تقارير النفطالتقاريررئيسيةنفط

حكاية أول مصفاة نفط في السودان.. وعلاقتها بالسعودية والعراق

سامر أبووردة

تُعدّ أول مصفاة نفط في السودان محطة مركزية بتاريخ الصناعة النفطية في البلاد، إذ شكّل إنشاؤها بداية دخول الخرطوم إلى مرحلة تكرير الخام على المستوى التجاري بهدف تأمين المشتقات النفطية وتوفير احتياجات السوق المحلية.

وجاء تأسيس مصفاة بورتسودان في وقت كان السودان يعتمد فيه على استيراد النفط الخام من الخارج، لا سيما من حقول السعودية والعراق، ما منح المشروع بعدًا إستراتيجيًا يتجاوز مجرد التكرير إلى تعزيز موقع البلاد بصفتها ممرًا إقليميًا لتوزيع الوقود.

وتزايدت أهمية مشروع التكرير في شرق السودان مع تطلعات الحكومة لإعادة توزيع المنشآت النفطية جغرافيًا، إذ تشكّل المنطقة الساحلية على البحر الأحمر بوابة حيوية لواردات الخام وحركة الصادرات.

وتزامن ذلك مع بدء تحركات رسمية لإحياء مشروعات الطاقة التي تعطلت خلال الحرب الأهلية، إلى جانب عروض استثمارية من جهات خارجية لاستغلال موقع بورتسودان بصفتها مركزًا لوجستيًا للطاقة.

ووفقًا لبيان حصلت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، شهد مقرّ وزارة الطاقة لقاءً رسميًا في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2025، جمع الوزير المهندس المعتصم إبراهيم أحمد بمديرة مصفاة بورتسودان المهندسة هجوة الشيخ محمد مدني، التي قدّمت عرضًا حول تاريخ المصفاة ووضعها الحالي.

وأشارت "مدني" إلى الفرص الاستثمارية المطروحة لإنشاء مصفاة جديدة في الموقع ذاته، إذ أبدى مستثمر خليجي وشركة روسية وشركة بترونيد السودانية رغبتهم في الدخول بمشروع التشييد الجديد، على أن يبدأ التقييم الفني خلال المدة المقبلة.

مصفاة بورتسودان

تُعدّ مصفاة بورتسودان نواة مشروع تكرير النفط في السودان منذ إنشائها عام 1964، إذ تأسست بشراكة بين الحكومة وشركة شل لتكرير النفط الخفيف المستورد من السعودية والعراق بطاقة تصميمية بلغت 25 ألف برميل يوميًا.

وكانت المصفاة تنتج البنزين ووقود الطائرات والجاز أويل (المازوت) وغاز النفط المسال (LPG)، قبل أن تنتقل ملكيتها بالكامل للحكومة في عام 1999، بعد تراجع الاعتماد عليها نتيجة تشغيل مصفاة الخرطوم.

وتبلغ القدرة التشغيلية المسجلة للمصفاة نحو 21 ألفًا و700 برميل يوميًا، وهي متوقفة حاليًا بانتظار خطط إعادة التأهيل والتوسعة.

لقاء وزير الطاقة المهندس المعتصم إبراهيم أحمد، بمديرة مصفاة بورتسودان المهندسة هجوة الشيخ محمد مدني
لقاء وزير الطاقة المهندس المعتصم إبراهيم أحمد بمديرة مصفاة بورتسودان المهندسة هجوة الشيخ محمد مدني - الصورة من وزارة الطاقة السودانية

عودة الاهتمام بمصفاة بورتسودان

يأتي التحرك بعد مباحثات سابقة أعلنتها وزارة الطاقة والنفط في يوليو/تموز 2024 بشأن التعاون مع الصين لبناء مصفاة حديثة في بورتسودان، بالإضافة إلى خطط لتأهيل مصفاة الخرطوم ومحطات الكهرباء المتضررة من الحرب.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته، وُقِّعت مذكرة تفاهم في بكين مع شركة شينغهاي للبتروكيماويات لإنشاء مصفاة بطاقة 150 ألف برميل يوميًا، مخصّصة لتكرير الخام المستورد وتصدير المنتجات المكررة إلى إثيوبيا ودول الجوار غير الساحلية.

وجاءت إعادة فتح ملف مصفاة بورتسودان اليوم في ظل سعي السودان لاستعادة قدرته الإنتاجية في قطاع الطاقة، واستغلال موقعه البحري لتأمين تدفقات الوقود للأسواق المحلية والإقليمية.

ويعيد ذلك تسليط الضوء على الإرث التاريخي الذي حملته أول مصفاة نفط في السودان حين انطلقت قبل 6 عقود معتمدة على الخام المستورد من السعودية والعراق، قبل أن تتطور الصناعة لاحقًا باتجاه الإنتاج المحلي وتوسيع منظومة المصافي الوطنية.

مصفاة الخرطوم (الجيلي)
مصفاة الخرطوم (الجيلي)

مصافي النفط في السودان

يضم السودان عددًا من المصافي التي تنوعت بين مشروعات حكومية وخاصة، من بينها مصفاة أبو جابرة التي أُنشئت عام 1992 بطاقة ألفي برميل يوميًا لتغطية احتياجات غرب البلاد.

تلتها مصفاة الأبيض عام 1996 بطاقة 15 ألف برميل يوميًا، مع خطط توسعة لرفع القدرة إلى 30 ألف برميل يوميًا، كما أُقيمت مصفاة كونكورب عام 1999 التابعة للقطاع الخاص بطاقة 5 آلاف برميل يوميًا، لكنها متوقفة حاليًا.

أمّا مصفاة الخرطوم (الجيلي)، التي تأسست عام 2000 بشراكة بين وزارة الطاقة والشركة الوطنية للبترول الصينية بطاقة ابتدائية بلغت 50 ألف برميل يوميًا قبل توسعتها إلى 100 ألف برميل، فقد أدت دورًا محوريًا بتأمين نحو نصف احتياجات السودان من المشتقات النفطية قبل تعرُّضها لأضرار خلال الحرب.

وترتبط هذه المصفاة بخطّ أنابيب تصديري يصل إلى ميناء بشائر على البحر الأحمر بطول 1610 كيلومترات.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق