جدل حول مشروع خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا.. ما القصة؟ (تقرير)
ولاية نيويورك تجاهلت البدائل و تحديات التكاليف
وحدة أبحاث الطاقة – مي مجدي

- لجنة الخدمة العامة في نيويورك تدعم خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا
- اللجنة لم تدرس تكاليف المشروع وتأثيرها في المستهلكين
- المشروع قد يزيد من اعتماد نيويورك على الغاز.
- تجربة تكساس تثبت القدرة على مواجهة الطقس البارد عبر تنويع المصادر
عاد خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا إلى الواجهة بعد قرار لجنة الخدمة العامة في نيويورك (PSC)، التي منحت دعمها لمشروع "نورث إيست سبلاي إكسبانشن" (NESE)، رغم رفضه 3 مرات بسبب المخاوف البيئية.
فقد وافقت اللجنة على الخطة طويلة الأجل المقترحة من شركة "ناشيونال غريد"، وتشمل خطّتها المعدلة -مؤخرًا- خط أنابيب غاز تقوده شركة ويليامز (Williams).
وجاء القرار الذي صدر في 18 سبتمبر/أيلول 2025، أي بعد أسبوعين فقط من إغلاق باب التعليقات العامة، استنادًا إلى مخاوف تتعلق بأمن الإمدادات والموثوقية.
غير أن القرار فتح بابًا واسعًا للجدل حول التسرع في تبنّي مشروع قد يكلّف المستهلكين مليارات الدولارات، ويقيّد خطط نيويورك في خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، بحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
مشروع نورث إيست سبلاي إكسبانشن
ارتكز قرار لجنة الخدمة العامة في نيويورك لدعم مشروع نورث إيست سبلاي إكسبانشن (NESE) -وهو خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا يمتد من بنسلفانيا إلى نيويورك- على تجربة عاصفة "إليوت" في ديسمبر/كانون الأول 2022، التي كادت أن تعطّل خدمات الغاز في المنطقة.
فقد أدى انخفاض درجات الحرارة لما دون الصفر إلى توقُّف بعض مرافق استخراج الغاز ونقله في حقلَي مارسيليوس ويوتيكا، اللذين يغذّيان جنوب نيويورك.
وقدّرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية انخفاض إنتاج الغاز وقتها بأكثر من 6 مليارات قدم مكعبة يوميًا في شمال شرق أميركا.
غير أن معضلة نقص الإمدادات الناجمة عن العاصفة لم تكن في ارتفاع الطلب، بل في أعطال ميكانيكية بنظام إمدادات الغاز منعت وصول الغاز إلى مناطق حيوية مثل بروكلين وكوينز ولونغ آيلاند، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويرى التقرير الصادر عن معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي، أن المشروع يثير مخاوف من تعرُّضه لنقاط الضعف نفسها التي يعانيها نظام إمدادات الغاز الحالي.
ورغم تأكيد لجنة الخدمة العامة في نيويورك أن الخط الجديد سيوفر وصولًا إلى الغاز من منطقة جنوب الخليج عبر شبكة ويليامز، فإن قدرته على مواجهة الانقطاعات في نيويورك بالاعتماد على هذه البنية التحتية ما تزال بحاجة إلى تدقيق وفحص شامل.

ارتفاع تكاليف المشروع
كشف التقرير أن لجنة الخدمة العامة في نيويورك لم تتطرق إلى سيناريو ارتفاع تكاليف المشروع الخاص بتطوير خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا، وتأثيره في المستهلكين.
فقد اكتفت اللجنة بالتأكيد أن المستهلكين يمكنهم مناقشة الأثر في فواتير الغاز خلال جلسة مراجعة الأسعار المقررة عام 2026، لكن بحلول ذلك التاريخ سيكون المشروع قيد التنفيذ، إذ تعتزم شركة ويليامز البدء في البناء هذا العام.
وحال حصول الشركة على التصاريح اللازمة، سيتحمّل المستهلكون -مشتركو ناشيونال غريد- تكاليف المشروع.
وتشير ناشيونال غريد إلى أن تكلفة خط الأنابيب تبلغ 1.064 مليار دولار، لكن التضخم في تكاليف البناء قد يرفعها إلى 1.25 مليار دولار، مع وجود عوامل إضافية قد تزيد التكاليف، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وقد تزيد فاتورة الطاقة الشهرية بنسبة 3.5%، أي بقيمة 7.50 دولار لكل أسرة، بينما تتوقع الشركة توفيرًا في فاتورة الكهرباء يصل إلى 6 مليارات دولار على مستوى الولاية بعد تشغيل الخط، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

نيويورك تتجاهل تجربة تكساس
بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن وقوع تقلبات جوية في المستقبل لن يضرب نيويورك وحدها، بل قد يدفع ولايات عدّة إلى التنافس الشديد على الغاز، ما سيتسبَّب في ارتفاع الأسعار.
ورغم أن ولاية تكساس واجهت عاصفة إليوت ذاتها، فإنها خرجت بأقل الأضرار بفضل برنامج صارم لتجهيز بُنيتها التحتية لاستخراج الغاز ونقله لمواجهة الطقس البارد، إلى جانب اعتمادها على الطاقة المتجددة من الرياح والشمس.
وحذَّر التقرير من أن المشروع سيزيد من اعتماد نيويورك على الغاز، مشيرًا إلى ضرورة تطبيق برامج لتحصين منظومة الغاز ضد الطقس بدلًا من بناء خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا ضخم ومكلف، فضلًا عن خفض الطلب على الغاز من خلال توفير بدائل وتحسين كفاءة الاستهلاك.
وتتضمن خطة ناشيونال غريد توسيع سوق الغاز عبر تحويل المنازل من التدفئة بالنفط إلى الغاز، ما يرسّخ اعتمادها على الوقود الأحفوري، وهذا يتعارض مع أهداف نيويورك في خفض انبعاثات الغاز، ويفاقم المخاطر الصحية الناجمة عن تلوث الهواء داخل المنازل.
وكان مستشار لجنة الخدمة العامة قد صرَّح بأن توقعات شركة ناشيونال غريد بشأن الطلب على الغاز لا تتوافق مع انخفاض استهلاك الغاز المدفوع بكفاءة الأجهزة والبرامج، وطلبت اللجنة من الشركة تحديث توقعاتها في غضون 90 يومًا.
ورغم أن اللجنة لا تملك سلطة لمنح تصاريح المشروع أو رفضها، فإن تقييمها المؤيد قد يؤثّر بقرار إدارة حماية البيئة في نيويورك، التي سبق أن رفضت تطويره 3 مرات.
موضوعات متعلقة..
- أنابيب لنقل الغاز في شمال شرق أميركا.. نشاط البناء ينتعش بعودة ترمب
- إنتاج الغاز في شرق أميركا سيرتفع بنسبة 56% بحلول 2050
اقرأ أيضًا..
- شبكات الكهرباء في الاتحاد الأوروبي تحتاج 560 مليار دولار بحلول 2040 (تقرير)
- واردات الإمارات من الألواح الشمسية الصينية تقفز 102%
- مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية.. مراحل تطور المشروع الإماراتي العملاق (إنفوغرافيك)
المصادر..
- مخاطر دعم تطوير خط أنابيب غاز في شمال شرق أميركا، من معهد اقتصادات الطاقة والتحليل المالي
- تكلفة خط أنابيب الغاز المقترح، من معهد اقتصادات الطاقة
- توقعات بارتفاع فواتير الكهرباء، من نيويورك تايمز