العراق لا يريد حل أزمة الغاز والكهرباء.. و3 شواهد على تقاعس الحكومة (تقرير)
أحمد بدر

يمر العراق بأزمة غاز مزمنة تهدد منظومته الكهربائية وتؤثر في قدرته على تلبية الطلب المحلي المتزايد، وسط تعثر متكرر للصفقات المعلنة واعتماد مفرط على الإمدادات الإيرانية؛ ما يجعل الحاجة إلى حلول إستراتيجية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.
وفي هذا الإطار، يقول مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عبدالرحمن صلاح، إن هذه الحالة شديدة التعقيد ويصعب فهمها بمعزل عن السياسة العامة للدولة؛ إذ تتحكم الحكومة بكل الملفات، في حين تبقى خطط الوزراء مقيّدة بالاعتبارات السياسية.
وأكد أن الحكومات العراقية المتعاقبة تراهن على ضعف ذاكرة المواطنين؛ إذ تتكرر الوعود دون تنفيذ، سواء في مشروعات استيراد الغاز المسال أو عقود الغاز التركمانستاني أو حتى التعاقد على سفن عائمة لتوليد الكهرباء، وهو ما يعمّق أزمة الثقة.
ولفت إلى أن المشكلة تتجاوز نقص الوقود لمحطات الكهرباء، لتشمل غياب محطات توليد كافية في العراق، واعتمادًا سياسيًا طويل الأمد على إيران بدلًا من البحث عن بدائل إستراتيجية، وهو ما يعقّد فرص الخروج من الأزمة الحالية.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيات الطاقة"، الذي يقدمه مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، على منصة "إكس"، وجاءت بعنوان: "آثار عودة ضخ النفط من شمال العراق عبر تركيا في أوبك وأسواق النفط".
3 شواهد على تقاعس الحكومة
قال عبدالرحمن صلاح إن أزمة الغاز في العراق لا تقتصر على نقص الإمدادات، بل تمتد إلى فشل متكرر في تنفيذ الصفقات، وهناك 3 شواهد على تقاعس الحكومة عن حل أزمة الغاز والكهرباء في البلاد، وهي:
- أعلنت الحكومة منذ أكثر من 3 سنوات استيراد الغاز المسال عبر ميناء البصرة، دون أن يتحقق شيء حتى اليوم.
- أعلنت الحكومة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 خططًا لاستيراد الغاز من تركمانستان، لكن الصفقة تعثّرت بنسبة 99%، وجميع المؤشرات كانت واضحة منذ البداية.
- أعلنت الحكومة التعاقد على سفن عائمة لتوليد الكهرباء من شركة تركية كان بدوره مجرد خطوة إعلامية؛ إذ لم يحدث أي تقدم، ومن المستبعد أن تصل هذه السفن قبل صيف 2026.
وبيّن مدير التحرير أن ملف الغاز التركمانستاني عبر إيران كان محكومًا عليه بالفشل منذ البداية، وقد حذّرت "الطاقة" من هذا الأمر مرارًا، ومع عودة الرئيس ترمب، أصبح منح الإعفاءات مستحيلًا، وهو ما أكدته وزارة الخزانة الأميركية مؤخرًا برفض الطلب العراقي.
وأشار إلى أن استيراد الكهرباء من إيران متوقف منذ أشهر، في حين تراجعت إمدادات الغاز الإيراني إلى ما بين 15 و20 مليون متر مكعب يوميًا فقط، مع تهديدات متكررة بقطعها تمامًا، وهذا يعني أن الاعتماد على إيران يظل ورقة ضغط دائمة.
وأكد أن العراق بحاجة إلى أكثر من 1.5 مليار قدم مكعبة يوميًا من الغاز المسال لتغطية النقص الناتج عن توقف الإمدادات الإيرانية، في حين أن استيراد 400 مليون قدم مكعبة يوميًا، كما تخطط الحكومة، لن يغطي أكثر من ساعتين من الكهرباء.
وشدد على أن أزمة الغاز في العراق ليست فنية فقط، بل سياسية بالأساس؛ إذ إن اعتماد بغداد على إيران يجعل أي بدائل أخرى شبه مستحيلة، ما لم تتغير الحسابات الإستراتيجية وتُمنح حلول أخرى أولوية قصوى.
خطة متكاملة لحل أزمة الغاز في العراق
يرى عبدالرحمن صلاح أن الحل الأسرع أمام العراق يتمثل في استكمال تجهيزات ميناء خور الزبير لاستيراد الغاز المسال، لكنه يشير إلى أن هذا الخيار، رغم ضرورته، لن يكون كافيًا وحده لإنهاء أزمة الكهرباء المزمنة في البلاد.
وأكد أن استثمار الغاز الوطني ووقف حرق الغاز المهدور يمثلان الركيزة الأولى لأي حل طويل المدى؛ فالعراق يحرق يوميًا كميات ضخمة يمكن أن تكفي جزءًا كبيرًا من محطات التوليد؛ ما يوفر مليارات الدولارات سنويًا.
ولفت إلى ضرورة تفعيل مشروع خط الغاز العربي للربط مع الأردن ومصر ولبنان، سيمنح بغداد منفذًا إضافيًا لتأمين احتياجاتها بعيدًا عن الضغوط الإيرانية، مع تعزيز التكامل الطاقوي العربي.

وأشار عبدالرحمن صلاح إلى أن مد أنبوب جديد عبر سوريا لربط العراق بتركيا قد يفتح المجال لاستيراد الغاز الأذربيجاني أو الغاز المسال بعد إعادة تغويزه؛ ما يمنح بغداد بدائل متنوعة بعيدًا عن الاعتماد الحصري على إيران.
وأوضح أن بناء محطات كهرباء حديثة بتقنية الدورة المركبة يمثل أولوية؛ إذ تسهم في رفع كفاءة استهلاك الغاز، وتزيد من إنتاج الكهرباء بالكمية نفسها من الوقود، وهو ما يعزز استقرار المنظومة الكهربائية.
بجانب ذلك، يمثل التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة حلًا إستراتيجيًا، مستشهدًا بمشروع الطاقة الشمسية في كربلاء الذي بدأ بقدرة 22 ميغاواط، ويُتوقع أن يصل إلى 300 ميغاواط عند اكتماله، رغم أنه يظل محدودًا مقارنة بالاحتياجات الضخمة.
وبيّن أن تنويع مصادر الاستيراد من دول أخرى غير إيران يُعد خطوة لا غنى عنها؛ إذ إن استمرار الارتهان لطرف واحد يُضعف أي إستراتيجية للطاقة، وهناك ضرورة لأن يتعامل العراق مع الأزمة بمنظور متكامل ومتعدد المحاور.
ولخص صلاح الخطة في 5 محاور؛ هي:
- استيراد الغاز المسال.
- استثمار الغاز الوطني.
- خط الغاز العربي.
- أنبوب الربط عبر سوريا.
- توسيع الطاقة المتجددة.
واختتم مدير تحرير منصة الطاقة تصريحاته بأن هذه الحلول الـ5 المطروحة، تمثل خريطة طريق متكاملة، يمكن أن تُنقذ العراق من أزمته إذا توافرت الإرادة السياسية لتنفيذها.
موضوعات متعلقة..
- مصير غامض لنقص الغاز في العراق.. وصفقة قد تنقذ الموقف جزئيًا
- احتياطيات النفط والغاز في العراق.. إعلان أحدث الأرقام رسميًا
- التنقيب عن النفط والغاز في العراق ينتعش بجولة تراخيص تتضمن 13 حقلًا
اقرأ أيضًا..
- تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة بتمويلات صينية يجذب دولًا عربية (تقرير)
- التنقيب عن النفط والغاز في مصر.. 61 منطقة تنتظر المستثمرين (تقرير)
- خطة لرفع إنتاج النفط النيجيري إلى 2.5 مليون برميل يوميًا
المصدر..