سوق التعدين في أعماق البحار تتجاوز 40 مليار دولار بحلول 2032 (تقرير)
محمد عبد السند

- يتسارع نمو سوق التعدين في أعماق البحار
- يتزايد الطلب على المعادن الحيوية المستخرَجة من أعماق البحار
- يهيمن قطاع السيارات على سوق التعدين في أعماق البحار
- تؤدي أعماق المحيطات دورًا مهمًا في مكافحة تغير المناخ
- أنشطة التعدين في أعمال البحار تتطلب نفقاتٍ ضخمةً
يتسارع نمو سوق التعدين في أعماق البحار العالمية بدعمٍ من الطلب المطرد على المعادن الحيوية والعناصر الأرضية النادرة ضمن جهود تحول الطاقة العالمية.
كما يُعزى نمو السوق إلى القيود الجيوسياسية المفروضة على استخراج الموارد المعدنية من باطن الأرض؛ ما حوّل الانتباه إلى أعماق البحار بوصفها حلًا إستراتيجيًا لتأمين إمدادات على المدى الطويل، وفق تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ويهيمن قطاع السيارات والنقل الكهربائي على سوق التعدين في أعماق البحار نتيجة الطلب المتنامي على المركبات منخفضة الانبعاثات؛ إذ يُقدَّم هذا النوع من التعدين بديلًا للمخاطر المقترنة بسلسلة إمدادات المعادن المستخرَجة من باطن الأرض.
لكن تتنامى المخاوف إزاء الأضرار البيئية الناجمة عن أنشطة التعدين في أعماق البحار، التي تؤثّر سلبًا في النظام الإيكولوجي البحري؛ ما يهدد بأزمات مناخية تَصعُب مواجهتها.
وتحظى أعماق المحيطات بأهمية بالغة في مكافحة تغير المناخ بفضل قدرتها على امتصاص وتخزين أكثر من 90% من الحرارة الزائدة، ونحو 38% من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية.
4 مليارات دولار
لامست قيمة سوق التعدين في أعماق البحار العالمية 3.92 مليارات دولار في عام 2024، ومن المتوقع أن تبلغ 40.79 مليار دولار بحلول عام 2032، بنمو سنوي مركّب نسبته 34.02% خلال المدة من عام 2025 إلى عام 2032، وفق تقرير بحثي صادر عن شركة أبحاث السوق "داتا إم إنتليجنس".
ويأتي نمو سوق التعدين في أعماق البحار مدعومًا بارتفاع الطلب على المعادن الحيوية مثل الكوبالت والنيكل وكذلك المعادن الأرضية النادرة الموجودة بوفرة في تلك البيئات، واللازمة لتصنيع البطاريات والألواح الشمسية وتوربينات الرياح والرقائق الإلكترونية.
وتوجد الموارد المعدنية في أعماق البحار على شكل وحدات متعددة المعادن (أو ما يُطلَق عليها "العقيدات") والسلفيدات -وهي معادن الكبريتيدات- الموجودة في المياه الدولية والمناطق الاقتصادية الحصرية.
ويستهدف التعدين في أعماق البحار 3 أنواع من الرواسب المعدنية البحرية: العقيدات المتعددة المعادن (التي تحوي النيكل والكوبالت والنحاس والمنغنيز والرصاص)، والكبريتيدات المتعددة المعادن (مصادر النحاس والرصاص والزنك والذهب والفضة)، وقشور الحديد والمنغنيز الغنية بـ(الكوبالت والفاناديوم والموليبدينوم والبلاتين والتيلوريوم).

ديناميكيات السوق
يرتكز نمو سوق التعدين في أعماق البحار على عددٍ من العوامل، مثل:
- ارتفاع الطلب على المعادن الحيوية
يرتفع الطلب على العديد من المعادن الحيوية مثل النيكل والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة المستعمَلة في تصنيع البطاريات والسيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة والرقائق الإلكترونية.
- التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة
يسهم تدافع حكومات العالم على نشر المصادر المتجددة، إلى جانب تنامي قطاع الإلكترونيات الذي تمسّ الحاجة فيه إلى المعادن، برفع الطلب على المعادن الحيوية.
كما أن تزايد مشروعات تخزين الطاقة والنقل الكهربائي عالميًا يغذّي الطلب على المعادن، وفق تفاصيل اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وفي شهر أبريل/نيسان الماضي تقدّمت شركة إمبوسيبل ميتالز (Impossible Metals) الأميركية الناشئة بطلب لاستئجار منجم في أعماق البحار قبالة سواحل ساموا الأميركية لاستخراج معادن حيوية مثل النيكل والكوبالت.
وتستهدف الشركة تعزيز سلسلة الإمدادات الأميركية للتقنيات المتقدمة.
- الاستدامة واللوائح البيئية
تمكّن التطورات الحاصلة في مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعي والاستشعار عن بُعْد من استعمال تقنيات استخراج معادن أكثر صداقةً للبيئة؛ ما يدعم أهداف الاستدامة الدولية.
ولخفض التأثيرات البيئية، تساعد تلك التقنيات في استحداث نماذج للتنبؤ، وأنظمة رصد حديثة؛ ما يتيح عملية اتخاذ قرار مدروسة.

توجهات جغرافية
في عام 2024 هيمنت منطقة آسيا والمحيط الهادئ على نصيب الأسد في سوق التعدين في أعماق البحار، بحصّة سوقية لامست 36.23% بفضل الاستثمارات الضخمة، وقرب المنطقة جغرافيًا من أعماق البحار الغنية بالموارد المعدنية، إلى جانب الطلب المرتفع على بطاريات السيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة في بلدان المنطقة نفسها.
وفي المرتبة الثانية في سوق التعدين بأعماق البحار تحلّ أوروبا التي تشهد نموًا متسارعًا بدعمٍ من جهود الاتحاد الأوروبي الإستراتيجية في مجال المعادن الرئيسة ومبادراته بقطاع الطاقة المستدامة، وكذلك الاستثمار في الأبحاث والمشروعات التجريبية.
إضافةً إلى ذلك، تطبّق أوروبا أطرًا بيئية وتنظيمية صارمة لضمان ممارسات تعدين مسؤولة في أعماق البحار؛ ما يجذب شراكاتٍ عالمية.
قيود السوق
رغم آفاقها الواعدة تواجه سوق التعدين في أعماق البحار عقباتٍ تعرقل نموها وازدهارها، مثل:
- تكاليف التشغيل المرتفعة
تتطلب أنشطة التعدين في أعمال البحار نفقاتٍ ضخمةً نتيجة الحاجة الماسّة إلى الآلات المتطورة وأنظمة التحكم والسفن المتخصصة.
وقد تحول تلك الأسعار الباهظة دون دخول الشركات الصغيرة تلك السوق الإستراتيجية، كما تُبطئ وتيرة اعتماد هذه التقنيات عمومًا.
إلى جانب ذلك ترفع أعمال صيانة وإصلاح الآلات تحت الماء تكاليف التشغيل عمومًا.
- عدم اليقين ومخاطر الاستثمار
تؤدي التذبذبات الحاصلة في أسعار المعادن العالمية والاضطرابات الجيوسياسية والمعارضة البيئية إلى تزايد عدم اليقين الذي يغلّف سوق التعدين في أعماق البحار؛ ما قد يقلل الموارد المالية ويعرقل التقدم في تنفيذ المشروعات الكبرى.
وتتخوف الشركات من أيّ أنشطة توسعية حين يزيد عدم اليقين بشأن العائدات على المشروعات ذات الكلفة الاستثمارية العالية.
وربما يؤدي تردد المستثمرين في تنفيذ المشروعات إلى تأخيرات بنشر التقنيات الجديدة ومشروعات الأبحاث.
موضوعات متعلقة..
- التعدين في أعماق البحار يتحول إلى مواجهة شرسة بين فرنسا والصين (تقرير)
- انطلاق سباق التعدين في أعماق البحار لأول مرة منذ الستينيات (تقرير)
- التعدين في أعماق البحار.. انتقادات حادة بمواجهة احتياجات ضخمة
اقرأ أيضًا..
- ما هي طاقة المد والجزر؟.. وحسابات فلكية تميزها عن الشمس والرياح
- العراق لا يريد حل أزمة الغاز والكهرباء.. و3 شواهد على تقاعس الحكومة (تقرير)
- مشروع غاز مسال أفريقي بشراكة خليجية يتخذ خطوة مهمة.. سعته 3.6 مليون طن سنويًا
المصادر:
1.قيمة سوق التعدين في أعماق البحار، من شركة "داتا إم إنتليجنس" البحثية
2.محركات السوق، من شركة تحليل البيانات "بريسيدنس ريسيرش"