المغرب يطلق 3 مشروعات للهيدروجين الأخضر بالشراكة مع فرنسا
سامر أبووردة

يشهد المغرب دفعة جديدة في مسار تطوير الهيدروجين الأخضر، مع الإعلان عن تعبئة 6 ملايين درهم مغربي (658 ألف دولار) لدعم 3 مشروعات مبتكرة، اختيرت في إطار برنامج تعاون علمي وصناعي بين المملكة وفرنسا.
ووفقًا لتقارير حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، جاءت المبادرة على هامش الدورة الخامسة للقمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته (Power-to-X) في مراكش، وتُعد ثمرة شراكة بين معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة (IRESEN) وشركة تسريع نقل التكنولوجيا الفرنسية (SATT Paris-Saclay)؛ إذ تستهدف بناء جسور بين الأوساط الأكاديمية والقطاع الصناعي، وتسريع نقل التكنولوجيا في مجال الطاقة النظيفة.
وجاء تمويل المشروعات الـ3 عبر الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، بعد عملية تقييم دقيقة أجراها خبراء محليون ودوليون، عكست أهمية توجيه الاستثمارات نحو حلول مبتكرة في قطاع الطاقات المتجددة منخفضة الكربون.
ويؤكد المسؤولون عن البرنامج أن هذه المبادرة لا تقتصر على تمويل بحثي فقط، بل تمثل خطوة عملية لترسيخ مكانة الشراكة الفرنسية-المغربية في الاقتصاد الأخضر، ودعم التحول العالمي نحو طاقة أكثر استدامة.
تفاصيل المشروعات الجديدة
يركز المشروع الأول، "غرين إتش 2 هب" (GreenH2Hub)، على إنتاج الهيدروجين عبر الدمج بين الكتلة الحيوية والتحليل الكهربائي، بما يتماشى مع نهج الاقتصاد الدائري وتثمين الموارد المحلية.
ويشارك فيه علميًا كل من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، ومعهد التكنولوجيا الخضراء، والمدرسة الوطنية العليا للكيمياء بالقنيطرة، إلى جانب شريك صناعي متخصص في حلول الهيدروجين، بحسب ما طالعته منصة الطاقة.
ويسعى المشروع الثاني، DakH2A، إلى تطوير تقنية لإنتاج وقود إلكتروني من الهيدروجين الأخضر وثاني أكسيد الكربون الملتقط من الهواء، عبر تحسين عمليات الالتقاط لخفض التكاليف.
ويقوده معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة من الناحية العلمية، بمشاركة شركتين صناعيتين هما "إم جي إتش إنرجي" (MGH Energy) و"إم جي إتش إنرجي موروكو" (MGH Energy Morocco).

أما المشروع الثالث، "غريت إتش 2" (Great H2)؛ فيتمثل في تطوير أداة تخطيط إستراتيجي عبر منصة نظم معلومات جغرافية ذكية، لتحديد أفضل المواقع لإنتاج الهيدروجين الأخضر، مع نمذجة البنية التحتية اللازمة للتخزين والنقل، ومحاكاة إدماج هذه القدرات في النظام الطاقي سواء للاستعمال المحلي أو التصدير.
ويشرف على المشروع مركز الطاقة الخضراء (Green Energy Park) بالشراكة مع "إنرجي بوول ديفيلوبمنت" Energy Pool Développement وفروعها المغربية.
الهيدروجين الأخضر في المغرب
قال نائب مدير الوكالة الفرنسية للتنمية في المغرب بيرتراند بوتشي، إن هذه المبادرات تمثل أساسًا لتطوير حلول صناعية مشتركة، تعزز السيادة الطاقية وتخدم المستقبل الأخضر عالميًا"، مؤكدًا أن الهيدروجين الأخضر سيكون ركيزة رئيسة في الانتقال الطاقي.
بدوره، أكّد المدير العام لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة سمير رشيدي، أن نقل التكنولوجيا والابتكار التعاوني يمثلان أداة حاسمة لتسريع التحول الطاقي، وتثبيت مكانة البلدين بصفتهما شريكين إستراتيجيين في سوق الجزيئات الخضراء.

القمة العالمية للهيدروجين الأخضر
تزامن إعلان المشروعات مع ختام الدورة الخامسة من القمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته (Power-to-X 2025)، التي انعقدت في مراكش يومي 1 و2 أكتوبر/تشرين الأول 2025، والتي حملت شعار معًا لدفع التحول الطاقي العالمي، وجمعت نخبة من المسؤولين الحكوميين وخبراء الطاقة والفاعلين الصناعيين والأكاديميين.
وخلال الجلسة الختامية، دعا رئيس قسم الكيمياء الخضراء بمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة أيوب حيرت، إلى الانتقال من المشروعات التجريبية إلى منظومات إنتاج متكاملة، مع ضرورة مضاعفة القدرات الطاقية المتجددة 4 مرات.
كما دعا إلى تطوير أدوات تمويل جديدة مثل "عقود الفروقات" و"نماذج الخيار المزدوج"، بما يسهم في خفض تكلفة التمويل بنسبة تصل إلى 30%.
وأشار إلى التحديات المرتبطة بارتفاع التكاليف وعدم وضوح العائدات، داعيًا إلى اعتماد آليات تمويل مختلطة بين القطاعين العام والخاص، مع تعزيز أدوات تقاسم المخاطر، ولا سيما في الأسواق الناشئة.
وأكد أهمية الاستثمار في البنية التحتية، من شبكات طاقة ذكية وتحلية مياه بالطاقة المتجددة، إلى خطوط أنابيب لنقل الهيدروجين ومرافق لتخزين الكربون.
ولفت إلى أن موارد المستقبل لم تعد النفط والغاز، بل الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر، مشيرًا إلى أن المملكة تمتلك فرصًا واعدة في مجال إنتاج الأمونيا الخضراء؛ بما يعزز تنافسيتها الاقتصادية.

نحو مركز إقليمي للطاقة النظيفة
أكّدت القمة والبرامج المصاحبة لها أن الهيدروجين الأخضر في المغرب أصبح خيارًا استراتيجيًا، يفتح المجال أمام شراكات دولية واستثمارات كبرى، ويضع المملكة في مسار التحول إلى مركز صناعي محوري في شمال أفريقيا وأوروبا.
هذا التوجه لا يسهم فقط في خلق فرص عمل وتأهيل الكفاءات، بل يعزز أيضًا مكانة المملكة في خريطة الطاقة العالمية، بوصفها إحدى أبرز الدول الرائدة في تطوير الجزيئات الخضراء.
موضوعات متعلقة..
- تطورات الهيدروجين الأخضر في المغرب.. ماذا قال 4 مسؤولين؟
- 4 مناطق مؤهلة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المغرب (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- لماذا نجحت قمة مناخ في منع اللحم وفشلت أخرى في حظر الفحم؟ (مقال)
- مشروع شل للبتروكيماويات في بنسلفانيا يواجه تحديات مصيرية (تقرير)
- عدد حفارات النفط الأميركية ينخفض للمرة الأولى في 6 أسابيع
- مشروع غاز مسال أفريقي بشراكة خليجية يتخذ خطوة مهمة.. سعته 3.6 مليون طن سنويًا