تكلفة إنتاج النفط في العراق "صادمة".. وحقل يقترب من 40 دولارًا
سامر أبووردة

كشفت شركة تسويق النفط الحكومية "سومو"، عن تفاوت كبير في تكلفة إنتاج النفط في العراق بين مختلف الحقول، وسط بيانات صادمة قد توضح لاحقًا مدى جدوى استمرار الإنتاج.
ووفقًا لمقابلة تلفزيونية عبر فضائية "التغيير" العراقية، مساء 29 سبتمبر/أيلول 2025، قال مدير عام "سومو" علي نزار الشطري، إن التكلفة تصل في بعض المناطق إلى مستويات مرتفعة تقارب 40 دولارًا للبرميل، في حين لا تتجاوز دولارًا ونصف الدولار أو دولارين في بعض الحقول الأخرى.
وأوضح، أن حقل بدرة النفطي يُعَد من بين الحقول الأعلى تكلفة، إذ تصل تكلفة إنتاج البرميل فيه إلى نحو 37 دولارًا، وهو رقم صادم مقارنةً بالمتوسطات المعتادة في البلاد.
وأكّد -حسب المقابلة التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن هذا التفاوت في تكلفة إنتاج برميل النفط العراقي، يعكس طبيعة الإنتاج والخصائص الجيولوجية المختلفة للحقول، الأمر الذي ينعكس مباشرة على التكلفة النهائية.
وأضاف أن بعض الحقول في البصرة تُنتج النفط بتكلفة منخفضة جدًا، إذ لا تتجاوز دولارًا ونصف الدولار أو دولارَين للبرميل الواحد، وهو ما يمنح العراق ميزة نسبية كبيرة عند دمج هذه الكميات منخفضة التكلفة مع إنتاج الحقول مرتفعة التكلفة مثل بدرة، لتبقى الحصيلة النهائية ذات جدوى اقتصادية عالية.
تكلفة إنتاج برميل النفط العراقي
في معرض حديثه عن تكلفة إنتاج برميل النفط العراقي، لفت الشطري إلى أن طبيعة الحقول هي العامل الأساسي في التباين الكبير بين التكاليف.
فبينما تصل التكلفة في حقل بدرة إلى 37 دولارًا، لا تتجاوز في بعض حقول البصرة دولارين للبرميل، مؤكدًا أن وزارة النفط تركز على تعزيز إنتاج الحقول منخفضة التكلفة وعالية الجدوى الاقتصادية، مع الإبقاء على حد أدنى من الحقول مرتفعة التكلفة ضمن مزيج الإنتاج.
وبيّن أن دمج إنتاج الحقول كافّة يتيح تحقيق توازن اقتصادي يغطي التكاليف المرتفعة، ويمنح العراق هامش ربح قويًا، ما يعزز موقفه التفاوضي داخل منظمة أوبك وخارجها.

تكلفة إنتاج النفط في إقليم كردستان
أشار الشطري إلى أن تكلفة إنتاج النفط في إقليم كردستان، وفق التقديرات الرسمية التي اعتُمدت في الموازنة، بلغت 16 دولارًا للبرميل، تشمل الإنتاج والنقل معًا، مبينًا أن هذا الرقم ما زال تخمينيًا، على أن يُراجع لاحقًا بواسطة استشاري دولي محايد، قد يُخفض التكلفة أو يرفعها تبعًا للظروف الواقعية.
وأوضح أن التقديرات النهائية ستُعتمد بعد مراجعة العقود والحقول كافّة، وسيجري التعويض بأثر رجعي منذ تاريخ تسلّم أول برميل نُقل من الإقليم، وهو ما بدأ فعليًا في 27 سبتمبر/أيلول الجاري.
وأكد أن الهدف من إشراك استشاري دولي لا يرتبط بضعف الخبرات العراقية، بل يعزز الشفافية ويمنح مصداقية أكبر أمام الشركات العالمية، وهو ما يطمئن الأطراف جميعها إلى حيادية عملية احتساب التكلفة الحقيقية.

صادرات العراق من النفط
حول مستويات إنتاج النفط في العراق وصادراته، قال الشطري إن العراق يُنتج حاليًا نحو 4 ملايين برميل يوميًا، معظمها من الحقول الجنوبية، على أن يُضاف إليها نحو 190 ألف برميل يوميًا من إقليم كردستان ضمن الاتفاق الجديد.
وأوضح مدير عام شركة "سومو" أن هذه الكميات مرشحة للزيادة مستقبلًا، مع استمرار تشغيل الحقول وتوسيع طاقاتها.
وأضاف أن الطاقة التخزينية في البصرة تبلغ نحو 10 ملايين برميل، وتعمل الوزارة على زيادتها عبر مشروعات إضافية في ميناء الفاو.
لكنه أقرّ بأن القدرة التصديرية ما زالت أقل من الطموحات التي كانت تسعى للوصول إلى 12 مليون برميل يوميًا.
اتفاقية تاريخية
حول الاتفاق الثلاثي الأخير بين الحكومة الاتحادية في بغداد وإقليم كردستان والشركات المنتجة، وصف الشطري الاتفاق بالتاريخي، مشددًا على أنه يختلف عن التفاهمات السابقة جميعها؛ لأنه يستند إلى أسس مهنية ووطنية بعيدًا عن الخلافات السياسية.
وأوضح أن الاتفاق أسفر عن تسليم كميات النفط المُنتَجة في كردستان كاملة إلى الجهات الوطنية المعنية، لتوزع بين الاستهلاك المحلي والتصدير للأسواق العالمية عبر شركة "سومو".
وأضاف أن هذه الخطوة تمثّل المرة الأولى منذ سنوات طويلة التي يدخل فيها نفط الإقليم ضمن منظومة التصدير الرسمية، بما يعكس الحجم الطبيعي لإنتاجه في السوقَين الأوروبية والأميركية بأسعار عادلة للمنتِج والمستهلك.
وبيّن أن الاتفاق يمنح الشركات العاملة في الإقليم والحكومة المحلية ضمانات واضحة لحقوقها، سواء عبر النصوص الدستورية التي تؤكد أن النفط والغاز ملك للشعب العراقي، أو عبر بنود العقد الثلاثي الموقّع بين الأطراف، الذي يؤمّن توزيع العائدات بصورة منظمة.

ارتباط الاتفاق بالموازنة
حول مدة الاتفاق، أوضح الشطري أنه يستند إلى قانون الموازنة الثلاثي الممتد بين 2023 و2025، وقد حُددت مدته الحالية بثلاثة أشهر فقط تنتهي بنهاية العام الجاري 2025.
لكنه شدد على أن أسس الاتفاق راسخة وقابلة للاستمرار والتجديد، مضيفًا: "صحيح أن المدة المعلنة قصيرة، لكنها ليست تجربة مؤقتة، بل أساس لاتفاقيات أطول أمدًا".
وأشار إلى أن الإيرادات الناتجة من صادرات نفط الإقليم ستدخل مباشرة إلى حساب البنك المركزي العراقي في البنك الفيدرالي الأميركي، أسوةً بواردات نفط البصرة، وهو ما يعزّز وحدة المنظومة المالية للقطاع النفطي. كما أن الإقليم سيحصل على "البترودولار" مثل أي محافظة منتجة أخرى.
انعكاسات اقتصادية
بشأن الفوائد الاقتصادية للاتفاق، شدد الشطري على أنه يُسهم في تنشيط الموازنة الاستثمارية للعراق، ويفتح الباب أمام استقطاب مزيد من الشركات الأجنبية للاستثمار في قطاعات الطاقة المختلفة.
وأشار إلى تصريحات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخرًا، الذي أكد أن العراق أرض خصبة للاستثمار في الجوانب النفطية وغير النفطية على حد سواء.
وأكد أن الاتفاق الجديد يضمن موارد منتظمة تُسهم في تغطية النفقات التشغيلية، التي تمثّل نحو 70% من الموازنة، مع تعزيز قدرة الدولة على تمويل مشروعات البنية التحتية والتنمية.
الخلاصة..
على ذلك، يظهر أن إنتاج النفط في العراق ليس مجرد أرقام إنتاج وصادرات، بل هو مزيج معقد من تفاوت التكاليف، وتوازنات سياسية واقتصادية، واتفاقات تاريخية بين بغداد وأربيل، تجعل من كل برميل نفط عراقي قصة لها أبعادها المحلية والإقليمية والدولية.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج النفط في العراق ينتعش بزيادة جديدة من حقلي الناصرية والصبة
- إنتاج النفط في العراق يتجاوز مستهدف أوبك+ خلال يوليو (تقرير)
- حقل الفيحاء يدعم إنتاج النفط في العراق بـ100 ألف برميل يوميًا
اقرأ أيضًا..
- أسعار البنزين في الأردن لشهر أكتوبر 2025 تعود للارتفاع
- منصة حفر عمرها 35 عامًا "حجر أساس" لمشروع الغاز المسال في الكونغو
- فشل صفقة لبناء 4 ناقلات نفط
المصدر: