احتجاز الكربون وتخزينه رهان عالمي لا يخلو من تحديات (تقرير)
أسماء السعداوي

يومًا بعد يوم، تكتسب مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) بقطاع الطاقة زخمًا بفضل مساعي خفض الانبعاثات الرامية للوفاء بمستهدفات المناخ.
وحاليًا، توجد 50 منشأة لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه حول العالم، علاوة على 628 أخرى ما زالت قيد التطوير، مع توقعات بوصول السعة إلى نحو 430 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030، وفق أحدث البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ومن النفط والغاز إلى مصافي التكرير والهيدروجين، لاقت التقنية دعمًا ضريبيًا وماليًا من حكومات المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليًا مؤخرًا؛ لكي تصبح المشروعات مُجدية من الناحية التجارية.
وبعيدًا عن أهميتها المناخية، تكافح التقنية الناشئة وسط بحر من التحديات التنظيمية والمالية والمجتمعية والتقنية، وهو ما يتطلب دعمًا أكبر؛ أملًا في أن يخفض الانتشار التكاليف ويوسّع نطاق الوصول للأسواق.
أهمية احتجاز الكربون وتخزينه
تعتمد فكرة احتجاز الكربون وتخزينه على فصل غاز ثاني أكسيد الكربون قبل خروجه من مداخن منشآت الطاقة، حيث يجري ضغطه ثم شحنه، وعادةً ما يكون ذلك عبر خطوط الأنابيب لدفنه في مواقع تخزين في باطن الأرض أو البحر.
ويمكن إضافة التقنية للمنشآت من خلال طريقتين: إمّا إدخال تعديلات على موقع قائم، أو إنشاء مرافق جديدة بالكامل لاحتجاز الكربون وتخزينه.

وتؤدي التقنية دورًا مهمًا في خفض انبعاثات الطاقة العالمية، وهو أحد أهداف اتفاقية باريس للمناخ التي تستهدف الحفاظ على درجة حرارة الأرض عند 1.5 مئوية؛ إذ إن ثاني أكسيد الكربون المُنتج من حرق الوقود الأحفوري -ولا سيما محطات الكهرباء- يحبس الحرارة بالقرب من الأرض، وقد يبقى بالغلاف الجوي لمئات السنين.
يتزامن ذلك مع توقعات وكالة الطاقة الدولية (IEA) ارتفاع استهلاك الكهرباء عالميًا بنحو 4% سنويًا بحلول نهاية عام 2027، بدعم من الطلب من مراكز البيانات ومكيفات الهواء وتحوّل الدول النامية إلى الصناعة.
وفي الولايات المتحدة تحديدًا، أسهم قطاع الكهرباء خلال عام 2023 بـ33% من استهلاك الطاقة الأولية، وأضاف نحو 30% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن توليد الكهرباء، حيث أسهم الغاز بتوليد 50% من تلك الانبعاثات والفحم 49%.
وبدعم من ذلك، أصبحت مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه محط اهتمام مطوري مشروعات تصدير الغاز المسال والهيدروجين ومشتقاته والنفط والغاز ومصافي التكرير والبتروكيماويات.
احتجاز الكربون وتخزينه في أرقام
حتى نهاية عام 2024 الماضي، كان هناك 50 منشأة لاحتجاز الكربون وتخزينه حول العالم، بالإضافة إلى 628 أخرى قيد التطوير في قطاع الكيماويات والإيثانول والأمونيا والأسمدة والغاز الطبيعي والميثان، وقطاعات تكرير النفط وتوليد الكهرباء بالفحم والغاز والتدفئة وتحويل النفايات إلى طاقة، والقطاعات صعبة الكهربة مثل الأسمنت والأسمدة والصلب والحديد.
ومن المتوقع أن تتضاعف سعة تلك المنشآت إلى أكثر من 100 مليون طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون فور دخول المنشآت قيد التطوير إلى حيز الخدمة.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية وصول سعة احتجاز الكربون إلى نحو 430 مليون طن سنويًا، مع زيادة سعة التخزين (10% مقارنة بالتقديرات السابقة) إلى 670 مليون طن وذلك بحلول عام 2030.
واعترافًا بدور التقنية في إزالة الكربون من قطاعَي الطاقة والكهرباء، تقدّم الولايات المتحدة إعفاءً ضريبيًا قدره 85 دولارًا للطن بموجب الائتمان الضريبي (45Q)، وهو حافز ضريبي للشركات مقابل احتجاز كمية محددة من الكربون.
كما قدّمت حكومة المملكة المتحدة حزمة تمويلية بقيمة 21.7 مليون دولار على مدار أكثر من 25 عامًا لمشروعات احتجاز الكربون وتخزينه.
وفي أستراليا، قدّمت الحكومة مِنحًا تصل قيمتها إلى 25 مليون دولار أسترالي (16.5 مليون دولار أميركي) للمشروعات التجريبية وقبل التجارية، بالإضافة لإعفاءات ضريبية.
يُشار هنا إلى أن الولايات المتحدة جاءت في المركز الأول بين الدول صاحبة أعلى سعة لمشروعات احتجاز الكربون واستعماله وتخزينه عالميًا خلال العام الماضي (2024) عند 24.1 مليون طن، في حين جاءت أستراليا بالمرتبة الثالثة عند 5.7 مليون طن.
ويوضح الرسم البياني التالي -الّذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- نمو سعة مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه واستعماله عالميًا بنهاية عام 2024:
تحديات احتجاز الكربون وتخزينه
تتزايد متطلبات إزالة الكربون من مشروعات الطاقة والكهرباء، سواء من أجل السُمعة، أو لأهميتها على الصعيد المناخي، لكن مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه تواجه تحديات، أبرزها:
- جاهزية الشركات لتبنّي التقنية.
- إقامة مرافق بنية أساسية مثل خطوط الأنابيب.
- مواجهة خطر تسرّب ثاني أكسيد الكربون.
- المخاوف بشأن استعمال الأراضي للتخزين.
- العقبات التنظيمية والقبول المجتمعي.
- محدودية سعة التشغيل حاليًا مقارنةً بالأهداف.
- العقوبات في حالة عدم الامتثال لضوابط الانبعاثات.
- ارتفاع تكاليف التشغيل.
- عدم اليقين حول مستقبل الكربون المُخزّن.
- تركّز غالبية المشروعات في أميركا الشمالية وأوروبا.
لكن التبني الأوسع نطاقًا للتقنية ونمو الاستثمارات قادران على تعزيز إمكانية الوصول للتقنية وتحقيق وفورات في التنفيذ ودفع الابتكارات التي تخفض الأسعار وتشجع على التوسع.
موضوعات متعلقة..
- احتجاز الكربون وتخزينه في بريطانيا.. 4 مشروعات بحرية تحظى بدعم حكومي
- أول مشروع لاحتجاز الكربون وتخزينه بحريًا في الصين.. نقلة لصناعة النفط
- سعة احتجاز الكربون وتخزينه ترتفع إلى 51 مليون طن بنهاية الربع الأول
اقرأ أيضًا..
- أسعار الأمونيا تقفز لأعلى مستوى في 2025.. ومعاناة للحصول على شحنة
- أكبر الدول العربية المستوردة للمنتجات النفطية الروسية.. المغرب يرفع وارداته 86%
- بعد فشل صفقة الغاز.. 4 حلول ذهبية يفرِّط فيها العراق (مقال)
- هل تريد أوبك رفع أسعار النفط؟.. وهذا الرقم يضر دول الخليج (تقرير)
المصدر: