أنس الحجي: أسعار النفط وأوبك لن تتأثرا باستئناف تصدير خام كردستان
أحمد بدر

تعالت التساؤلات -والمخاوف- بشأن إمكان تأثر أسعار النفط العالمية، مع عودة نفط كردستان العراق إلى الأسواق، بعد سريان اتفاق تصدير الخام باتجاه ميناء جيهان التركي، وكذلك حول موقف منظمة أوبك وتحالف أوبك+.
وفي هذا السياق، يوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن الاتفاق الأخير لم يترك أثرًا جوهريًا في الأسعار، لأنه في واقعه لم يضف أي إنتاج جديد.
بل الواقع، وفق الحجي، أن هذا الاتفاق الذي بدأ تطبيقه، أعاد توزيع صادرات نفط كردستان العراق من وجهات إلى أخرى، ومن ثم، فإن منظمة أوبك وتحالف أوبك+ -بدورهما- لم يتأثرا به أو بعودة الصادرات باتجاه تركيا.
وأوضح أن مؤسسات المراقبة الدولية كانت تحسب إنتاج كردستان ضمن إنتاج العراق في الأصل، وهو ما يجعل الأرقام الرسمية الجديدة مجرد تصحيح للمسار وليس زيادة فعلية؛ لذلك لا يمكن الحديث عن أثر مباشر في توازنات أوبك أو في أسعار النفط.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدّمها أنس الحجي على مساحات منصة التواصل الاجتماعي "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان: "آثار عودة ضخ النفط من شمال العراق عبر تركيا في أوبك وأسواق النفط".
نفط كردستان العراق في الأسواق
قال أنس الحجي إنه كانت هناك حالة من الاستيعاب لنفط كردستان العراق في الأسواق، عبر قنوات التهريب، وذلك قبل الاتفاق بين العراق وتركيا، وهو ما يشير إلى أن أسعار النفط لن تتأثر بالاتفاق؛ لأنه لا يوجد إنتاج جديد، وما يُضخّ كان موجودًا بالفعل من قبل.
وأضاف: "أما بالنسبة إلى الأسعار، فقد ظهر الأثر في الفروقات بين الخامات تبعًا للجودة والموقع، لكنه لم ينعكس على منحنى أسعار النفط العام، كما أن جزءًا من إيرادات كردستان يذهب حاليًا إلى سداد ديون الشركات، ما يقلل من المكاسب المباشرة للإقليم".

ولفت مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة إلى أن الأموال الخاصة بسداد ديون الشركات تُودع في حساب خاص بنيويورك تحت إشراف الحكومة العراقية، قبل أن تُوزّع نسبة الـ17% منها، وفق ما تنص عليه نصوص الدستور العراقي الجديد.
ويرى الحجي أن هذه الترتيبات تجعل أربيل أقل استفادة مما كانت تحققه سابقًا عبر التهريب؛ إذ كانت تحصل على كامل العوائد رغم أسعار النفط المنخفضة، ولكنها في الوقت الحالي أصبحت مرتبطة بالتزامات مالية صارمة.
وشدّد على أن أي تأثير محتمل في أوبك أو أسعار النفط لن يظهر إلا إذا ارتفع إنتاج النفط الخام الكلي للعراق بصورة ملحوظة في المستقبل، وهو الأمر الذي يحتاج إلى استثمارات جديدة وزيادة فعلية في الطاقة الإنتاجية، وهو أمر بعيد المدى.
وخلص الحجي إلى أن الأثر الحالي شبه معدوم، سواء في أوبك أو أسعار النفط، في حين نفط كردستان العراق سيبقى ملفًا سياسيًا أكثر منه اقتصاديًا، مع احتمالات دائمة للتقلبات تبعًا لتغير موازين القوى الإقليمية والدولية.
قصة المليار دولار
ردًا على سؤال حول إمكان دفع مقابل الخام الكردي بـ"النفط"، بالإضافة إلى سؤال آخر بشأن مخاوف العراقيين من انخفاض أسعار النفط، قال أنس الحجي إن هناك مبلغًا يُقدّر بنحو مليار دولار يتعيّن دفعه للشركات العاملة، سواء كان الدفع نقدًا أو بطرق أخرى.
وأوضح أن هذه الشركات ستستمر في بيع النفط تحت مختلف الظروف، والاتفاق مع الحكومة العراقية يقضي بإنتاج جزء من النفط لصالحها، وهو الذي يُضخ في الأنبوب، أما شركتا "دي إن أوه" و"جنيل" فقد رفضتا وضع حصتهما في الأنبوب، وفضلتا بيعها في السوق المحلية لجدواها الاقتصادية.
وأكد أن الاتفاق الحالي لا يُعدّ حلًا نهائيًا، بل اتفاق مؤقت يخضع لاعتبارات عديدة، كما أن جزءًا من إنتاج الشركتَيْن -يقدَّر بنحو 50 ألف برميل يوميًا- قد يُوجَّه إلى الاستهلاك المحلي لضمان استقرار إيراداتهما، وهدف بعض هذه الشركات هو تحقيق استدامة مالية أكبر، خصوصًا أن السوق المحلية قد توفر عوائد أعلى من التصدير عبر الأنبوب.
لكنه شدد على أن طبيعة الاتفاق المؤقت تُبقي الباب مفتوحًا أمام تغييرات مستقبلية، لافتًا إلى أن اعتماد حكومة العراق على هذه الإيرادات يجعل أي خلل في الترتيبات مؤثرًا في موازنتها العامة، وهو ما يفسّر حرص بغداد على ضمان تدفقات نفط كردستان عبر قنوات رسمية.
أسعار النفط لن تتأثر
حول المخاوف من تراجع أسعار النفط، أوضح أنس الحجي أن السبب الأساسي لا يرتبط بالاتفاق النفطي مع كردستان، بل بالسياسات الاقتصادية التي تبنّتها الولايات المتحدة خلال فترة الرئيس دونالد ترمب، التي أضعفت معدلات النمو.
وأضاف أن هذه السياسات غير المتوقعة -خاصة في ملفَي التعليم والهجرة- بجانب الحروب التجارية، أسهمت في تراجع الطلب على النفط، وكان الأثر الأكبر في الصين والهند، وهو ما انعكس على مسار أسعار النفط.
وأشار إلى أن قرار بعض أعضاء مجموعة الـ8 في أوبك+ بزيادة الإنتاج أسرع من المخطط أسهم بدوره في خفض أسعار النفط، كما أن العراق وقازاخستان لم يلتزما بحصصهما، ما زاد الضغوط على السوق.
وبيّن خبير اقتصادات الطاقة أن التخفيضات الطوعية التي نفذتها السعودية، بما يعادل مليون برميل يوميًا فوق حصتها الرسمية، كانت تضحية كبيرة، لكنها ساعدت في التخفيف من حدة هبوط أسعار النفط خلال الأشهر الماضية.
وأكد أن النفط ليس سلعة سريعة التلف، وأن خفض الإنتاج يمكن أن يحقّق عوائد أعلى ويحافظ على الموارد للأجيال المقبلة، لكن دولًا مثل العراق ما زالت تتعامل مع النفط بصفته سلعة يجب تصريفها بسرعة.
والمشكلة الجوهرية هنا، وفق الحجي، في نظر كثيرين ليست مرتبطة فقط بزيادة الإنتاج، بل بعدم التزام العراق تاريخيًا بالحصص المتفق عليها داخل أوبك، ما أسهم في تعقيد وضع السوق وإضعاف استقرار أسعار النفط.
واختتم تصريحه بتأكيد أنه لا يتوقع هبوطًا كبيرًا في أسعار النفط خلال المدة المقبلة، مرجحًا بقاءها عند مستوياتها الحالية، رغم التحديات المالية الكبيرة التي تواجه العراق في مجالات البنية التحتية والخدمات.
موضوعات متعلقة..
- كيف تؤثر عودة نفط كردستان العراق في الأسواق العالمية؟ تقرير يجيب
- هل تريد أوبك رفع أسعار النفط؟.. وهذا الرقم يضر دول الخليج (تقرير)
- تقرير أميركي يرفع توقعات أسعار النفط في 2025.. ويثبّت تقديرات 2026
اقرأ أيضًا..
- تكلفة إنتاج النفط في العراق "صادمة".. وحقل يقترب من 40 دولارًا
- تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة بتمويلات صينية يجذب دولًا عربية (تقرير)
- تحديات الطاقة المتجددة في الهند تتزايد.. 50 غيغاواط تنتظر الربط بالشبكة (تقرير)
المصدر..