
قال مدير عام شركة تسويق النفط الحكومية "سومو"، علي نزار الشطري: إن "العراق يسبح على بحر من النفط"، حسب تعبيره، مؤكدًا أهمية استثمارها بصورة مباشرة لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز مكانته ضمن مزيج الطاقة العالمي.
وأوضح الشطري، في مقابلة مرئية أجراها مع فضائية "التغيير"، أن مؤشرات جديدة للثروة النفطية بدأت بالظهور في بعض المحافظات، لافتًا إلى أن أحد أبناء محافظة النجف تحدَّث معه عن ظهور النفط هناك، وهو ما يبرهن على وجود رقع استكشافية ذات قيمة إنتاجية عالية.
وأضاف، خلال المقابلة التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أن هذه الرقع ستُطوّر بآليات وزارة النفط، التي تتيح تحديد حجم الاحتياطيات المتوافرة بدقّة.
وأضاف أن هذه الثروة لا تمثّل أهمية محلية فقط، بل تُعدّ جزءًا أساسيًا من مزيج الطاقة العالمي، وكلّما استُثمرت مبكرًا تعاظمت قدرة الاقتصاد العراقي مستقبلًا، مؤكدًا أن استغلال الموارد النفطية يجب أن يتواصل بوتيرة أسرع من السابق.
وبحسب بيانات وحدة أبحاث الطاقة، يُصنّف العراق خامس أكثر دول العالم امتلاكًا للثروات النفطية، إذ يملك احتياطيات نفطية مؤكدة تصل إلى 145.019 مليار برميل، تمثّل نحو 12% من إجمالي احتياطيات منظمة الدول المصدّرة للنفط "أوبك".
إنتاج النفط في العراق
قال الشطري، إن إنتاج النفط في العراق يبلغ حاليًا نحو 4 ملايين برميل يوميًا، يُصدَّر معظمها من الحقول الجنوبية، على أن يُضاف إليها نحو 190 ألف برميل يوميًا من نفط إقليم كردستان، بعد توقيع اتفاقية تسليم الإنتاج كاملًا إلى شركة تسويق النفط الحكومية "سومو".
وأضاف أن الطاقة التخزينية في البصرة تبلغ نحو 10 ملايين برميل، مع خطط لتوسعتها من خلال خزانات جديدة في الفاو، غير أن القدرة التصديرية والتخزينية ما تزال أقل من الطموحات التي حددتها بغداد سابقًا عند 12 مليون برميل يوميًا.
وفي سياق متصل، وحول آلية تصدير نفط كردستان، أكد أنه سيُضَخ عبر ميناء جيهان التركي ضمن اتفاقية الأنبوب العراقي–التركي، وبالأسعار الرسمية المعتمدة لشركة سومو، من دون حسومات أو استثناءات، إذ تُحدَّد وفق أسعار السوقين الأوروبية والأميركية.
تكرير النفط في العراق
تحدث الشطري عن التوسع في التكرير بدلًا من تصدير الخام فقط، مشيرًا إلى أن عقودًا جديدة وُقِّعت لبناء مصافٍ، منها مصفاة الفاو بطاقة 300 ألف برميل يوميًا، ومصفاة ذي قار بطاقة 140 ألف برميل، فضلًا عن مصفاة كربلاء -التي وصفها بأنها "الأكثر تعقيدًا في المنطقة"-، وتنتج مشتقات مطابقة لمواصفات "يورو 5".
وأوضح أن هذه الخطوات قلّصت الحاجة إلى استيراد الوقود، وأوقفت استيراد الغاز بشكل كامل، بالإضافة إلى زيادة إنتاج المشتقات النفطية محليًا.
وفي سياق متصل، أشار مدير عام شركة سومو إلى أن النفط الأسود أصبح موردًا ماليًا مهمًا للبلاد، إذ تجاوزت الكميات المصدّرة منه مليون طن شهريًا، ويُباع حاليًا بسعر يناهز 400 دولار للطن، وهو أعلى بكثير من سعر الخام.
وبيّن أن مجلس الوزراء وافق على تصديره إلى المواني العالمية لتجنُّب الاختناقات في الخليج العربي، والحصول على أسعار أفضل.
وقال، إن مصفاة كربلاء تستهلك النفط الأسود الثقيل لتُنتج البنزين والغاز والكيروسين، وعَدّها "درّة المصافي العراقية".
في المقابل، أكد أن المصافي البسيطة المنتشرة في بعض المحافظات لا تحقق الاستغلال الأمثل، وأنه يجب استبدال مصافٍ معقّدة بها، تتيح إنتاج مشتقات عالية القيمة.
اتفاقية خط الأنابيب العراقي-التركي
تطرّق الشطري إلى ملف تجديد اتفاقية خط الأنابيب العراقي-التركي، مبيّنًا أن المفاوضات ستبدأ في يوليو/تموز 2026.
ولفت إلى أن الوضع السابق كان يجعل نفط إقليم كردستان نقطة ضعف، لأنه يُنتَج من دون أن يُصدَّر عبر المنظومة الرسمية، أمّا اليوم فإنه يُنتَج ويُصدَّر معًا، وهو ما يعزّز الموقف التفاوضي لبغداد، ويجعل الجانب التركي أكثر ترحيبًا بالتعاون.
وأوضح أن صادرات الإقليم تتوجه أساسًا إلى أوروبا عبر ميناء جيهان التركي، مع إمكان وصولها إلى بحر الشمال وأميركا الشمالية والجنوبية وفق الفرص التجارية، مشيرًا إلى أن شركة سومو تصدر تسعيرة شهرية لخام كركوك مخصصة لتلك الأسواق.
وأضاف أن تنويع إنتاج النفط في العراق بين الخفيف والمتوسط والثقيل يمنح البلاد مرونة لوجستية، ويعزز موقعها في الأسواق العالمية، ولا سيما مع الطلب المتزايد من أوروبا وأميركا على هذه الأنواع.
وردًا على سؤال بشأن طبيعة خام إقليم كردستان، قال، إنه نفط متوسط حامضي عالي الكبريت، يشبه خام البصرة المتوسط، ولا يتطابق مع النفط الصخري الأميركي الخفيف الذي يختلف جيولوجيًا في التكوين والإنتاج والتكلفة.

سوق النفط
تطرَّق الشطري إلى أسعار النفط العالمية، موضحًا أن السوق حاليًا متأثرة بالعوامل السياسية والجيوسياسية أكثر من الأساسيات.
وأضاف: "السوق "قابلة للكسر"، لكنها مدعومة بأساسيات قوية نتيجة التحسن الاقتصادي العالمي، مشيرًا إلى أن عودة نفط كردستان لم تُحدث أثرًا سلبيًا، لأنه احتُسب ضمن حصة العراق في منظمة أوبك.
واستذكر الحقبة الزمنية ما بين عامي 2015-2019 حين هبطت الأسعار إلى مستويات متدنية، وقال، إن ذلك أثّر في قدرة البلاد على الاستثمار، لكنه رغم ذلك تجنّب تقديم حسومات كبيرة، وحافظ على أسعار مقبولة، لكنها لم تكن كافية لتطوير قطاع النفط.
وأضاف أن الموازنة العراقية ما زالت مثقلة، إذ إن نحو 70% منها يذهب إلى الإنفاق التشغيلي، ما يجعل البلاد بحاجة إلى أسعار أعلى لتحقيق القيمة العادلة للنفط.
موضوعات متعلقة..
- احتياطيات النفط والغاز في العراق.. إعلان أحدث الأرقام رسميًا
- إنتاج العراق من النفط بعد انتهاء التخفيضات الطوعية.. كم سيبلغ في 2026؟
اقرأ أيضًا..
- خطة لرفع إنتاج النفط النيجيري إلى 2.5 مليون برميل يوميًا
- إنتاج النفط الأميركي يسجل ثالث رقم قياسي خلال 2025
- وعد بانخفاض انبعاثات الصين 10% بحلول 2035.. هل يتحقق؟ (تقرير)
- أكبر مشروع هيدروجين أخضر في النمسا يبدأ البناء
المصدر: