مواقف ترمب من أزمة المناخ.. كيف تؤثر بقطاع الطاقة النظيفة في أميركا؟ (تقرير)
نوار صبح

شهدت معالجة أزمة المناخ مواقف متغيرة جذريًا لدى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وتتناقض مع ما كانت عليه في عام 2009، حين كان متحمسًا لها.
في عام 2009، كان الرئيس الأميركي -الذي كان آنذاك مطورًا عقاريًا وشخصية تلفازية واقعية- من بين مجموعة من قادة الأعمال الذين نشروا إعلانًا بصفحة كاملة في صحيفة نيويورك تايمز يدعو إلى تشريع "للسيطرة على تغير المناخ، وهو تحدٍّ مباشر يواجه الولايات المتحدة والعالم اليوم".
وكتب ترمب وآخرون أن على الولايات المتحدة أن تقود جهود الطاقة النظيفة، لتجنُّب "عواقب كارثية لا رجعة فيها على البشرية وكوكبنا"، وفق تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وعلى الرغم من أن العالم ما يزال يتلكأ سياسيًا في استجابته لأزمة المناخ، فإن الطاقة النظيفة تزدهر، وهي مسؤولة عن جميع قدرات الطاقة الجديدة تقريبًا، وتجذب ضعف استثمارات الوقود الأحفوري عالميًا.
تأييد ترمب للوقود الأحفوري
أصبح ترمب أبرز مؤيدي الوقود الأحفوري على مستوى العالم، ما دفع الرئاسة الأميركية بقوة إلى معركة حامية الوطيس لإبقاء العالم غارقًا في عصر الكربون المحترق.
ويرى محللون أنه لم يعد هناك الآن خصم أشد شراسة من الرئيس الأميركي في وجه الجهود الجماعية المبذولة لدرء تداعيات تغير المناخ.
وعندما يجتمع قادة العالم في البرازيل الشهر المقبل لحضور محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ، سيتضح تصاعُد عداء ترمب للعمل المناخي.
من ناحية ثانية، أُلغي مكتب وزارة الخارجية الأميركية المعني بمفاوضات المناخ بصفته "غير ضروري"، ما يجعل من غير الواضح من سيمثل القوة العظمى الاقتصادية والعسكرية الرائدة في العالم في قمة تغير المناخ كوب 30.
وكما في ولايته الأولى، انسحب ترمب مجددًا من اتفاق باريس للمناخ، وفتح المزيد من الأراضي والمياه لحفر آبار النفط والغاز، وشرع في تفكيك إجراءات حماية الهواء النظيف التي كانت ستمنع آلاف الوفيات في جميع أنحاء أميركا، ما يقوّض جهود معالجة أزمة المناخ.
ومن شأن هذه التراجعات أن "تدقّ ناقوس الخطر في قلب عقيدة تغير المناخ"، حسبما قال رئيس وكالة حماية البيئة في عهد ترمب، لي زيلدين.
إلغاء مشروعات الطاقة النظيفة
شرع ترمب -بدلًا من مجرد تعزيز صناعة الوقود الأحفوري التي تبرعت بسخاء لحملته الانتخابية- في إلغاء مشروعات الطاقة النظيفة: وقف مزارع الرياح البحرية التي تمّت الموافقة عليها، وحظر الرياح والطاقة الشمسية من الأراضي الفيدرالية، وإلغاء الدعم للطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية.
وفي الوقت نفسه، يسلّم الرئيس الأميركي أموال دافعي الضرائب الجديدة لجهود تبدو عديمة الجدوى لإحياء دور الفحم، الذي يفاقم أزمة المناخ، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقالت كبيرة مفاوضي المناخ للولايات المتحدة خلال مدة ولاية ترمب الأولى، كيم كارناهان: "نحن بالتأكيد في بيئة مختلفة عمّا كنّا عليه في إدارته الأولى".
وأضافت: "هناك تركيز على التفكيك بدلًا من البناء، ومن الصعب رؤية ذلك، ولسنا حاضرين في قضية عالمية مهمة، ونتنازل عن هذه الأرض لمنافسينا، وهو أمر ليس في صالح الولايات المتحدة".

التدخل في سياسات المناخ بدول أخرى
لم يكتفِ ترمب بالتخلي عن مبادئ السوق الحرة الجمهورية في سوق الطاقة الأميركية، بل سعى إلى التدخل في سياسات المناخ بدول أخرى، مُوبِّخًا المملكة المتحدة على تركيب توربينات الرياح، وعدم حفرها ما يكفي لاستخراج النفط، حسب رغبته.
وحثّ الرئيس الأميركي الاتحاد الأوروبي على الموافقة على شراء 750 مليار دولار (550 مليار جنيه إسترليني) من النفط والغاز الأميركي خلال السنوات الـ3 المقبلة، بالإضافة إلى إبرام صفقات وقود أحفوري مع اليابان وكوريا الجنوبية.
وقال بخطابٍ ألقاه في الأمم المتحدة، الشهر الماضي: "إن الدول على شفا الدمار بسبب سياسة الطاقة الخضراء".
وأضاف: "إذا لم تتخلصوا من هذه الخدعة البيئية، فستفشل بلادكم، أنتم بحاجة إلى حدودٍ قوية ومصادر طاقة تقليدية إذا أردتم أن تعودوا عظماء من جديد".
وحاول الرئيس ترمب إعادة صياغة الخطاب المتعلق بالطاقة والمناخ، وقد أبدى اشمئزازه من رؤية توربينات الرياح من ملعب الغولف الإسكتلندي لديه عام 2011، واصفًا طاقة الرياح بأنها "قبيحة" و"مقززة" و"مثيرة للشفقة"، وبأن أزمة المناخ -على حدّ تعبيره- "خدعة".
وقلّصت إدارته -أو أخفت- أبحاثًا مناخية غير ملائمة، وحذفت أيّ إشارة إلى أزمة المناخ من المواقع الحكومية، وأنشأت دراسة مليئة بالأخطاء بدلًا منها.
وعلى الرغم من دعم ترمب المزعوم لحرية التعبير، وضعت إدارته قائمة بمصطلحات محظورة، مثل "إزالة الكربون" و"الاستدامة" و"الانبعاثات" و"الخضراء،" وأصبح مجرد الإبلاغ عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري محظورًا.
موضوعات متعلقة..
- تعرفات ترمب الجمركية قد تدعم إنتاج السيارات في أميركا.. لأول مرة
- واردات تركيا من النفط والغاز الروسيين.. هل تتوقف بسبب ترمب؟ (مقال)
- قطاع النفط الصخري الأميركي "ينزف" بسبب تعرفات ترمب (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- حصص إنتاج النفط للسعودية و7 دول في أوبك+ خلال نوفمبر
- إنتاج الجزائر من النفط والغاز في 2025.. هذه أحدث التوقعات
- تقديرات متشائمة لإنتاج الهيدروجين قد تفتح الباب لـ4 دول عربية
- حقل مجنون النفطي في العراق.. قصة اكتشاف وتطوير 38 مليار برميل
المصدر: