024 وبداية عام 2025 كانت هناك أنباء تحدثت عن تضرر شبكة النقل السورية مجددًا بسبب الاشتباكات، لكن وزير الطاقة الأردني الدكتور صالح الخرابشة صرّح أوائل 2025 بأن الأضرار تستدعي إصلاحات تمتد إلى 6 أشهر، وهي فترة انقضت، وبالتالي يُفترض أن تكون الشبكة السورية قد أصبحت جاهزة من جديد.

إن العقود لا تزال مُوقّعة، ويجب أن تكون سهلة التنفيذ، ما يمنح لبنان فرصة لاستيراد 250 ميغاواط من الكهرباء بسعر مقبول، شرط ألا ترفع الجهات المورّدة السعر، لأن ذلك يؤثر في الجدوى الاقتصادية، خصوصًا أن تكلفة الإنتاج محليًا، حتى في أفضل المعامل، لا تتجاوز 11 سنتًا، في حين تصل في بعض المعامل الأخرى، مثل دير عمار والزهراني، إلى تكلفة أعلى.

استيراد الغاز عبر خط الغاز العربي

كان لبنان يستعد لاستيراد الغاز عبر خط الغاز العربي، حيث يُضخ الغاز المصري إلى الأردن، ومن ثم إلى سوريا التي كانت تُبادل الغاز المصري بالغاز السوري المُستخرج من مصفاة حمص، ويُنقل إلى محطة دير عمار شمال لبنان، بموجب عقد كامل وجاهز عُطّل أيضًا بسبب "قانون قيصر".

هذا الخيار لا يزال مطروحًا اليوم، ويمكن تنفيذه بشرط توافر كميات تصديرية من الغاز المصري، أما إذا لم تتوفر فيبقى الخيار البديل هو استيراد الغاز المسال ثم إعادة تغويزه (تحويله إلى صورته الغازية).

إن خيار استيراد الغاز المسال ينقسم إلى شقَيْن: إما إنشاء منصة تغويز في دير عمار بالتعاون مع القطاع الخاص أو من خلال دولة شقيقة مثل قطر، وإما تغويز الغاز في الأردن ودفع تكاليف محدودة لاستعمال المنصة الأردنية.

وفي حال إنشاء محطة التغويز في دير عمار، يمكن أن يغطّي عقد واحد لمدة 7 إلى 10 أعوام تكلفة الغاز وخدمات التغويز والتسليم، على أن يُستغل الغاز مباشرة في محطة دير عمار لإنتاج الكهرباء، مع إمكان إضافة محطة جديدة بجانب المعمل الحالي لزيادة الإنتاج.. ومدة تنفيذ هذه المنصة ستكون سنة واحدة.

هذا الخيار سيكون مسارًا إيجابيًا للمستقبل، ويمكن تنفيذه من خلال شراكة مع دولة قطر، التي تمتلك الإمكانات والخبرة، ويمكن أن تبرم مع لبنان عقودًا ميسّرة تدعم الموقف السياسي والاقتصادي.

الغاز المصري - خريطة خط الغاز العربي

انفراجة استثمارية

إنني أتوقع أن يشهد لبنان انفراجة استثمارية في المرحلة المقبلة، في ظل التغيرات السياسية الإقليمية التي قد تتيح مشاركة دولية أوسع في دعم المشروعات.

الوقت ليس في صالح لبنان، وجميع الأطراف -من مستثمرين وأشقاء عرب- سيستفيدون من هذه المشروعات، لا سيما أن الغاز هو الخيار الأنظف بيئيًا والأقل تكلفة.

إن الغاز المسال سيكون أرخص من المازوت والغاز أويل؛ إذ تبلغ تكلفة إنتاج الكهرباء بالغاز أويل نحو 14 سنتًا، في حين يمكن أن تصل تكلفة الغاز إلى أقل من 10 سنتات، شريطة الشراء بسعر 10 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

أما خيار تغويز الغاز في الأردن فهو متاح حاليًا، ويتطلّب فقط استئجار قدرة تغويز صغيرة من منصة الأردن، بتكلفة لا تتجاوز سنتًا واحدًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، ليُنقل بعدها الغاز عبر الخط العربي مرورًا بسوريا إلى لبنان.

هذه العملية تتطلّب تعاونًا من جانب دمشق، سواء للسماح بمرور الغاز بعد إعادة تغويزه في الأردن أو لمبادلة الغاز الواصل من الأردن بغاز آخر من سوريا إلى لبنان.

إن خيار التغويز في دير عمار لا يتطلّب تنسيقًا مع سوريا، ورغم أن التنسيق قد يُسرّع العملية فإن إنشاء منصة تغويز في لبنان سيكون أرخص على المدى البعيد إذا اعتُمد على بنية تحتية قائمة.

ختامًا، فالتحول من الفيول (الديزل الأحمر) إلى الغاز في إنتاج الكهرباء سيؤدي إلى خفض التكلفة وزيادة التغذية الكهربائية، وأدعو مؤسسة كهرباء لبنان إلى تفعيل جميع الوسائل المتاحة لتحقيق ذلك، وعلى رأسها استيراد الغاز.

* الدكتور وليد فياض، وزير الطاقة اللبناني السابق - مقال خاص إلى منصة الطاقة.

*هذا المقال يعبّر عن رأي الكاتب، ولا يُعبّر بالضرورة عن رأي "الطاقة".

نرشح لكم..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق