التنقيب البحري في الكويت.. 3 اكتشافات باحتياطيات ضخمة (تقرير)
سامر أبووردة

يشكّل التنقيب البحري في الكويت أحد أبرز مسارات التحول في قطاع الطاقة الوطني، مع تسارع وتيرة الاستكشاف في المياه الإقليمية وتسجيل اكتشافات ضخمة خلال العامين الماضيين، ما يعكس توجُّه الدولة نحو تعزيز احتياطياتها من النفط والغاز.
ووفقًا لبيانات موسوعة حقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تركّز شركة نفط الكويت جهودها على تطوير حقول بحرية جديدة، أحدثها حقل جزة البحري الذي أُعلِن اكتشافه في أكتوبر/تشرين الأول 2025، ليأتي استكمالًا لسلسلة اكتشافات بدأت في حقل النوخذة عام 2024، تلاه الجليعة مطلع عام 2025.
وتسعى الكويت من خلال الاكتشافات إلى ترسيخ موقعها لاعبًا رئيسًا في سوق النفط والغاز الإقليمية، وتوسيع قاعدة إنتاجها بعيدًا عن الحقول البرية التقليدية.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن الحقول البحرية ستسهم في تحقيق أهداف إستراتيجية مؤسسة البترول الكويتية لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2040.
وفي هذا الإطار، ضخّت الدولة استثمارات كبيرة لتطوير منصات الحفر البحرية منذ منتصف عام 2022، ما أتاح بناء قاعدة معلومات جيولوجية دقيقة عبر المسح ثلاثي الأبعاد، وإطلاق برنامج استكشافي موسّع شمل حفر آبار جديدة في المياه العميقة، وصولًا إلى تحقيق 3 اكتشافات رئيسة خلال أقل من عامين، وهو معدل غير مسبوق في تاريخ قطاع الطاقة الكويتي.
حقل جزة
يُعدّ حقل جزة أحدث الاكتشافات في مسار التنقيب البحري في الكويت، بعد إعلانه في 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025، بوصفه اكتشافًا نوعيًا من ناحية جودة المكامن وارتفاع معدلات الإنتاج الأولية.
ويغطي الحقل مساحة تُقدَّر بنحو 40 كيلومترًا مربعًا بحسب البيانات الأولية، مع توقعات بزيادة المساحة بعد استكمال الحفر الأفقي وتقييم المكامن المجاورة.
ووفقًا لبيانات منصة الطاقة، سجلت البئر "جزة-1" معدلات إنتاج تجاوزت 29 مليون قدم مكعبة يوميًا من الغاز، وأكثر من 5 آلاف برميل من المكثفات، وهي أرقام تصفها شركة نفط الكويت بأنها الأعلى في تاريخ الآبار العمودية البحرية.
وتقدّر احتياطيات الحقل بنحو تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، إضافة إلى 120 مليون برميل من المكثفات، ما يعادل نحو 350 مليون برميل نفط مكافئ.
ويتميز المكمن بانخفاض نسبة ثاني أكسيد الكربون وخلوّه من غاز كبريتيد الهيدروجين، ما يجعله اكتشافًا ذا أهمية بيئية وتقنية، يدعم توجُّه الكويت نحو إنتاج منخفض الانبعاثات.
وتؤكد مؤسسة البترول الكويتية أن تطوير الحقل يمثّل جزءًا من رؤية 2040 لتعزيز إنتاج الغاز لصالح مشروعات الطاقة النظيفة، مع الإشارة إلى أن المشروع سيوفر فرص عمل للكفاءات الوطنية، ويعزز البنية التحتية لقطاع الغاز البحري في البلاد.
حقل الجليعة
جاء اكتشاف حقل الجليعة في يناير/كانون الثاني 2025 ليعزز نجاحات التنقيب البحري في الكويت، إذ يغطي الحقل مساحة 74 كيلومترًا مربعًا، وتقدّر احتياطياته بنحو 800 مليون برميل من النفط المتوسط الكثافة الخالي من غاز كبريتيد الهيدروجين، بالإضافة إلى 600 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز، بما يعادل نحو 950 مليون برميل نفط مكافئ.
وتصف شركة نفط الكويت هذا الاكتشاف بأنه خطوة إستراتيجية لدعم أهداف الدولة في تعزيز مواردها البحرية، مشيرةً إلى أنه يمثّل ثاني اكتشاف بحري بعد النوخذة، ما يعكس جدوى التوسّع في الحفر البحري رغم ارتفاع تكاليفه مقارنة بالحفر البري، إذ تصل التكلفة إلى 5 أضعاف في بعض المواقع بسبب المتطلبات البيئية والتقنية المعقّدة.
وبعد نجاح المرحلة الأولى التي شملت حفر 6 آبار بحرية، أعلنت الشركة بدء المرحلة الثانية من البرنامج الاستكشافي، التي تتضمن حفر 18 بئرًا جديدة، نصفها في المياه المفتوحة والنصف الآخر في منطقة جون الكويت، مع إجراء مسوح ثلاثية الأبعاد عالية الدقة لتحديد المكامن.

حقل النوخذة
يمثّل حقل النوخذة نقطة التحول في مسيرة التنقيب البحري في الكويت، إذ شكّل إعلان اكتشافه في يوليو/تموز 2024 انطلاقة فعلية لدخول البلاد مرحلة جديدة من الاستكشاف في المياه العميقة.
ويضم الحقل احتياطيات تُقدَّر بنحو 2.1 مليار برميل من النفط الخفيف عالي الجودة، و5.1 تريليون قدم مكعبة قياسية من الغاز، أي ما يعادل 3.2 مليار برميل نفط مكافئ، وفق التقديرات الرسمية.
وتشير البيانات إلى أن الإنتاج اليومي من بئر "نوخذة-1" يبلغ نحو 2800 برميل من النفط و7 ملايين متر مكعب من الغاز المصاحب، وهو ما دفع مؤسسة البترول إلى تسريع أعمال الحفر في مكامن إضافية ضمن النطاق نفسه.
وتؤكد الشركة أن اكتشاف حقل النوخذة يدعم خطّتها لرفع الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول 2035، من خلال الاعتماد على إنتاج الحقول البحرية لتعويض تراجع إنتاج الحقول البرية التقليدية، إذ أظهرت نتائج المسح الزلزالي إمكان وجود 6 مكامن بحرية محتملة.
وتزامن إعلان الاكتشاف مع انتقال منصة الحفر أورينتال فينيكس إلى قطاع جزة استعدادًا لبدء الحفر في البئر "جزة-1"، ما يؤكد تداخل الخطط الاستكشافية وتكاملها بين الحقول الثلاثة.
الخلاصة..
تشير التوقعات إلى أن التنقيب البحري في الكويت سيدخل مرحلة إنتاج تجاري واسع خلال السنوات القليلة المقبلة، ما سيمنح البلاد ميزة تنافسية في سوق النفط والغاز الإقليمية، ويعزز أمنها الطاقي مع تنامي الطلب المحلي على الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- أبرز حقول النفط في الكويت.. أحدها ضمن قائمة الأكبر عالميًا (تقرير)
- الكويت تقترب من ثالث اكتشاف في التنقيب البحري.. خطط لتعزيز الاحتياطي الضخم (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعات نمو الطلب على النفط في 2025
- قمة المناخ كوب 30.. سفير البرازيل: بلادنا محظوظة بالطاقة المتجددة (حوار)
- استخلاص النفط من المخلفات الزراعية.. تقنية مبتكرة لباحث مصري
المصادر:
- إعلان اكتشاف حقل جزة البحري الكويتي، من "كونا"
- شركة نفط الكويت تعتزم حفر 18 بئرًا استكشافية بحرية، من "رويترز"